مرافـق مرتبطــة بسلاسل الإمــداد لأسـواق خارجية
سيكون معرض التجارة البينية الإفريقية بالجزائر، بعد أيام قليلة، فرصة لإبراز قوة الصناعة الغذائية في القارة، حيث ستعرض الجزائر منتجات عالية الجودة تعكس اندماجها في التطور التكنولوجي العالمي. يأتي هذا في قطاع يُعد ثاني أهم مصدر للثروة بعد المحروقات، مساهماً في تعزيز الأمن الغذائي الوطني والقاري، ومنفتحا بقوة على أسواق إفريقيا في السنوات الأخيرة.
بعد أن اكتسحت الصناعة الغذائية الجزائرية الأسواق الخارجية، مستفيدة من التطور الحديث والتكنولوجيا الجديدة، عملت على توسيع المساحات المسقية والمزروعة في الجزائر، من أجل توفير المادة الأولية من المنتجات الفلاحية.
وأفضت كل هذه الجهود والرؤية الواضحة إلى تطوير منظومة الصناعة الغذائية بشكل جدي وملموس. علما أن جزءاً كبيرا منها يقوده القطاع الخاص بنجاح كبير، وأصبح حضور المنتجات الجزائرية في الأسواق الخارجية في تزايد، باختراق الأسواق البعيدة في مختلف القارات، وعلى رأسها الإفريقية والأوروبية وكذا الأمريكية.
ويُرتقب أن يفتح الموعد التجاري الاقتصادي الإفريقي الضخم، المقرر تنظيمه في قصر المعارض، شهر سبتمبر الداخل، فضاءات متعددة لهذا النوع من الصناعات، التي تُعد مفخرة الإنتاج الجزائري والإفريقي، لأن الجزائر تحولت بفضل إستراتيجيتها التنموية خارج قطاع المحروقات، إلى أكبر محور قاري للصناعة الغذائية، وبإمكانها تأمين كميات ضخمة من المنتجات الاستهلاكية للسوق الإفريقية، بما يساهم في تحقيق الأمن الغذائي. كما أن سياستها التنموية خارج المحروقات تعد بالكثير على المستويين القريب والمتوسط.
أكبر الأسواق الواعدة للغذاء
إن خارطة الصناعة الغذائية الوطنية تضم أكثر من 31 شركة إنتاجية، وهذا الرقم مازال مرشحاً للارتفاع بفضل تسريع وتيرة الاستثمار، بما يتوافق مع انفتاح مسار الصادرات الوطنية على مختلف الأسواق الإقليمية والقارية. وفوق ذلك توجد مناطق صناعية لإنتاج الأغذية مرتبطة بسلاسل الإمداد لأسواق خارجية.
ومن المرتقب أن تحتل الصناعة الغذائية مساحات واسعة من المعرض البيني المقبل، ويكون لها نصيب معتبر من العقود المتوقع إبرامها بقيمة 44 مليار دولار، سواء بتغطية الطلب الإفريقي من مختلف المنتجات الجزائرية، وهو ما يعود بالفائدة على الشركات الجزائرية لتوسيعها وتطويرها أكثر، لأنها في الوقت الراهن تعمل بكفاءة عالية. وخير مثال على ذلك، الإقبال المتزايد حتى في الأسواق الأوروبية على المنتجات الجزائرية.
ويلعب القطاع الخاص دوراً محورياً في هذا المجال، باعتبار أن 95٪ من الشركات الخاصة تتموقع في خارطة هذه الصناعة. علماً أن 40٪ من رقم أعمال الصناعة الوطنية يحققه هذا القطاع سريع التطور والمولد للقيمة المضافة. وعلى ضوء جميع هذه المؤشرات، يُتوقع اندماج أكبر للصناعة التحويلية الرائدة إقليمياً.
وورقة طريق الجزائر كانت دقيقة وواضحة، إذ انطلقت في مخططها من محطة تثمين المنتجات الفلاحية عبر قطاع الصناعات الغذائية، إلى جانب العمل على تطوير القطاع بجميع الآليات المتاحة لتوسيع إنتاجيته والرفع من تنافسيته، وقد أسفر ذلك عن نجاح كبير مرشح للاستمرار والتوسع. وينبغي الإشارة إلى أن جهود تنويع الاقتصاد ساهمت ومازالت في ظهور شركات ناشئة في قطاع الصناعات الغذائية، مما يعكس الديناميكية المتزايدة في هذا القطاع، الذي يؤمّن الغذاء ويحقق الاستقرار ويضخ الموارد المالية بالعملة الصعبة.
ومن المنتظر أن يكشف المعرض البيني الإفريقي، عن الفرص والممونين والشركاء وكذا الزبائن، باعتبار أن إفريقيا أصبحت اليوم من أكبر الأسواق الواعدة في العالم للمنتجات الغذائية، في ظل نمو سريع لكثافتها السكانية وتوسع مدنها بشكل لافت.
وبالنظر إلى كون القارة السمراء سوقاً غذائياً ضخماً ومتنامياً، يضم أكثر من 1.4 مليار نسمة، فإن المعرض سيوفر فرصاً كبرى للمصدرين، وبإمكان الجزائر أن تنتهز هذه الفرص مستغلة تطور صناعتها الغذائية لتبني مسارات جديدة للتصدير والعثور على زبائن دائمين من داخل القارة.
توسيع الأسواق وتنويع الزبائن
مازالت إفريقيا في أمسّ الحاجة إلى سلسلة متنوعة من الأغذية لتلبية طلب مستهلكيها، بداية من القمح إلى الزيوت والسكر والمعلبات والمعكرونة والعصائر والبسكويت واللحوم الحمراء والبيضاء والخضر والفواكه وغيرها...
بعد الطفرة التي حققتها الجزائر في مجال الصناعات التحويلية الغذائية، تواصل البلاد توسيع قاعدتها الصناعية التي نجحت في تغطية الطلب المحلي، وتتأهب للتحول إلى منصة قارية للتصدير خلال السنوات المقبلة، خصوصاً في مادتي الحليب واللحوم عبر مشروع «بلدْنا» بالشراكة مع قطر، إضافة إلى مشاريع مستقبلية أخرى، من بينها مشروع إنتاج الحبوب في الجنوب بالتعاون مع إيطاليا.
وسيكون المعرض البيني الإفريقي، الذي ستحتضنه الجزائر، شهر سبتمبر الداخل، محطة مفصلية لتوسيع أسواقها وتنويع زبائنها وبناء خطوط تصدير دائمة.
تُعد دول غرب إفريقيا، من أبرز الأسواق التي تستهدفها المنتجات الغذائية الجزائرية، بحكم قوتها الشرائية المرتفعة واعتمادها الكبير على الاستيراد لتغطية النقص الموسمي. وقد حظيت الجزائر بإشادة «الفاو» لنجاحها في تعزيز الأمن الغذائي عبر تكامل قطاعي الفلاحة والصناعات الغذائية، ما جعلها ضمن الدول الرائدة عالمياً.
ويأتي المعرض البيني الإفريقي، ليعزز هذا المسار، ليس فقط عبر الترويج التجاري، بل من خلال تبادل الخبرات واستقطاب التكنولوجيا والاستثمارات، بما يدعم دور الجزائر كفاعل محوري في الأمن الغذائي والتنمية الاقتصادية بالقارة.