يرى الخبير الاقتصادي، عبد الرحمن هادف، أن توجه الجزائر كان سليما واستشرافيا، لأنه مكنها من التموقع في رواق صحيح، سمح لها بالحفاظ على المكتسبات الاجتماعية وتعزيزها أكثر من مرحلة أخرى، وفي نفس المسعى، خصّت عملية بناء الثروة بسواعد الجزائريين ومهاراتهم، بنفس الاهتمام والدعم، فانعكست النتائج الإيجابية وأثبتت المؤشرات أن الجزائر انطلقت بسرعة وثقة ونجاح..
اعتبر الخبير الاقتصادي عبد الرحمن هادف، أن تعزيز المكتسبات الاجتماعية وتقوية الجبهة الاجتماعية، أدرجت في صلب الاهتمام، وجاءت كأحد أهم الخيارات الإستراتيجية المتخذة بإرادة قوية من طرف الحكومة منذ سنة 2020، حيث سجلت في ظرف تزامن التحولات التي عرفتها الجزائر، وفي إطار السياق العالمي المتأثر بتداعيات سلسلة من الأزمات على غرار الأزمتين الصحية والأمنية، وتأثيراتهما الكابحة لسلاسل الإمداد والتوريد، رغم أن بلدان كبيرة ومتطورة شهدت اضطرابات لا يستهان لها. مؤكدا - في السياق - أن السلطات الجزائرية، تحركت بسرعة وتبنت سياسات رشيدة تطابقت مع ما يتطلبه الظرف الحاسم، وهذا ما أدى إلى استقرار الجبهة الاجتماعية بشهادة المتتبعين، لأن الجزائر عبر اتخاذ جملة من الإجراءات الاستعجالية، تحكمت في الوضع في سنتي 2020 و2021، وخاصة بفضل الإصلاحات التي باشرها رئيس الجمهورية في الجانب السياسي والاجتماعي، وهذا كله بعث برسائل إيجابية طمأنت الجبهة الاجتماعية.
الزيادة في الأجور ..
لم يكن اتخاذ القرار الصواب لمنع تداعيات آثار الأزمة الخارجية في معزل عن رؤية حصيفة لإرساء تنمية شاملة وقوية، بحسب الخبير الاقتصادي، لأن الدعم الاجتماعي رافقته ثورة حقيقية في إصلاح المنظومة الاقتصادية، ووضع الآلة الانتاجية في سكتها الصحيحة، وأكد الخبير هادف، أنه تم تجسيد رؤية لمشروع مجتمعي حقيقي تماشيا مع التزامات رئيس الجمهورية خاصة في شقها الاقتصادي والاجتماعي.
ويرى الخبير أنه في الوقت الراهن وبعد انقضاء أربع سنوات، يمكن الحديث عن تحقيق إنجازات كبرى، بعد أن دخلت الجزائر مرحلة جني مكاسب هذه الإصلاحات، وبفضل ما تبنته من خيارات إستراتيجية، تم تجسيدها وفق نظرة وتعليمات رئيس الجمهورية، وبفضل السياسات الحكيمة، تمكنت من تجاوز الأزمات ونجحت في تعزيز الجبهة الاجتماعية، رافعة من سقف المكتسبات الاجتماعية، مما سمح ببلورة نظرة جديدة برزت معها كذلك صورة جديدة للجزائر داخليا وخارجيا، والأهم من ذلك، أوضح الخبير استعادة ثقة الجبهة الاجتماعية المتطلعة للمساهمة في بناء الجزائر الجديدة وتشييد مرحلة فارقة في تاريخ الجزائر.
وجاءت الزيادة في الأجور في وقت مناسب ومنعرج حساس، فحظيت بتقدير كبير من طرف الجبهة الاجتماعية، وخلال تعريج الخبير على هذا الشقّ المدرج ضمن أولويات رئيس الجمهورية في الجزائر الجديدة، وخصه بكثير من الاهتمام، قال هادف إنه جاء تماشيا مع الإصلاحات الاقتصادية المجسدة من طرف الحكومة، وجاءت بطبيعة الحال لتجسيد التزامات رئيس الجمهورية، تم اتخاذ إجراءات تاريخية مهمة ومباشرة لم يسبق لها مثيل، ويتعلق الأمر برفع أجور الموظفين وتحيين معاشات المتقاعدين ومراجعة الضريبة على إجمالي الدخل، في ظل الحرص المتواصل من أجل تحسين الظروف المهنية وتحسين الظروف المعيشية للمواطن الجزائري.
الاستثمار والاستهلاك.. محركّان أساسيان
ولم يخف الخبير هادف أن هذه الجهود سجلت أثارا إيجابية على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي، على خلفية أن جميع قوانين المالية التي تم إعدادها في السنوات الأربعة الأخيرة، تضمنت كثيرا من المزايا، بهدف تعزيز المكتسبات الاجتماعية من رفع للأجور وتحويلات اجتماعية معتبرة، وهذا ما رسخ التشبث بالطابع الاجتماعي للدولة الجزائرية، علما أن رئيس الجمهورية، أكد على هذا الخيار الذي لا رجعة فيه، في العديد من تصريحاته.
وبدأ الخبير واثقا أن المنظومة الاقتصادية تقوم على الطابع الاجتماعي، في وقت تتحرك الجزائر بخطوات واثقة في مسار محدّد لتأسيس نظام اقتصادي متنوّع ومستدام، يرتكز على نمط اجتماعي خاص بالمجتمع الجزائري، وينتظر أن تكون له آثاره الإيجابية على صعيد تعزيز المكتسبات الاجتماعية.
ووقف الخبير عند محركين أساسيين للمنظومة الاقتصادية، والمتمثلة في الاستثمار والاستهلاك، على اعتبار أن قرار تعزيز القدرة الشرائية من خلال رفع الأجور، من شأنها الرفع من حجم الاستهلاك، ومن أجل ذلك يتطلع من خلال ذلك أن تبلغ الجزائر مستوى جديد في بناء الثروة، لأنها تشهد تحولا اقتصاديا حقيقيا قائما على إصلاحات هيكلية، والهدف منها التغيير في نموذج النمو، وهذا سيسمح باستغلال أكبر المقومات ومختلف الثروات المتاحة ودون شك النتائج ستكون اقتصادية واجتماعية عبر تحسن المستوى المعيشي للمواطن.
وفي قراءة متأنية لتقرير البنك الدولي وتقارير أخرى صادرة عن الهيئات الدولية، أفاد الخبير هادف أنها تقارير إيجابية ومحفزة لتدفق الاستثمار ورؤوس الأموال على الاقتصاد الجزائري، معتبرا أن القوة الشرائية في الجزائر نمت وتعزّزت بفضل حركية الاقتصاد، واعترف الخبير، أن رئيس الجمهورية جسد التزامه في ظرف زمني قياسي، خاصة بعد تأكيد البنك الدولي أن الجزائر انتقلت إلى فئة الدول ذات الدخل المتوسط الأعلى، وهذا اعتراف صريح بالديناميكية المجسدة وفق برنامج وخطة السيد الرئيس.