تشهد الساحة الإعلامية منذ مدة تكالبا على القطاع العمومي، الهدف منه محاولة تشويه هذا القطاع الذي ظل وفيا لقرائه ومتتبعيه عبر مراحل زمنية بعيدة وعديدة، وكان ومازال مرآة لأبناء الجزائر العميقة يحاكي يومياتهم ويتناول معاناتهم بالتحليل والصورة ويقاسم المواطنين أفراحهم وأحزانهم، وقد ظل هذا القطاع صامدا في وجه أولئك الذين حاولوا طمس خطه الافتتاحي، غير مبالين بعرق الصحافيين الذين يكدون في عملهم الإعلامي والذين يعملون دون ضمانات تحميهم، أو تحفظ مشوارهم المهني، وتقيهم مآسي المستقبل الذي لا يؤتمن، في ظل الغموض الذي يكتنف عقود العمل التي تربطهم بمؤسساتهم.
في المقابل يعمل هؤلاء دون هوادة ولا تقصير جريا وراء المعلومة والخبر، لأنه مقدس بالنسبة لهم وهو صمام الأمان لأي عمل صحفي مهما كان نوعه ومصدره.
تتجاهل الكثير من الصحف أحقية القارئ في المعلومة، من خلال تخصيص كل صفحاتها للإشهار، دون السماح له بالاطلاع عن المواضيع والأخبار التي ينتظرها أو يبحث عنها، حتى صارت بعض الجرائد تخصص كل صفحاتها للإشهار الخاص غير مبالية بهذا الكم الهائل من القراء الذين هم في انتظار صدور الجريدة وفور شرائهم نسخة منها يفاجأون بأن إحدى الصفحات التي ينتظرونها غير مبرمجة، بأن الجريدة خصصت كل صفحاتها للإشهار مكتفية بصفحة أو صفحتين فقط دون نشرها أو الاعتذار للقراء، لأن صفحة إشهارية ما سبقتها إلى الصدور، وهنا السؤال الذي يجب أن يطرح في خضم هذا التلاعب وإلى متى هو مغيب هذا الحق؟ الذي كان من المفروض أن يبقى من أولى الأولويات عند مالكي الجرائد.
وما يزيد من تعاسة الوضع، أن الأرباح التي يتم جنيها من الإعلانات الإشهارية قد لا تصل إلى العمال ولا إلى الصحافيين، بل تذهب إلى أرصدة أصحابها، ومن يطالب بأدنى حقوقه قد تصله ورقة التسريح فورا، ولا يمكنه المطالبة بأي شيء.
في المقابل توزع الأرباح بالنسبة للقطاع العمومي على العمال من صحافيين وإداريين وهذا هو الفارق بين الشفافية والغموض؛ الاطلاع على المعلومة حق أقرته القوانين وأوجبه الدستور ولا يمكن القفز فوق مواد أقرها المشرّع الجزائري ورسختها مبادئ وأسس الجمهورية الجزائرية، لا يحق تركها عرض الحائط.
إن الأدهى والأمر من ذلك كله، أن تصبح هذه العناوين وسيلة للمساس برموز الأمة والوطن، أو تكون أداة للإساءة والمساومة على طرف دون آخر، فتسقط في العدوانية والضلال من خلال تحيّزها وتحزّبها وسقوطها في لعبة ليّ الذراع.