مشروع واسع النطاق ولحظة مفصلية في مسار القارة
أكّد وزير الاتصال، محمد مزيان، أنّ الطبعة الرابعة للمعرض التجاري الإفريقي البيني، التي ستحتضنها الجزائر في شهر سبتمبر المقبل، ستشكّل محطة استراتيجية جديدة في مسار التكامل الإفريقي، معتبرا أنّ هذه التظاهرة لن تكون “مجرّد حدث اقتصادي عابر”، وإنما هي “تجسيد لطموح قاري تلتزم به الجزائر”.
في مساهمة له نشرت عبر صحف وطنية، أوضح مزيان أنّ تنظيم هذا المعرض بالجزائر يأتي “كمشروع واسع النطاق ولحظة مفصلية في مسار القارة، في سياق دائم التحول، حيث تعاد صياغة التوازنات والرّهانات التي تشكّل أولويات إفريقيا”.
وأضاف أنّ الالتزام السياسي المحيط بهذا الحدث الذي سيقام بين 4 و10 سبتمبر المقبل “يعكس رغبة السلطات الجزائرية في جعل المعرض التجاري الإفريقي البيني نجاحا هيكليّا يخدم الإندماج الإقليمي”، مؤكّدا بأنّ الهدف، بعيدا عن مجرّد تحقيق الحضور والظهور، يتمثل في تحويل التظاهرة إلى “رافعة حقيقية لتنويع الاقتصاد بشكل مستدام وإعادة التموقع الاستراتيجي”.
وتندرج هذه الديناميكية ضمن استمرارية الإلتزام التاريخي للجزائر تجاه القارة الإفريقية، يتابع وزير الاتصال الذي ذكر بأنّ الجزائر كانت، ومنذ الاستقلال، حاضرة بدعمها لحركات التحرّر الوطني وبمواقفها الدبلوماسية الثابتة، دفاعا عن قضايا القارة.
ويفسّر هذا الدور الرّيادي إلى حدّ كبير انتخاب الجزائر لرئاسة عدة هيئات تابعة للاتحاد الإفريقي، كما يعزّز -حسب مزيان- من شرعية اختيارها كبلد مضيف لهذا الحدث الكبير، الذي يحظى باهتمام واسع من قبل المستثمرين والخبراء الاقتصاديّين الأفارقة.
وفي هذا السياق، ذكّر الوزير بجهود رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، الذي ما فتئ يعمل، وفاء لهذا التوجّه الإفريقي للجزائر، من أجل تعزيز التقارب السياسي بين الدول الإفريقية من خلال نظرة ترتكز على التضامن الفعّال والتعاون في مواجهة التحديات المشتركة وإطلاق رؤية اقتصادية واضحة تقوم على تحريك القدرات الذاتية للقارة وتستند إلى تنشيط التجارة البينية الإفريقية.
وبعد أن أشار إلى أنّ شعار “إفريقيا للأفارقة”، الذي شكّل أحد ركائز الفكر الوحدوي الإفريقي منذ تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية، انطلق من الجزائر، أكّد الوزير أنه “ليس من باب الصدفة أن يبنى اليوم مشروع النهضة الاقتصادية للقارة، على نفس الأرض التي شهدت كفاح التحرّر ومقاومة الاستعمار”.
وتقوم الاستراتيجية التي يعتمدها رئيس الجمهورية على رؤية بعيدة المدى تجمع بين تنويع الاقتصاد الوطني، تعميق الشراكات الإفريقية، مع قطع الطريق أمام أنماط العلاقات الاقتصادية غير المتكافئة، يقول مزيان الذي لفت إلى أنّ هذه المقاربة الطموحة تجد تجسيدها العملي اليوم في تنظيم هذا المعرض الإفريقي، الذي يعتبره العديد من الخبراء رافعة أساسية لترقية المبادلات التجارية داخل القارة إلى مستوى سوق تقدّر قيمتها بأكثر من 3000 مليار دولار.
وأكّد الوزير بأنّ هذه التظاهرة القارية تتجاوز إطار المعرض التجاري، إذ تمثل لحظة استراتيجية في التوصّل إلى تنفيذ منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية (زليكاف)، كما تعد فرصة للجزائر، من أجل ترسيخ مكانتها داخل الفضاء الاقتصادي الإفريقي، وتقديم صورة متجدّدة عن إمكاناتها الإنتاجية، وإبراز قدراتها التصديرية.
و«تحسّبا لهذا الموعد الهام، تسخّر الجزائر جميع إمكاناتها لإنجاح هذه التظاهرة، وجعلها محطة مرجعية، ومنعطفا استراتيجيا في انطلاقتها الاقتصادية الإفريقية، بما يلبي تطلّعات شعوب القارة، ويترجم ميدانيا رؤيتها لمستقبل مشترك، قائم على روابط تجارية قوية ودائمة”، يؤكّد الوزير الذي أضاف أنّ المعرض لن يكون مجرّد حدث اقتصادي ولا مناسبة دبلوماسية رمزية، إذ ستعمل الجزائر خلاله على تجسيد إرادة مشتركة لتعزيز التعاون الاقتصادي، تدعمها إرادة سياسية عبّر عنها بشكل صريح، السيد أولوسيغون أوباسانغو، الرّئيس الأسبق لجمهورية نيجيريا، ورئيس المجلس الاستشاري للمعرض.
واختتم مزيان مساهمته مؤكّدا بأنّ الجزائر “ستستعيد، وعلى مدار أسبوع كامل، دورها كعاصمة إفريقية محمّلة بزخم تاريخي عميق يستحضر أمجاد ماض قريب، صاغته الآمال الإفريقية”.