الإدخـار وفـر مـوارد ماليـة مهمــة لتمويـل الاستثمــار
أكد الخبير نبيل جمعة، أن الجزائر نجحت بالإصلاحات المعمقة في استعادة المنظومة المالية إلى خدمة الاقتصاد الوطني. وقال إن الإصلاحات حققت وثبة مهمة في ترتيب أولويات القطاع المالي، فهو رافعة حقيقية للدورة الاقتصادية، تعززت بطرح خدمات جديدة جاذبة للموارد المالية.
وبدا الخبير متفائلا باتضاح معالم بيئة مالية ومصرفية تتسم بالاستقرار والشفافية والمرونة، وفوق ذلك منفتحة على العصرنة والرقمنة، وقال إنها تسير في طريق سليم لتحقيق كفاءة الأداء العالية.
يرى الخبير المالي والاقتصادي نبيل جمعة، أن الإصلاحات المالية خلال الأربع سنوات الماضية، أفضت إلى تغيير كبير وعميق لم يسبق له مثيل في المنظومة المالية والمصرفية، وقال إنها إصلاحات جدية ودقيقة، دفعت القطاع المالي إلى انفتاح تدريجي على الأسواق المالية الخارجية.
في سياق متصل، قال الخبير إن التزامات رئيس الجمهورية في بناء الجزائر الجديدة، تجسدت من خلال تعزيز الاستقرار الاقتصادي وتحفيز النمو في عدة مجالات، لعل أبرزها سهر رئيس الجمهورية على تحرير القطاع المصرفي، من خلال تعزيز المنافسة بين البنوك والرفع من كفاءة أدائها. وأشار جمعة إلى القفزة النوعية المحققة من خلال فتح رأسمال القرض الشعبي الجزائري ونجاح هذه العملية، في انتظار فتح رأسمال بنك التنمية المحلية خلال الأيام المقبلة. علما أن هذه الخطوة تسمح بمساهمة الخواص بنسبة 30٪ في رأسمال البنك، وهذا ما تتطلبه الساحة المالية العالمية والبنوك الدولية في إطار تنويع الموارد المالية، كما أنها تصنف على أنها أحد المعايير التي تعكس تحسين المنافسة وجودة الأداء.
تقويـة الـدور الرقــابــي
من بين التغييرات المسجلة على صعيد إصلاحات القطاع البنكي، تطرق الخبير جمعة إلى تشجيع دخول البنوك الأجنبية إلى السوق المالية الجزائرية، بهدف تشجيع المستثمرين الأجانب على خوض معترك التنافس في الميدان الجزائري. كما شكل إنشاء بنك الإسكان الحلقة الأهم، ورصد 70٪ من الإيرادات للبنى التحتية وشمل ذلك كل من السكن والبيئة والأشغال العمومية والري.
وسلط الخبير جمعة الضوء على جملة الإصلاحات المجسدة على أرض الواقع، وهي التي سمحت للمنظومة البنكية بترسيخ خطواتها الأولى في مساحات الحداثة، بفضل رؤية رئيس الجمهورية، وعلى رأسها تحديد الأطر التنظيمية والقانونية. وجاء القانون النقدي والمصرفي الجديد، ليمنح الحرية الكاملة للبنك المركزي «بنك الجزائر»، عن طريق تحديد القوانين المصرفية المواكبة لمعايير الأسواق المالية العالمية.
من جهة أخرى، يعوّل القانون النقدي والمصرفي، في المرحلة الحالية والمقبلة على تقوية الدور الرقابي والإشراف الدقيق لبنك الجزائر على البنوك، خاصة على صعيد إدراج أنظمة المخاطر والامتثال إلى معايير مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وعدم منح القروض إلا بضمانات.
وعقب التغيير الساري في القطاع المالي والمصرفي، اعتبر الخبير جمعة أن عملية الإصلاح سجلت آثارا إيجابية ومؤشرات محفزة على عدة مستويات، أبرزها ارتفاع حجم القروض. وذكر أنه منذ عام 2019 إلى غاية 2024 سجلت زيادة سنوية في حجم القروض قدرت بنحو 13٪، مشيرا - في السياق - إلى أن مبالغ ضخمة تدفقت كتمويلات للقطاعات الاستراتجية من فلاحة وصناعة، ومولت بها العديد من المشاريع الاستراتجية.
وبخصوص القروض الموجهة للقطاعين العمومي والخاص، أفاد الخبير أنها تكاد تكون متطابقة، على اعتبار أن قروض القطاع العام، تناهز 50,5٪، فيما تقدر القروض التي استفاد منها القطاع الخاص بـ49,5٪.
تعزيـز الثقـة وتحقيـق الاستقــرار
من المؤشرات القوية العاكسة لإصلاحات مثلت محطة حاسمة في مسار المنظومة المالية، تناول الخبير جمعة وضع الإطار القانوني رقم 20-02، الذي سمح ذلك، ولأول مرة، بتحفيز التمويلات الإسلامية، وانسجم ذلك مع المادة 2 من الدستور.
ويرى الخبير، أن الإصلاحات المحققة بفضل رؤية وحنكة رئيس الجمهورية، حققت مستوى رفيعا من الشفافية والمرونة والمساءلة في النظام المالي والمصرفي، متوقعا أن يقود في الفترة المقبلة إلى أداء عصري.
ولم يخف جمعة أن الإصلاحات شملت كذلك نظام الادخار على مستوى البنوك الوطنية، بهدف تعزيز الثقة، مما سمح وساهم بتحقيق استقرار أكبر وتوفير موارد مالية مستدامة للاستثمار، خاصة بعد صدور قانون الاستثمار وتخصيص إدخارات لفائدة الأطفال والشباب، بهدف تشجيع الادخار المبكر، عبر تعزيز الأمان والثقة في النظام المصرفي، وعن طريق حماية النظام والودائع لتحقيق سلامة المدخرين، وفي صدارتها الرفع من سقف الشفافية وتقديم تقارير دورية من أجل سلامة البنوك، لأنه كل شهر، يعكف بنك الجزائر على نشر كتيب عن أصول البنك المركزي، إلى جانب أن بنك الجزائر يسعى من أجل توسيع الشبكة وتطوير خدمات بنكية إلكترونية عن طريق الهاتف النقال، ورقمنة النظام المالي والمصرفي.
وبحسب تقديرات الخبير، فإن الإصلاحات الجارية ستفضي إلى تحقيق بيئة مصرفية مستقرة وموثوقة، تشجع على الادخار وتوفر موارد مالية مهمة لتمويل الاستثمار، في ظل طرح التعديلات لبرامج مغرية للمدخرين من مكافآت، علما أن الأموال المدخرة معفاة من الضرائب.