سنة من اندلاع الثورة التحريرية، محطة هامة تستدعي الوقوف عندها لإحصاء ما تحقق من إنجازات، حيث تعد الجزائر الأولى عربيا وتحتل المرتبة 11 عالميا، من حيث احتياطات النقد الأجنبي. كما عرفت قطاعات هامة كالبنى التحتية والسكن وبعض الفروع من القطاع الصناعي نقلة نوعية، بحسب الخبراء، الذين يرون أن ما تحقق بفضل الإمكانات والاستراتيجيات المسطرة، حيث صنّف برنامج الأمم المتحدة من أجل التنمية سنة 2010 الجزائر من بين البلدان ذات التنمية البشرية المرتفعة.
وانطلاقا من المؤشرات المسجلة من قبل هيئات وطنية وأجنية، فإن مؤشر التنمية البشرية للجزائر يعد أعلى من المؤشر المتوسط لجميع البلدان العربية المقدر بـ590،0 كما أن المعدل العالمي لمتوسط مؤشر التنمية البشرية (624،0)، مما يصنفها في المرتبة 84 من مجموع 169 بلد، بعد أن تقدمت بـ20 مرتبة سنة 2014، مقارنة بتصنيفها سنة 2009.
في إطار المخطط الخماسي الطموح (2010 - 2014) الذي يعتمد على تحديث المنشآت القاعدية وتحسين مستوى التشغيل والسكن، الذي خصص له غلاف مالي قدر بـ286 مليار دولار، 40٪ من هذا المبلغ الإجمالي وجه للتنمية البشرية كالتشغيل والتربية والصحة والسكن وغيرها من القطاعات التي انعكست الإنجازات المحققة فيها على الناحية الاجتماعية.
غير أن هذا السياق المشجع تعتريه، بحسب الخبراء والمتتبعين، عديد العراقيل المتعلقة أساسا بالتبعية الشديدة للمحروقات وتسجيل الفعالية الاقتصادية والتسيير لعديد النقائص جراء استفحال الاقتصاد الموازي والاختلالات الإقليمية بين فئات السكان التي تتوسع، بالإضافة إلى الارتفاع المستمر للطلب الاجتماعي على السكن، بالنظر إلى تزايد النمو السكاني، حيث يفوق 38 مليون نسمة، مع الإشارة هنا إلى أن السنة الجارية عرفت أكبر عملية ترحيل وإعادة إسكان منذ الاستقلال، مخلصة بذلك كبريات المدن من السكنات القصديرية التي شوهت الوجه العمراني للبلد منذ سنوات، كما تواجه الجزائر تحديا آخر يتمثل في توفير الشغل والقضاء على البطالة لإحداث توازن في سوق العمل. ومن بين التحديات التي تنتظر الجزائر، تقليص التبعية للمحروقات التي تمثل أهم المداخيل (98٪) للخزينة العمومية والممول الأساسي للمشاريع، بالإضافة إلى العمل على خلق الثروة ومناصب العمل المستدامة لحاملي الشهادات وبذل مزيد من الجهود من أجل تحسين الخدمة العمومية ومحاربة البيروقراطية والفساد، ومواصلة الإصلاح في قطاع العدالة، وتكريس حرية التعبير، وتسريع الإصلاحات الهيكلية قصد تحقيق نمو اقتصادي ضروري لتحسين التنمية المستدامة ومستوى ونوعية التشغيل، مع ضرورة العمل على تحديث الإدارة التي مازالت تلعب دورا هاما في التنظيم، سيما على المستوى المحلي وذلك بمحاربة البيروقراطية.