تقييم دوري حتمية للاستمرار والتطور

طريق تنموي واضح للقطيعة مع الفساد

فضيلة بودريش

تتواصل جهود مكافحة الفساد في الوقت الحالي ويمكن وصف الفرصة بالذهبية من أجل محاولة استعادة ما نهب، ووقف التجاوزات مستقبلا سواء تعلق الأمر بالسرقة أو تعطيل سير المشاريع بدافع مصالح شخصية ضيقة لأفراد أو جماعات معينة، وينتظر الجزائر شوطا آخر حتى  تسطر معالم طريق تنموي واضح لا يقبل الإخفاق، يكون فيه التقييم الدوري حتمية للاستمرار والتطور..من أجل تحقيق تطلع تجسيد القطيعة مع الفساد.
إن الظرف الحالي يحتم ضرورة العمل على نشر ثقافة مكافحة الفساد إلى أبعد حد وكذا التحذير من مخاطره على المجتمع برمته، أي على مستوى المنظومة الاقتصادية وتشمل المؤسسات والمرافق والإدارة من جماعات محلية ومجالس منتخبة، وللتذكير في هذا الإطار فإنه وقعت مؤخرا وزارة الشؤون الدينية اتفاقا مع شركاء، من أجل دعم الجانب التوعوي التحسيسي الذي قد يساهم في مرافقة مسير المال في إدراك مخاطر الفساد على مستقبل الأجيال، حيث ما الفائدة أن يختلس مواطن أموال ويودعها في بنوك أجنبية؟.. وما الفائدة من اختلاس موظف أموالا ويهربها لدول أجنبية ويحرمه مجتمعه وأبناء وطنه من توظيفها لاستحداث ثروة ينتفع بها ويتقاسمها الجميع؟.. وما الفائدة من تعاطي موظف الرشوة فيعطل بذلك السير الحسن للمشاريع الاستثمارية، بل ويشجع على تفشي ظاهرة الغش.
إذا لابد من إدراج مكافحة الفساد في مقياس يدرج في الجامعة، لكن شرط أن لا يكون قمعيا، وإنما من أجل توجيه وتكوين وتحسين الإطارات المسيرة المستقبلية، على غرار المدرسة الوطنية للادراة، عن طريق وضع الاطارات القادة في الصورة الحقيقية  لفداحة الفساد وأثره السلبي في تدمير مجتمعات قوية ولديها كل مقدرات التطور، وتعطيل الديمقراطية بل وتشويه تاريخ البلد. ولأن مكافحة الفساد جاءت في صلب بيان الفاتح نوفمبر، لذا حان الوقت لنستلهم من قيم نوفمبر الثورية قيم النزاهة والوفاء والاخلاص والاحتراق من أجل الوطن.
ولاشك أنه يترقب أن تفضي عملية مكافحة الفساد إلى تهيئة جيدة لقطاع الاستثمار، المفتاح الرئيسي لاستحداث الثروة وتحقيق نسب نمو مرتفعة، كي تقفز الجزائر إلى مصاف الدول الناشئة، لأنه لا يوجد أي مانع أن نجسد مدنا سياحية ساحرة وبمقاييس الجودة العالية تستقطب الجزائريين والمغتربين وكذا الأجانب..و لماذا لانهيأ الأرضية حتى يقضي الجزائري عطلته في بلده ويستمتع بساحل جميل ومتنوع. وخلاصة القول أنه من دون تجاوز الفساد وطي صفحته، لا يمكن أن نحلم بولوج مرحلة الذكاء الاصطناعي، ورسم معالم طريق تؤدي إلى التطور وبناء منظومة اقتصادية واجتماعية وسياسية قوية لا تزول بتغيير المسؤولين. وفي مقام آخر ينبغي أن تستمر مكافحة الفساد وتتوسع بشكل أعمق على المستوى المحلي، أي لا يجب أن تقتصر على القمة وتنحصر على المستوى العمودي، كون الفساد لا يستشري على مستوى المسؤولين الكبار، بل أن مكافحته تتطلب عملا أوسعا ليصل إلى أبعد يد للمفسدين على المستوى المحلي، الذين عبثوا بالمال العام، وجعلوا من مناصبهم أداة لتحقيق مصالح شخصية ضيقة، بدل أداء مهامهم بروح مسؤولة وفي جو من النزاهة والشفافية، كما يقتضيه القانون.


 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024