في ظل أزمة مالية عالمية هزت أركان بلدان صناعية

خبراء بنك الجزائر «والآفامي» يبحثون معادلة النمو وسوق الشغل

إقامة الميثاق: سعيد بن عياد

تعرف العلاقات بين الجزائر وصندوق النقد الدولي العضوة فيه مرحلة جيدة بفضل المؤشرات الاقتصادية الكلية المتوازنة التي تحققت إثر مسار طويل من الاصلاحات والتسيير الحذر للموارد في ظل ازمة مالية عالمية هزت أركان اقتصادات صناعية كبرى.

وفي نفس اليوم، الذي شرعت فيه المديرة العامة لـ (الآفامي) كريستين لاغارد في زيارة عمل للجزائر تدوم ثلاثة أايام احتضنت قاعة المحاضرات لجنان الميثاق، أمس، ندوة متبوعة بنقاش نشطها احمد مسعود من صندوق النقد الدولي مرفوقا باقرب مساعديه حول اشكالية آنية بعنوان (النمو وإنشاء الشغل) وأطرها بنك الجزائر.
مسؤول الآفامي بدأ مداخلته بتاكيد جودة العلاقات بين الجزائر والصندوق الذي كان صارما في مرحلة التسعينات حينما كانت الجزائر في مرحلة توقف عن السداد تحت وطاة مديونية خارجية خانقة قبل ان تتحول اليوم إلى عضو فاعل بدرجة اقراض ذات الصندوق مبلغ خمسة ملايير لتمكينه من مواجهة الوضع. وبعد ان سجل نجاعة الاقتصاد الجزائري أشار إلى أن نسبة النمو تبقى اقل من تلك القدرات المتوفرة  نت ثمة غير كافية لتقليص نسبة البطالة المرتفعة في أوساط الشباب وشريحة النساء. واذا كانت الجزائر تمتاز باقتصاد كلي مستقر يضعها في وضع مريح فان الوضع يتطلب بالمقابل الحرص على التحكم في التضخم وانهاء دوامة الحلقة المفرغة بين الجر والاسعار، وكذا التوصل إلى تقوية المنافسة. وثمن احكام قانون المالية لسنة ٢٠١٣ المحفز للمؤسسة الاقتصادية وكذا انشاء مجلس المنافسة داعيا إلى التركيز على الاستثمار المنتج وتوجيه الاستثمار العمومي الضروري للمنشآت والابتكار مع الخذر من المصاريف الجارية التي تمول مشاريع غير دقيقة وتنمية الإدخار.
وأشار المحاضر إلى ان الجزائر تسعى لتعزيز مركزها في ترتيب الدول من حيث مناخ الأعمال الذي ينبغب أن يكون مرنا وميسرا لتاسيس مؤسسة من مختلف الجوانب منها الحصول على العقار ورفع عوائق التمويل وتقوية جودة الطلب  وتقليص آجال المبادلات الخارجية وهي مسائل يتم التكفل بدراستها على مستوى بنك الجزائر. وحسب خبير الآفامي فان معادلة النمو والشغل تقتضي زيادة الانتاج مع الحد من زيادة الاجور مع دعم الحماية الاجتماعية قائلا ان الحكومة وشركائها ادرى بالمشاكل والاولويات.
وبالمناسبة، قدم وزير المالية كريم جودي الذي اعلن افتتاح الندوة رسميا وحرص على حضور فعالية النقاش حولها عرضا عن الوضعية الاقتصادية والمؤشرات المالية مذكرا بالجهود التي بذلتها الجزائر طيلة سنوات لبناء اقتصاد كلي متوازن ومستقر مع التاكيد على ان سنة ٢٠١٣ هي سنة تقليص نسبة التضخم المقدرة بـ٨ بالمئة ويجري العمل بآليات للضغط عليها  لتصبح في حدود ٤ إلى ٥ بالمئة كما أكده بنك الجزائر. وأشار إلى مؤشرات ايجابية ينبغي تعزيزها مثل تقليص البطالة من ٣٠ بالمئة في ٢٠٠٩ إلى ١٠ بالمئة حاليا وتحسين مستوى معيسة الساكنة غير أنه لاحظ استمرار ارتباط الاقتصاد بالموارد المحصلة من المحروقات وارتكازه على التمويل العمومي للاستثمار، مشيرا إلى أهمية التوصل إلى تنويع مصادر الاقتصاد وان يكون النمو الاقتصادي متوازنا ونوعيا وأكد ان الحكومة ما فتئت تدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة مع السعي المتواثل لتحسين مناخ الاعمال مع فعالية التمويلات الاجتماعية.
