وجه رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة أمس رسالة إلى الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة السيد بان كي مون بمناسبة «يوم الأمم المتحدة» هذا نصها الكامل:
معالي الأمين العام إن «يوم الأمم المتحدة» هو استحضار للعبر المستخلصة من تاريخ كان طافحا بالمآسي بالنسبة للانسانية. فهو يحمل رسالة المساواة والحرية بالنسبة لسائر الأمم ولجميع بني الإنسان عبر المعمورة.
وقد استوعبت هذه الرسالة السابقة لزمانها طموحات الشعوب الرازحة تحت نير السيطرة الاستعمارية والعنصرية وأضفت كامل مدلولها وقوامها على حركة مناهضة الاستعمار الواسعة التي جعلت مقابل ذلك منظمة الأمم المتحدة قاب قوسين أو أدنى من العالمية.
إن الرسالة هذه تشمل حظر اللجوء إلى التهديد أو استعمال القوة في العلاقات الدولية وتشجع تسوية الخلافات سلميا حماية للأجيال القادمة من آفة الحرب وتدعو إلى التنمية ونزع السلاح واحترام حقوق الانسان.
وقد صمدت هذه الرسالة في وجه المحن التي أفرزتها الحرب الباردة وفي وجه غيرها من مظاهر الظلم التي يقترفها الإنسان في حق غيره.
وإن آنيتها ووجاهتها تتأكدان مرحلة تلو الاخرى مصداقا لما تحقق من تقدم ورقي وتبيانا لمدى ما يلزم من توافقات لتقريب الحياة الدولية من التصور الأريحي الذي يحمله ميثاق الأمم المتحدة.
لقد بات يوم الأمم المتحدة وحق له ذلك معلما على درب تقدم البشرية نحو بناء مجتمع قائم على تلكم النفائس والمضان المتمثلة في السلم والأمن والتنمية.
إن هذه القيم المرجعية ما انفكت التهديدات تتربص بسلامتها وبإشعاعها بفعل بقايا الممارسات البائدة التي تتغذى من بعض نوازع الأنانية والضلال.
وما حرمان الشعب الفلسطيني من التمتع بحقوقه الوطنية الثابتة كاملة غير منقوصة بما فيها حقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس وحرمان شعوب ستة عشر إقليما غير مستقل منها الصحراء الغربية من حريتها ومن ممارسة حقها غير القابل للتقادم في تقرير المصير إلا دليل على حجم الجهود الجماعية اللازمة للوفاء بوعود طموحات الهبة الأولى للأمم المتحدة.
إن «يوم الأمم المتحدة» هذا العام سيسمه ميسم الاستعجالات السياسية منها والإنسانية للوضع السائد في سوريا وكذا الذي يميز المشهد الجيوسياسي للقارة الإفريقية التي ترصد طاقتها لنهضتها.
كما أن هذا هو أكثر من سابقيه معلل للنفوس بالآمال في وقت تأخذ فيه الارتيابات والتخوفات التي تعتور المجموعة الدولية صفة العراقيل التي يتعين التغلب عليها بل تصبح كذلك مقاليد لتخطي الظروف العصيبة التي يمكن الاستفادة منها على نحو أفضل.
وإضافة الى هذه الأمور التي تستوقفنا بإلحاح هناك ضرورة صب تطلعات شعوبنا إلى تقاسم حياة أفضل على أساس الإنصاف والقسطاس ضمن برنامج تنموي جديد لمرحلة ما بعد 2015 وتقييدها عبر إبرام اتفاق جديد حول تغيرات المناخ.
ومن شأن المكاسب الجديدة هذه التي تدعو إليها الجزائر أن تعزز الدور المركزي الذي تضطلع به منظمة الأمم المتحدة في توحيد مصالح الدول الأعضاء فيها وضم جهودها باتجاه تحقيق أهداف مشتركة هي من الأهمية القصوى بمكان.
وتتشرف الجزائر بكونها عضوا فاعلا وملتزما في منظمة الأمم المتحدة. وإن في تاريخها الحديث خاصة منه ثورتها التحريرية الوطنية وفي الإسهامات المختلفة التي ما انفكت تقدمها في مسعى ترقية السلم والعلاقات الودية وعلاقات التعاون بين الأمم لأبلغ شاهد على ذلك.
ومن الأدلة القاطعة الأخرى مساعي الوقاية من النزاعات وتسويتها التي تشارك فيها الجزائر إلى جانب إلتزامها محاربة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود وأعمالها التضامنية الملموسة في مجال التنمية بما في ذلك المسح التام لديون عدد كبير من البلدان الشقيقة والصديقة.
والأمر ذاته ينطبق على تمسكها بالحوار الخصب بين الأديان والحضارات وعلى ايمانها بعالمية حقوق الإنسان والقانون الإنساني اللذين يتعين حمايتهما وترقيتهما في كافة الظروف ومن قبل الجميع بدءا بالأمم المتحدة الحامي الطبيعي والشرعي لهذه الحقوق ولهذا القانون.
إنه لا يفوتني بهذه المناسبة المتميزة أن أعرب لكم ولكافة الإطارات والمستخدمين في جميع هيئات منظومة الأمم المتحدة عن أحر التهاني وعن تمنياتي لكم بالتوفيق التام في الاضطلاع بمهمتكم النبيلة في خدمة البشرية.
وتفضلوا معالي الأمين العام بقبول أسمى عبارات التقدير .