الثلاثية ترسم معالم مسار تجاوز الظرف الصعب

جدية الأداء وعصرنة تسيير المنظومة الاقتصادية لمحو آثار الفيروس

فضيلة بودريش

 الدفع بالمؤسسة الخاصة في قلب الدينامكية الإنتاجية

يعوّل كثيرا على الثلاثية في تشخيص الوضعية الراهنة اقتصاديا واجتماعيا بشكل دقيق وشفاف، يسمح بالتعجيل بإيجاد حلول قوية وناجعة، تمكن من تجاوز الظرف ومواجهة التحديات الاقتصادية الناجمة عن تأثيرات «كوفيد19» على أداء الآلة الإنتاجية والصمود في وجه تداعيات تراجع أسعار النفط، وعلى صعيد لا يقل أهمية مواجهة الصعوبات الاجتماعية المتمثلة في تدهور القدرة الشرائية ودعم الأسر المتضررة، خاصة أن التقديرات تتوقع تراجع النشاط الاقتصادي الوطني بنسبة لا تقل عن 7 بالمائة. وبالتالي تـضافر مختلف الجهود للتقليل من الآثار السلبية، وكذلك عن طريق  تسريع وتيرة العمل والتحلي بالجدية وعصرنة التسيير في المنظومة الاقتصادية.

استحداث القيمة المضافة وطرح الثروة من مقاربة اقتصادية عبر نسيج مكثف للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والناشئة، سيكون الخيار الأول والأفضل لتجاوز الظرف الصحي والاقتصادي الحرج على المديين القريب والمتوسط، هذا الوضع ستواجهه الجزائر في الوقت الحالي بإرادة وحنكة ورؤية بعيدة النظر، ولاشك أن هذا ما كشفت عنه في اجتماع الثلاثية الأخير ورصدها ما لايقل عن 65.6 مليار دينار لترميم ما دمره فيروس كورونا، ويمكن لالتزام أرباب العمل والشركاء الاجتماعيين على حد سواء، أن يوحد ويصهر الجهود في مسار واحد يفضي إلى ترقية الدائرة الإنتاجية التي مازالت بعيدة عن الحركية الفعلية في ضخ الثروة، ومن ثم النجاح في وضع المؤسسة الخاصة في قلب الدينامكية الاقتصادية من حيث امتصاص البطالة وتمويل السوق بمختلف المنتجات لكبح الاستيراد، وتسديد مختلف الرسوم من جباية واشتراكات الضمان الاجتماعي وعدم التهرب الجمركي وما إلى غير ذلك.
ينتظر أن تكون الثلاثية ورقة طريق تقدم مقترحات وخيارات متنوعة للخروج من الأزمة، ببدائل ذكية تكون فرصة لتحرير الاقتصاد الوطني من التبعية العضوية للمحروقات، وحتى يكون الشركاء الاقتصاديون والاجتماعيون قوة اقتراح ينخرطون في المسعى العام الذي يصحح التوجه نحو بناء منظومة اقتصادية قوية ومتنوعة تكون بمثابة أرضية الانطلاقة السليمة والسريعة لبلوغ مصاف أداء الدول الناشئة.
العودة إلى مسار النمو وتبني بدائل الإنتاج بدل التصدير، من شأنه كذلك أن يصحح مختلف الاختلالات السابقة أو تلك التي خلفها فيروس «كوفيد19» على العامل والمؤسسة والاقتصاد الوطني بشكل عام، كذلك تغيير الذهنيات والالتزام باحترام مختلف القوانين، ويقابله تخفيف الإجراءات البيروقراطية والانفتاح على جاذبية الاستثمار وتشجيع المؤسسة المنتجة بتسهيلات من شأنها أن تغير من المعادلة الحالية بسلبياتها، إلى تسجيل مؤشرات إيجابية كون الهدف الجوهري هو الدفع بالاقتصاد الوطني نحو الأمام وتجاوز فاتورة الاستيراد الضخمة التي تساهم في تآكل احتياطي الصرف الذي تراجع بشكل كبير، بعد انهيار أسعار النفط حتى قبل أن تعصف جائحة الفيروس بالعالم.
وبالموازاة مع التزامات أرباب العمل في بالانخراط الفعلي في المعركة التنموية وتصحيح مختلف الاختلالات، بدوره الشريك الاجتماعي يوفر ذلك الاستقرار المنشود في عالم الشغل، ولا ينبغي أن يبخل بمختلف المبادرات التي تكون إضافة حقيقية لترقية النشاط، ويسخر القوة العمالية بمختلف أصنافها سواء كانوا إطارات أو مسيرين أو عمالا في سبيل وضع القاطرة على سكة النمو.
ويبقى إطار الثلاثية الأرضية المناسبة التي يمكن أن ترسم على ضوئها معالم مسار تجاوز الظرف الصعب، وبالاعتماد على جدية الأداء وعصرنة تسيير المنظومة الاقتصادية لمحو آثار الفيروس، وحان الوقت من أجل التحرك بسرعة بهدف الدفع بالمؤسسة الخاصة في قلب الدينامكية الإنتاجية، على غرار دول العالم المتطورة أو الناشئة والتي تستحدث الثروة عبر مؤسساتها الخاصة التي تبدأ صغيرة وتتسع حتى تصبح أكبر حجما وتفتح فروعا لها عبر دول العالم وهذا ما يجعلها إحدى أدوات جلب العملة الصعبة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024