إقصـاء كروي عادٍ ونقاش إعلامي متدنٍ

محمد مغلاوي
30 جانفي 2017

يبدو أن خيبة الأمل التي أصابت الجمهور الجزائري بعد الخروج المبكر للمنتخب الوطني لكرة القدم من منافسة كأس إفريقيا للأمم 2017، التي تجرى وقائعها بالغابون وظفت لحسابات ضيقة ومصالح ذاتية. واستغلتها  بعض القنوات التلفزيونية الخاصة لتصفية الحسابات والتشكيك في وطنية بعض اللاعبين ونسج الاتهامات وتصوير الإقصاء وكأنه مأساة وطنية حقيقية.
تلك المنابر الإعلامية نست كل هموم الجزائريين ومشاكلهم، وراحت تخوض في كل كبيرة وصغيرة تخصّ مشاركة المنتخب الوطني في “كان الغابون” بسلبية مبالغ فيها، ووجهت كل سهامها نحو منتخب وطني أفرح جميع الجزائريين على مدار سنوات، وأخرج الملايين للشوارع احتفالا بأدائه البطولي في تصفيات كأس العالم 2010، وتأهله للدور الثاني في مونديال البرازيل 2014.
 البلاطوهات التي خُصصت لتحليل وتقييم أداء المنتخب، تحولت إلى محاكمة يومية للاعبين والطاقم الفني ومسؤولي “الفاف”، فغابت عنها الموضوعية والمهنية، وحضر النقاش المنحط والتحليل المتدني ولغة الشارع. والغريب في الأمر أن أغلب تلك القنوات لم تعط الكلمة للفنيين واللاعبين والمدربين، بل لإعلاميين تجدهم يخوضون في أمور تقنية وفنية وتسييرية، وابتعدوا عن لب الموضوع والنقاش، وحصروا مشكلة كرة القدم الجزائرية في المنتخب الوطني و«الفاف”، ونسوا التسيير الكارثي لمسؤولي الأندية.
من حقّ أي طرف أن ينتقد الأداء المخيب لرفقاء محرز، ومن حقّ أي جهة أن تحلّل وتناقش المشاركة السلبية لـ”الخضر”، ومن حقّ المواطن أن يعاتب اللاعبين والمسؤولين على ذلك، لكن ليس من اللائق أن يتعدى الأمر إلى المساس بالأشخاص والقذف والشتم والتشكيك في وطنية اللاعبين وتصوير إقصاء كروي عادي كأنه مأساة وطنية كبرى يحزن لها الكبير والصغير، رغم أنهم يعلمون أن في لعبة “الجلد المنفوخ” هناك فائز وخاسر، وأن تواجد لاعبين ماهرين لا يضمن التأهل والتتويج، ومثال ذلك ما حدث لإنجلترا في “أورو 2016” عندما أقصيت على يد منتخب أيسلندا المغمور، والأرجنتين التي لم تفز بأي لقب قاري أو عالمي منذ سنوات رغم تواجد في صفوفها أفضل لاعب بالعالم.
مشكلة تلك المنابر الإعلامية اعتقادها بأنه في مجال الرياضة كل شئ مسموح ومباح، ولا وجود لحدود وضوابط وخطوط حمراء، ففتحوا بلاطوهاتهم لضيوف ينتقدون ويحاسبون ويحللون كما يشاؤون على مدار ساعات طويلة، ولا يتركون شاردة أو واردة إلا وتحدثوا عنها بأسلوب ركيك وعنيف ومنحط دون احترام للمشاهد والجمهور الرياضي، الذي يبدو أنه أصيب بصدمتين في نفس الوقت: الأولى بعد إقصاء الفريق الوطني من “كان 2017”، والثانية في الأداء الإعلامي الرياضي الهزيل الذي صاحب وأعقب مباريات “الخضر”.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19587

العدد 19587

السبت 05 أكتوير 2024
العدد 19586

العدد 19586

الخميس 03 أكتوير 2024
العدد 19585

العدد 19585

الأربعاء 02 أكتوير 2024
العدد 19584

العدد 19584

الثلاثاء 01 أكتوير 2024