السبـب المباشـر للحـادث هـو تعطّـل نظـام التوجيـه
في أحدث تطورات قضية حادثة “وادي الحراش”، أعلن وكيل الجمهورية لدى محكمة الدار البيضاء، رستم منصوري، خلال ندوة صحفية، عن إصدار أوامر بإيداع الحبس المؤقت ضد أربعة أشخاص متورطين في الحادث.
أوضح منصوري، أن قرار قاضي التحقيق جاء بعد استكمال سماع المتهمين الأربعة، حيث وُجهت لكل واحد منهم تهم ترتبط بالإهمال الجسيم، التلاعب بالإجراءات القانونية وتعريض حياة المواطنين للخطر.ويتعلق الأمر أولاً بسائق الحافلة (د.ح) الذي وجهت له تهم القتل الخطأ والجروح الخطأ بواسطة مركبة نقل جماعي، فضلاً عن تعريض حياة الركاب للخطر عبر انتهاك متعمد لقواعد الاحتياط والسلامة.أما قابض التذاكر (هـ.ن)، فقد تمت متابعته بتهم مماثلة، باعتباره شريكاً في تحميل الحافلة بما يفوق طاقتها الاستيعابية.في المقابل، طال الاتهام المراقب التقني للمركبات (ب.ج) الذي صادق على محضر مراقبة يتضمن معلومات غير صحيحة حول صلاحية الحافلة، ما اعتبر تلاعباً خطيراً بالقوانين. أما مالك الحافلة (ح.ر) فقد وجهت له تهمة استعمال محضر مزوّر للمراقبة التقنية، وتسليم المركبة لشخص غير مؤهل للعمل كسائق، وهو ما شكل خرقاً للقانون وتعريضاً مباشراً لحياة الركاب للخطر.التحقيق الابتدائي، الذي تولته فرقة مكافحة الجريمة الكبرى التابعة للشرطة القضائية بباب الزوار، كشف عن “خروقات عمدية صارخة”، حسب تعبير وكيل الجمهورية. أولى هذه المخالفات تمثلت في الحمولة الزائدة، إذ كانت الحافلة تقل 45 راكباً رغم طاقتها المحدودة. كما بين التحقيق أن المركبة كانت محل قرار توقيف مؤقت من طرف مديرية النقل لولاية الجزائر، ما يعني أنها كانت غير مرخصة للسير يوم وقوع الحادث.إضافة إلى ذلك، أوضحت نتائج الخبرة التقنية التي أجراها خبراء المعهد الوطني للأدلة الجنائية وعلم الإجرام بالدرك الوطني، أن السبب المباشر للحادث هو تعطل نظام التوجيه، ما جعل السائق عاجزاً عن التحكم في المركبة وهي على ارتفاع الجسر. كما رصدت الخبرة أعطاباً ميكانيكية أخرى، ما يعكس الإهمال الكبير في صيانة الحافلة.وخلال الندوة، شدد السيد منصوري على أن النيابة العامة لن تتساهل مع أي شخص يثبت تورطه أو مسؤوليته المباشرة أو غير المباشرة في الحادث، مؤكداً أن الهدف ليس فقط محاسبة الجناة، وإنما أيضاً توجيه رسالة قوية ضد الاستهتار بواجبات السلامة في قطاع النقل العمومي.الحادث، الذي خلف حالة من الحزن العميق في أوساط العائلات الجزائرية، أعاد النقاش بقوة حول واقع الحافلات المتهالكة التي تجوب طرق العاصمة والمدن الكبرى، وسط دعوات ملحة لتجديد الحظيرة الوطنية وتشديد الرقابة على شروط السلامة. كما سلط الضوء على مسؤولية مختلف الفاعلين، من سائقين ومالكين وهيئات مراقبة، في حماية أرواح المواطنين.وبينما تتواصل التحقيقات القضائية، يترقب الرأي العام أن تشكل هذه القضية منعرجاً حقيقياً في التعامل مع مخالفات النقل العمومي، بحيث تكون مأساة وادي الحراش درساً بليغاً يدفع نحو إصلاحات جذرية، تمنع تكرار مثل هذه الكوارث مستقبلاً.