القدرة الشرائية في قبضة المضاربة

غـلاء فاحــش ألهـب كــل الأسـواق

فضيلة. ب

 تواجه الأسر الجزائرية المتوسطة الدخل الكثير من النفقات بفعل تزامن عيد الأضحى المبارك مع اقتراب الدخول المدرسي وقبل ذلك، كان شهر رمضان وعيد الفطر الفضيل، والجدير بالإشارة أن العديد من هذه الأسر كما هو معلوم منخرطة ضمن برامج سكنية، ولديها التزامات لتسديد أقساط مالية أو قروض بنكية، لذا فإن القدرة الشرائية من الطبيعي أن تتأثر وتضطر العديد من الأسر إلى الاستدانة، أو التضحية باقتناء كبش العيد وبذلك تحرم الضائقة المالية أفراد الأسرة من الأضحية.. فكيف يواجه تراجع القدرة الشرائية؟.. خاصة أن عيد الأضحى شهد غلاء فاحشا في الخضر والفواكه والأضاحي.
عكس ارتفاع أسعار الخضر والفواكه عشية عيد الأضحى المبارك بشكل صاروخي وغير مبرر ترسخ المضاربة واستفحالها فارضة قبضة حديدية على مختلف المنتجات التي تعرف إقبالا، بفعل الطلب الكبير على الخضر الأساسية، ويتعلق الأمر بكل من الخس «السلطة» التي ناهزت سعرها 200 دينار بينما اللفت قفزت إلى سقف 250 دينار، والكوسة بدورها لم يقل ثمنها عن 150 دينار أما الجزر فوصل سعرها إلى 100 دينار، والعجيب أن سعر باقة من البقدونس ارتفع إلى 50 دينارا بدل 20 أو 30 دينارا ولم يقل ثمن العنب والخوخ والموز عن 200 دينار وسعر البطيخ الأصفر 70 دينارا في حين البطيخ الأحمر ثمنه 40 دينارا، ويمكن القول أن ارتفاع الأسعار التهب بشكل لا يمكن تفسيره اقتصاديا بسبب الاحتكار والمضاربة وعكس ذلك غياب المراقبة وفشل نظام الفوترة إلى حد بعيد، في ظل ترقب وانتظار المواطن صاحب الدخل المتوسط. لكن لا يخفى أن مسؤولية المستهلك كبيرة في كل هذا من خلال ضرورة حرصه على عقلنة استهلاكه وترشيد نفقاته وبالتالي مقاطعة المواد التي تلهب بطريقة جنونية في المواسم والأعياد، مما يؤدي إلى استقرار السوق واختفاء تلك السلوكات المشينة للكثير من الانتهازيين.توجد ميزانية العديد من الأسر في وضع صعب بسبب اقتراب الدخول المدرسي والاجتماعي، وفي ظل كثرة الأعراس خلال شهر أوت الحالي، وهناك من يلجأ إلى التديّن ليغطي النفقات الإضافية بينما هناك من يتبع إستراتجية ادخار مبلغ شهري طيلة العام لاقتناء الأضحية وهدايا لأفراح الأقارب وكذلك اللوازم الدراسية والملابس وما إلى غير ذلك من حاجيات ضرورية. وتختلف الميزانية العائلية بحسب عدد الأفراد وأعمار الأطفال، فهناك بعض العائلات تضحي بالعطلة الصيفية من أجل تغطية نفقات رمضان وملابس العيد وتوفير ثمن أضحية العيد والدخول المدرسي.
بالموازاة مع ذلك فإن المتتبع لنظام المداومة أنها لم تتجسد بالشكل المطلوب والمرتقب، على خلفية أنه قبل العيد بحسب شهادة العديد من المواطنين سجل على مستوى المخابز والأسواق الجوارية خلل في التموين على مستوى المدن والأحياء الشعبية على وجه الخصوص، وإن كانت عوامل تبرر ذلك، لكن المداومة لم تنجح لأنها لا تقتصر على نشر البلاغات والإعلانات وإنما متابعتها على أرض الواقع لأن المستهلك تعب في العثور على بعض المواد الأساسية على غرار الخبز والحليب.
الجدير بالإشارة، فإن أسعار أضاحي العيد عكس ما كان يأمله المستهلك، على اعتبار انها لم تتراجع وإنما عرفت ارتفاعا جنونيا خلال الأيام الأخيرة لاسيما اليوم الأخير، أخلطت حسابات الزبون مقارنة بقدرته الشرائية المتوسطة، التي تأثرت كثيرا بفعل المضاربة التي فرضت منطقها، متحدية قواعد المنافسة النزيهة وكذا الإجراءات القانونية السارية، بل وبالإضافة إلى كل ذلك لم تراع الجانب الأخلاقي في المعاملات التجارية.
يتطلع المواطن في كل مرة أن تتحرك السلطات الوصية لتضع حدا لمختلف التجاوزات التي تشهدها الأسواق، رغم أن الأسعار حرة، لكن ينبغي أن تكون رقابة وادنى حد من المتابعة للمضاربين والانتهازيين لحماية المستهلك والقدرة الشرائية التي تضررت كثيرا، والملفت أن العديد من أسعار الخضر والفواكه في أسعار الجملة كانت جد معقولة، وتبين أن اللهيب طالها في أسواق التجزئة، أي من يد الفلاح إلى الأسواق الكبيرة للجملة تكون سارية بشكل طبيعي، فهل سوق التجزئة المسؤول عن المضاربة والمتسبب الأول عن تدهور القدرة الشرائية؟..لكن الرقابة وحدها قادرة على احتواء جشع بعض التجار، وإعادة الاستقرار للسوق، غير انه ينبغي فرض نظام كشف التاجر عن الأسعار كتابيا، حتى يتعرف عليها الزبون.
فضيلة بودريش


 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024