أكد محافظ بنك الجزائر محمد لكصاسي أن الوضعية المالية الخارجية للجزائر لا تزال صلبة خلال السداسي الأول من سنة ٢٠١٣ على الرغم من تسجيل بعض التراجع في عدد من المؤشرات المالية، على غرار تسجيل عجز في ميزات المدفوعات، بسبب تراجع أسعار النفط بنسبة ٧٪ أي من ١١٣,٣ إلى ١٠٨,٦ دولار للبرميل.
أوضح محافظ بنك الجزائر خلال الندوة التي عقدت أمس، بالمدرسة العليا للبنوك وخصصها لعرض المؤشرات المالية للسداسي الأول للسنة الجارية، أن العجز المسجل في ميزان المدفوعات المقدر بـ ١,٢ مليار دولار مقابل فائض تجاوز ١٢ مليار دولار يعود إلى انخفاض مداخيل المحروقات ولكن أيضا إلى تراجع الكمية المصدرة من النفط بـ ١٠,٦ في المائة، الأمر الذي انعكس سلبا على الإيرادات، حيث انخفضت من ٣٧,٥٠٣ في السداسي الأول لسنة ٢٠١٢ إلى ٣٢,١٣٩ مليار دولار خلال نفس الفترة من السنة الجارية، بينما والرغم من تسجيل تحسن طفيف في حجم الصادرات خارج المحروقات من ٤٧٣ إلى٦٨٢ مليون دولار فقط، إلا أن النسبة تظل ضعيفة للغاية، أمام ارتفاع كبير في حجم الاستيراد بنسبة ٢٠٪، أي من ٢٣,٦٤ مليار إلى ٢٨,٣٨ مليار دولار خلال نفس فترة الدراسة.
رصيد ميزان المدفوعات الخارجي الذي خسر أكثر من ١٣ مليار دولار خلال سنة واحدة فقط وصفه محافظ البنك بـ «الصدمة» في الميزان على الرغم من أن الاختلال بين الصادرات والواردات وارتفاع هذه الأخيرة إنما يعود إلى زيادة واردات مواد التجهيز الضرورية للاستثمار بينما استقرت الواردات الخدماتية خلال السداسي لهذه السنة وغيرها من المصاريف المخصصة للاستيراد أمام تراجع التحويلات مما ساهم في تسجيل عجز في الحساب الجاري بـ ١,٢ مليار دولار مقابل فائض بـ ١٠ مليار دولار مقارنة بالسداسي الأول للعام الماضي.
ومن جهة أخرى أشار محافظ البنك إلى أن احتياطي الصرف بلغ في نهاية جوان الماضي مستوى قدر بـ ١٨٩,٧٥٠ مليار دولار مقابل ١٩٠,٦٦١ مليار في نهاية ديسمبر الفارط، بينما لا تزال المديونية الخارجية في مستوى منخفض للغاية وتراجعت من ٣,٦ إلى ٣,٤ مليار دولار خلال فترة الدراسة ويعد بحسب المحافظ مؤشرا آخر يعكس مدى الحرص على ضمان التمويل الداخلي اعتمادا على الإمكانيات الموجودة وكذا الاستمرار في سياسة التسيير الحذر للمالية الخارجية، مضيفا أنه وعلى الرغم من العجز المسجل في ميزان المدفوعات إلا أن معدل صرف الدينار أمام العملات الرئيسية تحسن بنسبة ٧٪ في السداسي الأول للعام الحالي.
التضخم الذي شكل لمدة سنة كاملة هاجسا مقلقا لبنك الجزائر وعرف الذروة العام الماضي يبدو وبحسب الأرقام الرسمية لذات المؤسسة المالية أنه يسير نحو التراجع بما أنه سجل انخفاضا من ٧,٢٩ في المائة في السداسي الأول من سنة ٢٠١٢ إلى ٦،٥٩٪ في نهاية جوان الماضي بعد أن بلغ حده الأقصى المقدر بـ ٨,٨٩ ٪ في أوت من السنة الماضية. وفي هذا الصدد أشار المحافظ إلى أن التوقعات للسنة الجارية قد تسير في اتجاه تحقيق الهدف المسطر من طرف مجلس النقد والقرض.
تراجع السيولة النقدية على مستوى البنوك الوطنية الناجم عن ارتفاع القروض الموجهة للاقتصاد بـ ١٤ ٪ ، يبدو أنه بات يشكل انزعاجا واضحا لدى مسؤولي المصارف، على الرغم من أن أكثر من ٧٠٪ من هذه القروض عبارة عن استثمار منتج، الأمر الذي اعتبره المحافظ مشجعا ويندرج في إطار السياسة الخاصة بتوفير شروط تحسين مستوى الاقتصاد خاصة خارج المحروقات والدليل على ذلك مثلما يضيف توجه البنوك نحو تسهيل منح القروض، فضلا على أن التراجع النسبي في فائض السيولة يعود أيضا إلى انخفاض ودائع قطاع المحروقات بعد انخفاض المداخيل النفطية.
عودة البنوك بقوة في تمويل الاقتصاد من خلال إعادة التمويل لدى بنك الجزائر اعتبره لكصاسي مؤشرا ايجابيا وأحد الأدوات المستعملة للاستمرار في منح القروض خاصة في إطار تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وكذا طريقة توزيع هذه القروض التي تبقى مرهونة بمدى جدواها الاقتصادية ومردوديتها.