تحدت الإرهاب واصطدمت تجربتها السياسية بجدار الحزب

نعيمة كسوم مثال لنضال المرأة الميدانية بعيدا عن الأضواء

التقتها: فريال/ب

ترفض عبارة قضايا المرأة لأنها ليست قضية وإنما محرك المجتمع، أول فتاة جزائرية مارست المصارعة اليابانية في ١٩٧٨، السيدة نعيمة كسوم مسار طويل لنضال بعيد عن الأضواء، تحدت الإرهاب في عقر داره في الفترة الممتدة بين ١٩٩٠ و١٩٩٤ بفتح أبواب المركز الثقافي ببلدية الكرمة ببومرداس لتعليم البنات محتمية بلافتة كتب عليها «للبنات فقط من الساعة الثامنة إلى الخامسة» تحت لواء جمعية ترقية النشاطات النسوية التي بادرت بتأسيسها في ١٩٨٨.
بصدر رحب تحدثت السيدة كسوم عضو في المكتب الوطني للجمعية الثقافية محمد لعمودي والأمينة العامة للاتحاد الوطني للحركة الجمعوية والمجتمع المدني لـ «الشعب» عن تجربتها في جميع الميادين، ورغم أنها التحقت باكرا بصفوف جبهة التحرير الوطني وعمرها لا يتجاوز ١٨ سنة وتلقت تكوينا سياسيا على مدى ٣ عقود كاملة من الزمن، إلا أن ملفها رفض ولم يدرج اسمها أساسا في قائمة المرشحات للإنتخابات التشريعية التي جرت قبل قرابة سنة وتحديدا في شهر ماي من العام الفارط، رغم أنها تفاءلت بقانون تعزيز المشاركة السياسية للمرأة الذي بادر به القاضي الأول في البلاد، ولم تكن خيبة الأمل الأولى كونها اعتزمت قبل خمسة أعوام أي في ٢٠٠٧ الترشح في الانتخابات المحلية ببلدية المرسى ببرج البحري ولاقى ملفها نفس المصير والسبب في ذلك حسبها «لأنني أعارض السلبيات التي تحدث في الحزب والانتهازيين المتواجدين من أجل المناصب فقط دون تكوين سياسي».
لكن المرأة التي اصطدمت بجدار نال من كل محاولاتها في ولوج عالم التمثيل النسوي في الساحة السياسية وحال دون ولوجها عالما وتجربة هي متأكدة من نضوجها لخوضها انطلاقا من التكوين السياسي الذي حصلته، لم تتوقف عن نضال اقترن بحياتها منذ نعومة أظافرها، باقتحام عالم الرياضة من خلال نوع لم يكن فقط حكرا على الرجال وإنما قليلات الفتيات التي تتبادر إلى أذهانهن فكرة ممارستها، المصارعة اليابانية، وإن كانت مجرد رياضة لفتاة صغيرة، إلا أنها كانت مؤشرا قويا على أنها لن تكون امرأة عادية وإنما مناضلة تفضل النشاط في الظل إيمانا منها بأن المرأة الميدانية الحقيقية لا تبحث عن الأضواء من خلال الصحافة أو الإشهار.
وبالموازاة مع دخولها عالم الشغل مطلع الثمانينات وتحديدا في العام ١٩٨٣، بعد اختيارها العمل في قطاع التربية والتدرج فيه من مربية إلى معلمة إلى يومنا هذا، ناضلت في صفوف الاتحاد الوطني لشبيبة الجزائرية وفي حزب جبهة التحرير الوطني، وفي العام ١٩٨٨ بادرت بتأسيس جمعية ترقية النشاطات النسوية، وتحدت الإرهاب على مدى أربعة أعوام كاملة بولاية بومرداس وتحديدا ببلدية الكرمة لضمان تكوين فتيات غادرن صفوف الدراسة في السنة السادسة أي أن مسارهن توقف في الطور الأول الإبتدائي، ولحماية الفتيات دونت في لافتة علقت على أبواب المركز الثقافي «للبنات فقط من الساعة الثامنة إلى الساعة الخامسة» وتمكنت من تكوين ١٠٣ فتاة تنقلن من الجبال وخاطرن بحياتهن لتلقيه، عندما كان الجميع يخاف من الخروج، وقبل ذلك تحلت بشجاعة كافية لفتح المركز الذي كانت أبوابه موصدة، ولم تتوقف عند هذا الحد فقد مكنتها جرأتها من تنظيم احتفال بيوم الشهيد سنة ١٩٩٢ بحضور والي الولاية آنذاك الهاشمي جيار.
وفي ٢٠٠٥ انخرطت كسوم السيدة المتواضعة والبسيطة رغم نضالها الكبير في مسار المصالحة الوطنية ونشطت تحت لواء المنظمة الوطنية للمصالحة والعفو كلفت بالملف الاجتماعي باعتبارها عضوا وطنيا وواصلت مهمتها إلى العام ٢٠٠٧ ، هذه المحطة جعلتها تبتسم لأنها تذكرت بأنها تمكنت من تنظيم عطلة صيفية لضحايا المأساة الوطنية  مرتين، جمعت فيها ٤ أطفال من ٤٨ ولاية بالإضافة إلى إقامة تكريم لرجال الثقافة وللضحايا الذين تقبلوا التسامح.
السيدة التي ترفض اختصار المرأة في كلمة قضايا، لأنها «ليست قضية بل هي عنصر ومحرك المجتمع اذا ما تم الاعتناء بها كما ينبغي نستطيع القول بأننا أصلحنا المجتمع»، تعتبر قانون تعزيز المشاركة النسوية في المجالس المنتخبة إضافة ومبادرة جيدة من الرئيس بوتفليقة، لكن التكوين السياسي ضرورة لا ينبغي القفز عليها برأيها لإنجاح القانون ولضمان استفادة فعلية للمرأة.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024