غادر الرئيس الكوبي راوول كاسترو أمس، الجزائر العاصمة عقب زيارة دولة قام بها للجزائر بدعوة من رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة.
وكان في توديع كاسترو بمطار هواري بومدين الدولي كل من رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح والوزير الأول عبد المالك سلال، ونائب وزير الدفاع الوطني رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق أحمد ڤايد صلح ووزير الشؤون الخارجية رمطان لعمامرة ووزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات عبد المالك بوضياف.
البيان المشترك الجزائري ـ الكوبي
أهميـة تضافـر الجهـود لمكافحـة الإرهــاب
صدر أمس الثلاثاء، بيان مشترك بمناسبة زيارة الدولة التي قام بها رئيس مجلس الدولة ومجلس الوزراء لجمهورية، كوبا راوول كاسترو روز، إلى الجزائر لمدة ثلاثة أيام. فيما يلي النص الكامل للبيان:
«بدعوة من السيد عبد العزيز بوتفليقة رئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية قام السيد راوول كاسترو روز رئيس مجلس الدولة ومجلس الوزراء لجمهورية كوبا من 3 إلى 5 ماي 2015 بزيارة دولة إلى الجزائر مرفوقا بوفد هام.
وتبرز هذه الزيارة التي تندرج في إطار التشاور والتنسيق القائمين بين قادة البلدين إرادة الجزائر وكوبا في تعزيز أواصر الصداقة والتعاون وكذا عملهما المشترك على الساحتين الإقليمية والدولية.
كما تترجم هذه الزيارة العلاقات التاريخية الجزائرية الكوبية التي طالما كانت مفعمة بالصداقة والاحترام المتبادلين وكذا تطابق في الرؤى حول أهم المسائل المتعددة الأطراف.
وخلال هذه الزيارة أجرى قادة البلدين محادثات عميقة ومثمرة حول مختلف المسائل ذات الإهتمام المشترك على الصعيد الثنائي والإقليمي والدولي. كما تبادلا بهذه المناسبة معلومات حول الإصلاحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي باشرها البلدان إلى جانب تطرقهما إلى مسائل الساعة بمنطقتيهما وفي العالم.
وجرت المحادثات في جو ودي اتسم بصداقة عميقة وتوافق في المقاربات كما استعرض الطرفان واقع التعاون الثنائي في كافة المجالات.
العمل سويا لتعزيز التعاون القطاعي
وفي هذا الصدد جددا التزامهما الصارم بالعمل سويا من أجل تعزيز التعاون القطاعي وتنويعه قصد الرقي به إلى مستوى العلاقات السياسية الممتازة القائمة بين البلدين.
وأشاد الوفد الكوبي بالدور الهام الذي يقوم به الاتحاد الإفريقي من أجل ترقية السلم والأمن والتنمية في إفريقيا وتحقيق الإندماج السياسي والاقتصادي في القارة وأبرز جهود المنظمة الإفريقية فيما يخص الدفاع عن مصالح إفريقيا ومكانتها على الساحة الدولية كما أعرب عن امتنانه لإسهامات الاتحاد الافريقي على الصعيد الدولي وعن شكره لرفضه للحصار الإقتصادي والتجاري والمالي المفروض على الجزيرة مشيدا على وجه الخصوص بالمساهمة الجزائرية في هذا المجال.
وأكد الوفد الكوبي على الدور الهام الذي أدته الجزائر باعتبارها فاعلا إقليميا سواء على مستوى الإتحاد الإفريقي أو من خلال مبادراتها كوسيط في حل النزاعات في شمال إفريقيا والساحل وفي تجسيد نهضة إفريقيا.
وأكد الوفدان مجددا على التزام البلدين باحترام أهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي والسلم والأمن الدولي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
كما جددا تأكيدهما على احترام السيادة ومبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية وحق الشعوب في تقرير مصيرها وفي الاستقلال.
وأبرزا مجددا سداد المثل العليا التي تدعو إليها حركة دول عدم الإنحياز ودورها في دمقرطة وبعث المؤسسات الدولية متطرقين إلى الإستحقاقات القادمة لهذه السنة في إطار الحركة لا سيما الندوة الوزارية لطهران والقمة المرتقبة بفنزويلا.
وبخصوص مسألة الصحراء الغربية آخر مستعمرة في افريقيا أكد الوفدان مجددا دعمهما لجهود الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي الهادفة إلى التوصل إلى تسوية سياسية عادلة ومستديمة تقوم على ممارسة شعب الصحراء الغربية لحقه الثابت في تقرير المصير في إطار استفتاء حر ونزيه وحيادي.
وفي هذا السياق عبر الوفدان عن تضامنهما مع شعب الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية في جهوده الهادفة إلى تحقيق طموحاته الشرعية وأشادا بالاسهام الإيجابي للاتحاد الافريقي في البحث عن حل سياسي يتطابق مع اقتراحاته الخاصة حول المسألة وأعربا عن ارتياحهما للمهمة التي أوكلت لرئيس الموزمبيق جواكيم شيسانو.
وحث الطرفان مجلس الأمن على اتخاذ كل الاجراءات الضرورية لتعجيل تطبيق تسوية هذا النزاع طبقا للشرعية الدولية.
تدهور الوضع الأمني خطر على الوحدة الليبية
وبخصوص ليبيا أعرب الطرفان عن انشغالهما العميق إزاء تدهور الوضع الأمني في هذا البلد وانعكاساته السلبية على كافة المنطقة، كما دعا الطرفان إلى حل سياسي يضمن حفظ الوحدة الترابية للبلد ووضع حكومة وحدة وطنية.
