المتوجة بجائزة أفضل امرأة مصدرة.. فاطمة منعة لـ “الشعب”:

المنتــوج الوطنـي يحلّق في فضــاءات الأسـواق العالمية

هيام لعيون

 جائزة رئيس الجمهوريـة تحفـزني على اقتحـام أسـواق خارجيـة جديـدة

 التسهيـلات التـي أقرها الرئيس تبـون أسهمـت فيمـا تحقـق لي مـن نجــاح

اقتحمت عالم المال والأعمال في سن مبكرة، عندما كان المجال حكرا على الرّجال، تدرجت في المناصب والمسؤوليات في شركة والدها “طولقة بركة El Barak” رغم قدرتها على التموقع في المنصب الأوّل في المؤسسة في يومها الأول من العمل، وهذا لاكتساب الخبرة والتجربة، وها هي اليوم تُسيّر المؤسسة بكل اقتدار، وتُقلَّد من بين أفضل المصدرين على المستوى الوطني، إنها إبنة الصحراء منعة فاطمة، المرأة التي حظيت بتكريم رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، أمس الأول، ضمن قائمة أفضل تسعة مصدرين بالجزائر في فئة جائزة أفضل امرأة مصدرة.


ولأن طموحها كان منذ الصغر، اقتحام عالم “البزنس”، بدأت ابنة الجزائر رحلة تحقيق حلمها من بوابة الجامعة، حيث اختارت أن تكون دراستها العليا علوم الاقتصاد والتسيير بجامعة بسكرة، لتتخرج شهر جوان سنة 2005.. وهي نفس السنة التي وطئت قدمها “كموظفة” في الشركة التي كان يديرها والدها منعة علي، ورغم أنها كانت قادرة على أن تكون في وضع مريح بالمؤسسة، إلا أن فاطمة منعة بدأت مسؤوليتها هناك بأبسط المناصب، وعملت في كل مجالات المؤسسة، وهكذا حتى وصلت إلى قمة الهرم في المؤسسة الاقتصادية، حيث تشغل اليوم منصب الرئيسة المديرة العامة لشركة “طولقة بركة”، الخاصة بتصدير مواد التغليف والتمور، وها هي تقودها “تدريجيا” نحو العالمية، وساهمت في افتكاك جائزة أحسن النساء المصدرات في الجزائر، وما أكثرهن اليوم.

البساطة سرّ النجاح

مباشرة بعد تتويجها بجائزة رئيس الجمهورية السنوية لأحسن المصدرين الجزائريين، في فئة جائزة أفضل امرأة مصدرة، اتصلت “الشعب” بفاطمة منعة صاحبة شركة “طولقة بركة” Tolga El Baraka، المختصة في إنتاج مواد التغليف الموجهة بالأساس للصناعات الغذائية الفلاحية، التي أنشئت سنة 1997، بطولقة ولاية بسكرة بجنوب البلاد.
وقالت منعة، إنها جد سعيدة بهذا التتويج، حيث ستكون هذه الجائزة حافزا للعمل أكثر وبذل جهد أكبر في سبيل ترقية الصادرات الجزائرية خارج قطاع المحروقات، خاصة وأنها توجت ضمن تسع مؤسسات في إطار “جائزة رئيس الجمهورية لأحسن مصدر” لسنة 2023، “تقديرا لجهودهم ومساهمتهم في تنويع وتطوير الصادرات الجزائرية خارج المحروقات”.
وأفادت، مثل هذه المناسبات تعتبر تشجيعا واعترافا بالمجهودات المبذولة من قبل المصدرين الجزائريين في سبيل الرفع من رقم الصادرات خارج المحروقات، في إطار سياسة الدولة بالتخلي التدريجي عن اقتصاد الريع، من قبل القائد الأول في البلاد الرئيس عبد المجيد تبون رفقة زملائها المصدرين، عادت للحديث عن مسارها في هذا المجال.
ولفتت المتوجة بجائزة الرئيس والتي تبلغ من العمر 41 سنة، أنها تنهي العقد الثاني من عمرها المهني، حيث بدأت مشوارها سنة 2005، بكل عزم وحزم وثقة، وهي تشق هذا الدرب وسط أقرانها الرجال في مجال يتطلب كثيرا من الشجاعة والمغامرة، وترك المخاوف وراءها، حتى تتمكن من بلوغ أعلى المراتب وتحقيق هدفها بالمساهمة في معركة التشييد والبناء، بناء الاقتصاد الوطني على أسس صحيحة، في إطار الجهود المبذولة لترقية الصادرات خارج قطاع المحروقات.
وأكدت محدثتنا أنها تقود اليوم مؤسسة للتصدير نحو مختلف دول العالم ومختلف القارات، نحو الدول الإفريقية بالدرجة الأولى، على غرار تونس وموريتانيا، خاصة ما تعلق بمواد التغليف، ونحو دول أوروبية ما تعلق بمادة التمور المطلوبة بكثرة بالخارج، كيف ولا وتمور الجزائر تصنف كأجود التّمور في العالم، وتحظى باهتمام كبير من قبل الدول الغربية، ضف إلى ذلك، فإن منتجات “طولقة بركة” تصل حتى أقصى شرق أوروبا.

