لا يضيع حق من ورائه مطالب، هي قناعة الشعب الصحراوي الذي يواجه الظلم والتعسف ليس على أيدي الاحتلال المغربي فقط ولكن من قبل المجتمع الدولي الذي تأخر كثيرا في أنصاف هذا الشعب المكافح من أجل كرامة الإنسان كل الإنسان دون استثناء.
إنه لم يعد من المستساغ ولا المقبول في زمن السماوات المفتوحة والتطور التكنولوجي الهائل لوسائل الإعلام والاتصال وفي خضم الكلام عن الديمقراطية وعن حقوق الانسان… إلخ، أن يبقى شعب على وجه هذه الأرض يعاني من ممارسات عفا عنها الزمن على أيدي آلة القمع المغربية على مدار 39 سنة من انقضاضها على الأراضي الصحراوية، ضمن مشروع استعماري مفضوح أطلق عليه “المسيرة الخضراء” والتي لم تكن في حقيقة الأمر إلا استكمالا للمشروع الاستعماري الغربي وممارسة لسياسات النهب والسرقة لخيرات الشعوب نيابة عن هذا الأخير، بعد أن اضطرته الحركات التحررية وضغوطات الرأي العام في الداخل والخارج إلى الانسحاب من هذه المستعمرة الإسبانية السابقة.
إن اتفاقية مدريد التي “أعطى فيها من لا يملك لمن لا يستحق”، تبيّـن أن المغرب أوكلت له مهمّة الاستعمار بالنيابة ليغسل الاستعمار الغربي يديه من هذه الجريمة النكراء ويستمر في نهب خيرات الشعب الصحراوي بأيادي المخزن الذي قبل بهذه المهمة القذرة مقابل الحصول على الفتات؛ مهمة ورط فيها الشعب المغربي دون إذنه في عدوان استعماري ظالم أطلق عليه “المسيرة الخضراء”.
اليوم وبعد مرور 39 عاما هي كرونولوجيا معاناة شعب لم يستسلم ولم يرفع خلالها الراية البيضاء ورغم المؤامرات والخذلان والنفاق، بقي متمسكا بقناعة واحدة وثابتة هي الاستقلال عبر استفتاء تقرير المصير كحق تكفله الشرعية الدولية؛ حق لاتزال - للأسف الشديد - تعرقله بعض المناورات الخبيثة التي لا تريد أن تفقد امتيازات تعطيها بغير وجه حق الاستيلاء على مقدرات وخيرات الشعب الصحراوي بثمن التراب. فالمغرب الذي عرض على موريتانيا اقتسام الأراضي الصحراوية مناصفة كرشوة لتوريطها في سرقة أراضي الصحراء الغربية والتي لو كانت بالفعل من “أقاليمه الجنوبية” - كما يدعي - لما عرض ذلك على أحد! يواصل اليوم في سياسة الفساد ورشوة الآخرين من خلال توريطهم في عمليات نهب وسرقة ثروات الشعب الصحراوي لشراء سكوتهم، بل أكثر من ذلك شراء وقاحة الدفاع عن ممارساته الجهنمية في الصحراء الغربية.
اليوم، تكشّفت هذه المعادلة الخبيثة للجميع ولم يعد من الممكن تغليط الناس أو الكذب عليهم، خاصة وأن الشعب الصحراوي لم يرمِ منشفة النضال على مدار 39 عاما، لم يخفت خلالها وهج نضال هذا الشعب العظيم الذي لا مصير آخر له غير الاستقلال والحرية... جفّت الصحف ورفعت الأقلام.