ومن جهته، قدم زين ولد زيدان مداخلة بمعطيات تقنية صرفة انطلق فيها من تأكيد المؤشرات الإيجابية مسجلا ان المشكلة تكمن في ضعف الانتاجية، مؤكدا انه بالنظر للقدرات المتوفرة للاقتصاد الجزائري فان نسبة النمو التي يناسبها يقدر ب٦ بالمئة وليس ٤ بالمئة. وأضاف انه حتى وان تقلصت البطالة منذ سنة ٢٠٠٠ بشكل قوي الا ان المسالة لا تزال تتطلب مزيدا من الجهود وينبغي بذلها خاصة وأن الظاهرة متفشية في أوساط حملة الشهادات الجامعية كما أن ضغط نمو السكان سيتواصل على سوق العمل طيلة السنوات الخمس القادمة. ودعا إلى تحسين جودة المصاريف العمومية واستهداف التمويلات الاجتماعية نحو الفئات الهشة وإصلاح مناخ الأعمال. وأشار إلى جدوى ربط الزيادات في الأجور بالزيادة في الانتاجية مع العمل بسرعة على إقامة آليات لضمان ديمومة الدخل بالنظر لتوقعات انخفاض مداخيل المحروقات مع تسيير ديناميكي للاستثمار تفاديا للتأخر في الإنجاز مع عصرنة تسيير المالية العمومية من خلال وضع نظام مدمج يسمح لوزير المالية ـ مثلا ـ على معرفة المعطيات في وقتها الحقيقي.
ولدى إثارته لمناخ الأعمال، أوضح أن الجزائر مصنفة في مرتبة لا تلائم قدراتها، وأن هناك معوقات منها ـ كما أوضح حسبه ـ قاعدة ٥١/٤٩ التي تعني في بلدان مماثلة قطاعات ذات طابع استراتيجي، لكنه أكد بالمقابل، أن قطاع السكن يمكنه أن يستقبل استثمارات خارجية، ومن ثمة يمكنه أن يساهم في التنمية. ودعا إلى اطلاق القروض الاستهلاكية قبل أن يشير إلى أن سوق العمل تحتل المرتبة ١٤٤ عالميا وفقا لتصنيف المنتدى الاقتصادي العالمي وتتميز بهيمنة القطاع العام مع ارتفاع الاعباء الاجتماعية وبلوغ نسبة البطالة لدى الجامعيين اكثر من ١٥ بالمئة في غياب توجيه للتكوين العالي حسب احتياجات السوق.
ولدى طرحه لسيناريوهات مستقبلية اجال المحاضر ان هناك خيارات بين بقاء الوضع كما هو حاليا مما يرفع من حجم البطالة أو تسريع النمو وتحسين الاسواق بما يفلص البطالة إلى ٥ ا أو ٦ بالمئة على المدى المتوسط. ولذا يجب تسريع وتيرة النمو خارج المحروقات وتقليص المعوقات في سوق العمل مضيفا ان السوق الموازية غير مشجعة لما فيها من منافسة غير نزيهة وأن مكافحتها يجب ان تضرب المنبع باصلاحات تضمن انشاء مؤسسات في ظل انهاء البيروقراطية. واوصى باهمية احداث شراكة بين الادارة والقطاع الخاص مسجلا الموقف الايجابي للوزير الاول بهذا الشان علما انه لوحظ  حضور عدد من ممثلي الباترونا الخواص مثل حبيب يوسفي والعام مثل علي سليماني وغياب زعيم منتدى رؤساء المؤسسات. وخاص مستشار الآفامي للشرق الأوسط إلى تحسين سوق العمل بترقية العلاقة بين التكوين والشغل مؤكدا ان للجزائر قدرات لتحقيق نسبة نمو في حدود ٦ بالمئة.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024