عقدان من التحدي والتفوق..
عن تفاصيل نشاط الشركة، أفادت منعة أن الشركة التي كان يرأسها والدها قبل التحاقها بها ومساهمتها البارزة في تطويرها، بدأت تصدر منتوجها للخارج سنة 2004، نحو تونس وليبيا، أي نحو الدول المجاورة كخطوة أولى للمؤسسة الفتية آنذاك، فضلا عن مشاركتها في الصالونات الوطنية والدولية، وبعدما التحقت بالركب سنة 2005، وهي سنة تخرجها من الجامعة، التحقت بمختلف المصالح للتمرن على تسيير هذه المؤسسة وهي ابنة 22 ربيعا.
وأضافت: “بدأت شركتنا تكتسح الأسواق الخارجية شيئا فشيئا، خاصة بعدما شرعنا في تصدير التمور، حيث أن عملية التصدير للخارج اليوم تقدر بنسبة 100٪، نحو الدول الأوروبية، على غرار ايطاليا، فرنسا، ألمانيا، إسبانيا سابقا، والسويد، بينما اكتسحوا القارة الأسيوية حيث تتواجد منتوجاتهم بكل من البنغلادش، ماليزيا وأندونيسيا ودبي بالإمارات، كما أن تمور المؤسسة، تصل حتى روسيا، أكبر دولة في العالم من حيث المساحة.
 بينما تقول منعة، منتجاتهم من مواد التغليف توجه 70٪ منها نحو الخارج، أي نحو الدول الإفريقية خاصة السنغال، تونس وليبيا وموريتانيا، ويوجه 30٪ منه إلى الأسواق الداخلية، للاستعمال المحلي، نحو المحلات الكبرى، لمؤسسات تصدير التّمور، والواجهات الكبرى، كما يستعمل لدى المحلات بيع اللحوم والدواجن بمختلف الأحجام والأشكال.
وأشارت محدثتنا، إلى أن شركة “طولقة بركة” تشارك سنويا في معارض دولية، بكل من باريس من خلال معرض “سيال” الذي يعتبر أحد أكبر المعارض المتخصصة في قطاع صناعة الأغذية، ومعرض “أنوقا” بألمانيا الذي يعدّ أحد أكبر معارض الأغذية والمشروبات في العالم، حيث يعدّ خامس أكبر مركز في العالم. وقالت، “نشارك في هذين المعرضين سنة بعد سنة، يعني عام يشاركون في باريس والعام الموالي بألمانيا، حيث يعرضون أجود التمور الجزائرية، وتلقى إقبالا كبيرا من قبل المتعاملين الأجانب.

تسهيلات ساهمت في النجاح
أما عن التسهيلات التي تلقتها الشركة خلال السنوات الأخيرة، أكدت سيدة الأعمال منعة، أنهم تلقوا رفقة كل المصدرين الجزائريين، تسهيلات كبيرة تصب في جهود تسهيل وتشجيع عملية التصدير، على غرار مرافقة الدولة لهم للمشاركة في معارض دولية ومحلية ووطنية، خاصة وأن الكثير من الشركات الجزائرية الصغيرة منها والمتوسطة، بحاجة لتلك المرافقة للتعريف بنفسها والاحتكاك بمختلف المتعاملين الاقتصاديين.
وأوضحت في هذا الإطار، أن السلطات العمومية في البلاد وبقرار من القيادة السياسية العليا منحت تسهيلات كبيرة، تتمثل في تسهيلات بنكية، حيث استفادت شركة “طولقة بركة” من قروض دون فوائد، على غرار “قرض الرفيق”، فيما يخص التمور، وهو قرض لمدة سنتين، تتحمل وزارة الفلاحة التغطية الكاملة للفائدة، لأن المستفيد من قرض الرفيق يسدد ما بين 6 و24 شهرا، حيث يمكن لأي شركة منتجة لبضائع أو خدمات مقرها في الجزائر، وتعمل في مجال تصدير المنتجات المحلية الاستفادة من التسهيلات المصرفية سواء للمشاركة في المعارض في الخارج أو من أجل التصدير.

الجائزة تحفزني أكثر
في هذا الإطار، أكدت منعة أن “سياسة ترقية الصادرات خارج قطاع المحروقات، تتيح اليوم للمتعاملين الاقتصاديين، الاستفادة من التكفل بنصف من التكاليف المتعلقة بنقل المنتجات الموجهة للعرض وكذا تكاليف مشاركة الشركات في المعارض والصالونات في الخارج.
كما أبرزت أن “وزارة التجارة وترقية الصادرات ترافقهم في الخارج وتقدم لهم التسهيلات، حيث أن الصندوق الخاص لترقية الصادرات (FSPE) يتكفل بجزء من التكاليف المتعلقة بنقل المنتجات الموجهة للعرض وكذا تكاليف مشاركة الشركات في المعارض والصالونات في الخارج بعنوان المشاركة في المعارض ومعارض الصالونات المتخصصة في الخارج، ما يمكننا من استعادة 50٪ من مصاريف النقل.
بهذا الخصوص، أكدت صاحبة الشركة، أن مؤسستها تساهم في محاربة البطالة، حيث توظف حاليا 200 شخص، رجال ونساء، في مختلف المستويات من بطالين دون مستوى إلى خريجي الجامعات ومختصين في المجال.
وختمت سيدة الأعمال وهي أم لطفلين، حديثها قائلة، “تكريمنا من طرف رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، كأفضل امرأة مصدرة لسنة 2023، أشعرني بالغبطة وفرحتي كانت كبيرة جدا، وهذا ما سيحفزني أكثر لاكتساح أسواق عالمية جديدة، وجلب العملة الصعبة والمساهمة في تمويل الخزينة العمومية ومن أجل تعزيز نمو الاقتصاد الوطني، فأنا أشرّف المرأة الجزائرية “الفحلة” وهناك كثيرات، لذلك سأكمل المشوار وأسعى لتحقيق مزيد من النجاح والتفوق، إن شاء الله”.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد19527

العدد19527

الخميس 25 جويلية 2024
العدد 19526

العدد 19526

الأربعاء 24 جويلية 2024
العدد 19525

العدد 19525

الثلاثاء 23 جويلية 2024
العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024