شهادات مثيرة أدلى بها المقربون من الوفد الجزائري المتكون من رجال «مهنة المتاعب» الذين لقوا حتفهم إثر سقوط الطائرة التي كانت تقلهم بالأراضي الفيتنامية.في هذا اليوم سقط الخبر كالصاعقة على الجزائريين الذين فقدوا أبناء بررة كانوا يرافقون الرئيس الراحل هواري بومدين في جولته إلى البعض من البلدان في تلك المنطقة.. أيام كانت حقا صعبة على الجزائر تحملتها بكل مآسيها على الصعيد الوطني خاصة مع إنتظار وصول الجثامين في أي يوم.
كل تلك النخبة من أهل الإعلام.. كان لهم باع طويل في عملهم، يتقنونه بشكل ملفت.. الكثير منهم سجل حضوره في أحداث تاريخية عاشتها الجزائر.. من «ثورات الثلاث» و«قرار التأميمات» و«التطوع» و«القرى النموذجية»، و«المهرجان الإفريقي»...
في هذه المناسبة المؤثرة.. والمترجمة لتعلق الجزائريين بصحافييهم الذين توفوا في الفيتنام وهم يؤدون واجبهم بكل تفان وإخلاص.. نستحضر جميعا دون إستثناء، لأنهم كانوا القدوة والعبرة بالنسبة للآخرين، الذين كانوا يشتغلون إلى جانبهم.. ولا تفارقنا أبدا صورهم، ولابد هنا من إستذكار الصحافي في التلفزيون الجزائري صالح الديب الذي كان يطل علينا كل مساء خلال نشرة الثامنة.. وهو يقرأ الأخبار الوطنية والدولية بطريقة مدهشة، لا ينظر أبدا إلى الورقة التي أمامه وإنما يحتكم إلى قوة وقدرة الحفظ للأنباء التي كانت تنزل عبر «التيلكس» في شريط الوكالات.
ما تزال صورة هذا الرجل الهاديء والمتخلق عالقة في أذهان الكثير ممن كانوا مدمنين على مشاهدة البرامج الوطنية ولا يبرحون أماكنهم في منازلهم دون إلقاء نظرة على ما كانت يبث في «الثامنة».
والإشارة إلى تلك الشخصية الإعلامية ليس من باب إقصاء الآخرين كحراث بن جدو أو براهيم بلبحري، أو عبد القيوم بوكعباش أو عثمان عامر أو محمد ملايكة، أو محمد السعيد وزير الإتصال الحالي، لا أبدا أردنا فقط إبراز تلك الكفاءة العالية لأناس آمنوا إيمانا قاطعا بأن العمل والعمل فقط هو مقياس لنجاح الأمم.. وبلوغ مصاف التقدم.. وليس هناك أشياء أخرى.
إننا في هذا اليوم نسترجع شريط جزائر السبعينات التي كانت تعد نموذجا في التحرر والتنمية.. وهذا بفضل ما كان يبذل من مجهودات خارقة، ما جعلها في مرتبة أحسن من دول الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط، وكذلك قدرتها على تواجدها المتواصل في كل المحافل الدولية.. لأن رسالتها كانت لها أبعاد إنسانية سواء على الصعيدين السياسي أو الإقتصادي.
الجزائر اليوم ومن خلال إحياء هذه الذكرى الراسخة في أذهان الكثير من الذين عاشوا الحدث.. لها العديد من عوامل الرقي.. ولا يتأتى هذا إلا بالعودة إلى إرساء قواعد عمل صارمة بعيدة كل البعد عن التهاون وروح الإتكالية أو العمل بذهنية «البايلك» التي لم تعد صالحة اليوم.
رجال أدوا مهمتهم كاملة
صالح ديب.. نموذج لمقدمي ''نشرة الثامنة''
جمال أوكيلي
شوهد:296 مرة