تميزت أشغال الاجتماع العاشر للجان الوطنية والخبراء الحكوميين في مجال القانون الدولي الإنساني، التي انطلقت، أمس، بالجزائر، بالكلمة التي ألقاها وزير العدل حافظ الأختام الطيب لوح والتي حرص من خلالها على التوقف عند «الانتهاكات العديدة للقانون الدولي الإنساني»، وذلك «بالرغم من وجود معاهدات جنيف والبرتوكولات الملحقة بها والتصديق عليها من طرف كل دول المجتمع المدني»، لافتا إلى أن التحدي يكمن في «وضع هذه الآليات حيز التنفيذ».
لم يفوت المسؤول الأول على قطاع العدالة، فرصة انعقاد الطبعة العاشرة من اجتماع اللجان الوطنية والخبراء الحكوميين في مجال القانون الدولي الإنساني، أمس، بنادي الجيش بحضور وزراء العدل لتونس ومصر ولبنان ورئيس المجلس الشعبي الوطني محمد العربي ولد خليفة، ورئيس المجلس الدستوري مراد مدلسي، وممثل الأمين العام لجامعة الدول العربية رضوان بن خضراء، وكذا نائب رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر، كريستين بيرلي، للتذكير بأن الاجتماع «يتزامن مع احتفالنا بالذكرى الستين لاندلاع الثورة التحريرية المجيدة، التي حملت للعالم رسالة ذات أبعاد إنسانية عميقة»، مضيفا «احتضان الجزائر لهذا اللقاء، تعبير عن مدى تمسك الجزائر بمبادئ القانون الدولي الإنساني، والمساهمة في تكريسها وطنيا وإقليميا ودوليا»، وكانت «الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية انضمت لاتفاقيات جنيف الأربعة في 20 جوان 1960، أي قبل الاستقلال».
وبعدما ذكر بإصدار رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة مرسوم إنشاء اللجنة الوطنية للقانون الدولي الإنساني في العام 2008، قال لوح: «بالرغم من وجود معاهدات جنيف والبرتوكولات الملحقة بها والتصديق عليها من طرف كل دول المجتمع الدولي، وبالرغم من إنشاء اللجان الوطنية في عدة دول، إلا أننا مازلنا نسجل، بكل أسف، انتهاكات عديدة... غالبا ما يكون ضحاياها من المدنيين»، مؤكدا أن الاجتماع «يهدف أساسا إلى توحيد مواقف اللجان الوطنية بشأن كل المسائل المتصلة بالقانون الدولي الإنساني والبحث عن الحلول المناسبة للانتهاكات المتكررة لقواعده..
وأفاد ذات المسؤول في سياق موصول، «عرفت العشريات الأخيرة تزايدا مقلقا للنزاعات المسلحة» التي انتقلت إلى المناطق الحضرية والمدن، مخلفة ضحايا وكذلك التخريب الشامل للمنشآت والمرافق الحيوية، ما يعدّ مساسا مباشرا بحقوق الإنسان. وخلص إلى القول، «إن هذه الخروقات الخطيرة والمتكررة لمعاهدات جنيف والبرتوكولات الملحقة بها، تضعنا أمام تحدي وضع هذه الآليات حيز التنفيذ»، لأن المشكل الحقيقي «لا يكمن في غياب المعايير التي تنظم القانون الدولي الإنساني، وإنما في غياب تطبيقها، حتى لا نقول خرقها بفعل بعض الدول».
كما توقف وزير العدل حافظ الأختام، عند ظروف انعقاد الاجتماع، حيث تعرف العديد من المناطق نزاعات مسلحة ومآسي إنسانية، الدول العربية ـ أضاف يقول ـ ليست في منأى عنها وقد راح ضحيتها الآلاف من الضحايا الأبرياء، ونتج عنها ترحيل عشرات الآلاف من العائلات التي تعيش ظروفا مزرية، وغير إنسانية، كما أدت إلى إذكاء نار الفتنة بين الطوائف والمجموعات العرقية، تاركة مناخا مناسبا للتطرف والإرهاب ومختلف أشكال النشاطات الإجرامية.
وبعدما أشار إلى «أن الجزائر تعتقد جازمة بأن هذه المآسي لم تكن لتحدث لو عرفت الأطراف المتنازعة كيف تغلب لغة الحوار والمصالحة على لغة العنف والسلاح»، أكد أن المجموعة الدولية مسؤولة في البحث عن سبل تفاديها من خلال العمل على ترسيخ مبادئ السلم والأمن الدوليين وتكريسها في العلاقات الدولية، من أجل نظام دولي أكثر عدلا.