أشاد الوفد الكوبي بجهود الجزائر لجمع الأطراف والفاعلين السياسيين الليبيين كمرحلة هامة لاستتباب السلام والاستقرار في هذا البلد.
ولدى تطرقه إلى الوضع في مالي أطلع الطرف الجزائري الطرف الكوبي على الجهود التي تقوم بها الجزائر لتسهيل تسوية النزاع في هذا البلد. كما دعا الوفدان كافة الأطراف المالية إلى تغليب المصلحة العليا لمالي.
وبخصوص الوضع في الشرق الأوسط، جدد الطرفان دعمهما لحل عادل ودائم للنزاع الإسرائيلي - الفلسطيني الذي يعتبر حجر الزاوية للنزاع في الشرق الأوسط وجددا التأكيد على حق الشعب الفلسطيني الثابت في إقامة دولة مستقلة في حدود ما قبل سنة 1967 عاصمتها القدس. ونددا من جهة أخرى بالتعنت الإسرائيلي وسياستها غير القانونية لبناء مستعمرات في الأراضي العربية الفلسطينية المحتلة بغير وجه حق. وطالبا بالاسترجاع غير المشروط والفوري لكل الأراضي المحتلة. وفي هذا السياق أشار الطرفان إلى ضرورة تعجيل الجهود من أجل استحداث منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط.
تضامن مع فنزويلا
كما جددا التأكيد على تضامنهما الكلي مع جمهورية فنزويلا البوليفارية ومع شعب فنزويلا الذي يكافح من أجل مواصلة السير على دربه الخاص وحمل إرث القائد والرئيس هوغو شافاز وهو مع ذلك يواجه محاولات لضرب استقراره يجب وضع حد لها وأيضا للعقوبات وحيدة الطرف التي يجب أن ترفع. واعتبرا أن العلاقات بين بلدان أمريكا اللاتينية والكراييب وكذا علاقاتها مع الأمم الأخرى يجب أن تكون مطابقة مع روح “إعلان أمريكا اللاتينية والكراييب كمنطقة سلم” الذي وقعه رؤساء دول وحكومات المنطقة خلال القمة الثانية لمجموعة دول أمريكا اللاتينية والكراييب التي عقدت في يناير 2014. أما بخصوص مسائل نزع السلاح النووي وحظر الإنتشار والإستعمال السلمي للطاقة النووية تطرق الوفدان إلى ندوة مراجعة معاهدة حظر الإنتشار (2015) التي تترأسها الجزائر.
كما أكدا على أن القضاء التام و الحظر النهائي للأسلحة النووية يشكلان الهدف الأولوي للمجتمع الدولي مشيران إلى تأسيس 26 سبتمبر من كل سنة يوما عالميا للقضاء التام على الأسلحة النووية كما وجهتا نداء لتكريس إحياءه وأكدا على حق جميع البلدان في التطوير والبحث واستعمال الطاقة النووية لأغراض سلمية.
وبخصوص الارهاب اكد الجانبان على ادانتهما القوية للارهاب بكل اشكاله ومظاهره في أي زمان ومكان بما في ذلك ارهاب الدولة كما أشارا إلى ضرورة تظافر الجهود من أجل مكافحة الارهاب الدولي.
وأكدا التزامهما بالعمل على المصادقة على الاتفاقية الشاملة حول الارهاب الدولي في إطار الأمم المتحدة.
ولدى تطرقهما إلىلوضع في أمريكا اللاتينية والكارييب نوهت الجزائر بالتزام المنطقة من أجل ترقية السلام والاستقرار الاقليميين ومن أجل تجسيد اندماجها السياسي والاقتصادي لفائدة تلك البلدان وشعوبها وبخاصة تعزيز مجموعة بلدان أمريكا اللاتينية والكارييب.
إشادة بعودة العلاقات الدبلوماسية بين واشنطن وهافانا
كما أشاد الطرفان بعودة العلاقات الدبلوماسية بين كوبا والولايات المتحدة إلى طبيعتها حيث أعرب الجانب الجزائري عن أمله في أن يوضع حد وبشكل فوري وغير مشروط للحصار الاقتصادي والتجاري والمالي غير العادل وغير المشروع المفروض على كوبا كما دعا إلى عودة سيادة كوبا على الإقليم المحتل بشكل غير شرعي حتى اليوم للقاعدة البحرية لغوانتنامو.
وأشاد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بالقائد التاريخي للثورة الكوبية فيدال كاسترو الذي يعتبر عمله لصالح الشعب الكوبي وتضامنه الفعال لصالح الشعوب المكافحة من أجل الحرية والاستقلال مصدر فخر كبير.
وأجرى الرئيس الكوبي خلال إقامته بالجزائر محادثات مع رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح ورئيس المجلس الشعبي الوطني محمد العربي ولد خليفة والوزير الأول عبد المالك سلال. وكانت هذه المحادثات الهامة فرصة للطرفين لبحث مسائل ثنائية ودولية ذات الإهتمام المشترك.
وبمناسبة هذه الزيارة تم التوقيع على اتفاقات تعاون جزائرية ـ كوبية هامة.
وعقب هذه الزيارة قدم الرئيس الكوبي راوول كاسترو روز جزيل الشكر للرئيس عبد العزيز بوتفليقة والشعب الجزائري على حفاوة الاستقبال وحسن الضيافة اللذين حظي بهما وكذا الوفد الذي رافقه وذلك منذ حلوله بالجزائر.
ووجه الرئيس كاسترو روز دعوة إلى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة للقيام بزيارة دولة إلى كوبا، وقد تم قبول الدعوة بكل سرور فيما سيتم تحديد تاريخ الزيارة باتفاق مشترك عبر القناة الدبلوماسية”.