15 بالمائة من المؤسّسات النّاشئة أسّسها جزائريّو المهجر
تساهم الجالية الوطنية بالخارج بشكل متنام في الجوانب الدبلوماسية والاقتصادية، وتعزيز التنمية الوطنية وتدعيم العلاقات الدبلوماسية بين الجزائر ودول الاستقبال، إلى جانب تحفيز النمو الاقتصادي والاجتماعي. وقد أولت الجزائر تحت قيادة رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، أهمية لهذه الشريحة من المواطنين الجزائريين، من خلال تسهيل الإجراءات التي تبقي على ارتباطها بالوطن في كل الظروف. وقد عادت هذه التدابير بالنفع على أفراد الجالية، وعلى الجزائر على حد سواء.
تراهن الجزائر الجديدة على ربط الجالية الوطنية بالخارج بالوطن الأم، لما لها من دور فعال في تنمية البلاد والإسهام في الدبلوماسية الشعبية، وجلب فرص الاستثمار في مشاريع تجارية أو صناعية، ممّا يساهم في خلق فرص عمل وتحفيز النمو الاقتصادي، كما تمكّن هذه الاستثمارات من نقل الخبرات والمعرفة ممّا يساهم في تطوير القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، وبالتالي المشاركة في التنمية الاجتماعية في البلاد من خلال دعم المشاريع الخيرية والتنموية، على غرار مشاريع التعليم والصحة. هذا وتقدّر نسبة المؤسسات الناشئة التي أسّسها مستثمرون من الجالية الوطنية بـ 15 بالمائة، من مجموع الشركات الناشئة المسجلة، ناهيك عن الإسهامات المالية الناجمة عن التحويلات المالية، حيث قدّرت قيمة التحويلات المالية للحالية الوطنية بالخارج إلى عائلاتهم وأقاربهم في الجزائر بأكثر من 1.8 مليار دولار سنة 2024، مسجلة ارتفاعا بنسبة تقارب التسعة بالمائة مقارنة بسنة 2022، ممّا يعني أن التدابير المعلن عنها باتت تؤتي أكلها، رغم أن القيمة ضئيلة وتمثّل واحد بالمائة من الناتج المحلي الخام، إلا أنّها مرشحة للارتفاع باضطراد ممّا يساهم في دعم الاقتصاد المحلي وتحسين مستوى المعيشة.
وفي هذا الصدد، أكّد المجلس العالمي للجالية الجزائرية، الممثل بمؤسسه كريم زريبي، ورئيسته فريدة غزالي، حرصه على التواجد بالجزائر من خلال أعضائه، الذين كلهم عزم على وضع بصمتهم في هذا الانجاز والمساهمة في تنمية الوطن الأم، الجزائر، وذلك بمناسبة مشاركته في فعاليات الطبعة الرابعة لمعرض التجارة البينية الإفريقية.
إلى جانب ذلك، تؤدي الجالية الوطنية بالخارج دورا هاما في تعزيز العلاقات الدبلوماسية بين البلد الام وبلدان المهجر، ممّا يساهم في تعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي، وتمثيل الجزائر أحسن تمثيل بما يتماشى وجهود الدبلوماسية الجزائرية الرسمية التي عادت بقوة خلال السنوات الأخيرة للتأثير في الساحة الدولية.
ولقد اتّخذت الجزائر عديد التدابير التي عزّزت روابط الجالية في الخارج بالوطن الأم، كان آخرها إجراء تسهيل الحصول على الوثائق الرسمية، فابتداء من جويلية 2025، أصبح بوسع الجالية المقيمة بالخارج التقدم عبر أقرب بعثة دبلوماسية أو قنصلية للحصول على شهادة الجنسية موقعة إلكترونيا دون تكبّد عناء السفر إلى الجزائر، وإطلاق بوّابات إلكترونية مخصّصة لهم، وإنشاء مجلس للجالية الجزائرية بالخارج بهدف إشراك الكفاءات الجزائرية المغتربة في خطط التنمية الوطنية.
من جهة أخرى، سهّلت الجزائر إجراءات الدخول والخروج دون تأشيرة مسبقة، بالنسبة لأفراد الجالية الوطنية المقيمين بالخارج وحاملي جوازات سفر أجنبية سارية الصلاحية، بشرط التقيد باستعمال الوثائق نفسها عند الدخول والخروج، وذلك حتى 31 ديسمبر 2025.
وفي 11 جانفي من السنة الجارية، انطلقت مصلحة الخدمة المدنية والتصديق على الوثائق الموجهة للاستعمال خارج الوطن، المتواجدة على مستوى وزارة الخارجية، في مباشرة عملها لتقديم خدمات أفضل للجالية.
وحرصا منه شخصيا على تعزيز الروابط مع الجالية الوطنية بالخارج، كرّس رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، هذه الفئة دستوريا كجزء لا يتجزأ من الأمّة، كما حرص على تنظيم لقاءات مع أفراد الجالية الوطنية خلال زياراته الرسمية إلى الخارج، للاطلاع على أوضاعهم والإصغاء لانشغالاتهم وتطلّعاتهم، وأمر بضرورة اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير اللازمة لضمان تكفل أفضل، وتقديم خدمات مفيدة لأفراد الجالية الجزائرية على مستوى المطارات والموانئ.
وتهتم السلطات الوطنية، وتنفيذا لأوامر رئيس الجمهورية، بالنشء الصاعد من أبناء الجالية، من خلال تنظيم مخيّمات صيفية على أرض الوطن، حيث يتم استقبالهم عبر عدة دفعات لتعريفهم بثقافة بلدهم، واطلاعهم على الموروث التاريخي والاجتماعي، وهذا يمتن علاقات الأجيال التي ولدت وترعرعت بعيدا عن الوطن، ويبقيها على اتصال بأصولها.
ومن المنتظر أن تؤسّس قريبا هيئة مخصّصة للجالية الوطنية في الجزائر، تهدف إلى تسهيل وتسريع إنجاز المشاريع لغرض خلق «قصص نجاح» والتعريف أكثر بإنجازات الجزائر، و»مرافقة حاملي المشاريع من أفراد الجالية، وتسهيل استقبالهم وتوجيههم ومساعدتهم على تجسيد مشاريعهم من خلال تحسين خطط الأعمال، والحصول على مواعيد مع المؤسسات البنكية أو الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار.