في ذكرى إعلان زرالدة

الاتحاد المغاربي، عمق تاريخي وبعد استراتيجي

جمال أوكيلي

تستحضر اليوم البلدان المغاربية ذكرى التوقيع على بيان زرالدة بين قادة كل من الجزائر والمغرب وتونس وليبيا وموريتانيا، إيذانا بانطلاق مسيرة بناء صرح المغرب العربي، الحلم الذي راود كل الخيرين في هذه المنطقة الاستراتيجية منذ مؤتمر طنجة سنة ١٩٥٨.
كانت لحظات تاريخية مؤثرة، ومعبرة ترجمت ما يختلج من أماني وطموحات في صدور كل من كان يرى بأن الوقوف على مثل هذا الحدث حتمية لامفر منها، مهما كانت طبيعة تطور الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في هذه البلدان.
وكان موقعو البيان يدركون إدراكا قويا، بأن الشعوب المغاربية، عليها أن تعيش في كنف السلم والأمن والرفاه، وأن تضع أرضية لعلاقات متينة في كل المجالات، ولابد من القول هنا بأن الاتحاد المغاربي يحوز اليوم على هياكل فعالة، قادرة على أداء دورها على كافة الأصعدة، منها منافسة الاتحاد الاوروبي، كما توجد حوالي أكثر من ٣٥ اتفاقية في شتى القطاعات محل اجتهاد لتطبيقها في الميدان، تنتظر الكيفية التي يتم بموجبها مطابقتها مع القوانين الداخلية لكل بلد، ليكن لها البعد المأمول منها، وكذلك الإسراع في تجسيدها ميدانيا، وهذا هو الشغل الشاغل لكل مسؤول في اتحاد المغرب العربي.
والاتحاد في حد ذاته، هو قناعة سياسية عميقة متجذرة في وجدان كل أحرار هذا الفضاء الجيو ـ استراتيجي، والجزائر تؤمن إيمانا راسخا، بهذا الخيار، وتعمل جاهدة من أجل ترقية مسعاه، باتجاه خدمة شعوبه التواقة إلى كل أشكال الحضور على أكثر من صعيد، وفي هذا الشأن كانت الجزائر يومي ٣ و ٤ جوان على موعد مع ندوة الجاليات المغاربية في الخارج، التي توجت توصيات هامة.
هذا دليل واضح على الحرص الذي تبديه بلادنا للاتحاد المغاربي، وإصرارها على المشاركة في كل الاجتماعات المبرمجة (التربية، النقل،،)، وفي هذا السياق فإن الجزائر ترى بأن الاتحاد المغاربي هو عمق تاريخي وبعد استراتيجي يمكن أن يكون له ثقل في الكثير من الاوضاع  خاصة التفاوضية منها،، وكان بالإمكان أن يتم التوقيع على عقد الشراكة مع الاتحاد الاوروبي جماعيا وليس فرديا، كما حدث وتسعى الجزائر من أجل إضفاء طابع الحيوية وكذلك الاستمرارية والديمومة على المؤسسات المغاربية، وهذا من خلال تفعيل كل المواعيد المسطرة في رزنامة الأمانة العامة لاتحاد المغرب العربي، وهي تترجم الإرادة السياسية التي تمتع بها من أجل أن يكون الاتحاد أكبر من كل الأشياء الاخرى، وهذه النظرة حكيمة ومتبصرة، استطاعت أن تجد الاحترام لدى الأعضاء في هذا التنظيم.
ولا تحدث الجزائر أي خلط في منظومة الاتحاد المغاربي، بل مافتئت تدعو الجميع بأن قضية الصحراء الغربية قضية تصفية استعمار، توجد على مستوى الأمم المتحدة، وتتكفل بها الشرعية الدولية، ولن تكون أبدا معرقلة للبناء المغاربي، بل ستدعمه كبلد مستقل، لذلك يجب أن يفهم البعض هذا المنطق، ويخرج من دائرة الحسابات الضيقة.
على البلدان المغاربية اليوم، بعد ٢٥ سنة من بيان التأسيس أن تقيم هذا المسار، وهذا من خلال فتح نقاش ثري على كل المستويات لمعرفة والاطلاع على النقاط التي ما تزال تكبح أي تقدم في جانب معين، حتى يتم إيجاد الحلول المناسبة لها.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024