الجزائر تشهد ثورة فلاحية.. خبراء لـ“الشعب“:

رئيس الجمهورية جعل «الأمن الغذائي» أولوية قصوى..

سفيان حشيفة

 

 إصلاحات ناجعة حققت الاكتفاء الذاتي في القمح الصلب
نجحت السلطات الجزائرية في تحقيق نهضة مكتملة الأركان في القطاع الفلاحي واستنهاض شعبه الأساسية الزراعية، اتساقًا مع رؤية رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، الرامية إلى بلوغ الإكتفاء الذاتي في كل المحاصيل وإنهاء استيرادها من الخارج، وتحقيق الأمن الغذائي الوطني في الأمد القريب.

يتوقع خبراء فلاحيون تحوّل الجزائر إلى قطب زراعي إقليمي ودولي في غضون السنوات القليلة القادمة، بعد تحقيق مؤشرات إيجابية قطاعية جدّ هامة نتجت عن تطبيق إصلاحات جذرية، وتوسيع كبير للقاعدة الإنتاجية المحلية عبر كل الولايات خاصة بالجنوب الكبير، مما أفضى إلى تضاعف حجم المحاصيل، وحصول تنوّع في مصادر الدخل الوطني، والخلاص من سياسة الاعتماد على ريع المحروقات التي رهنت تطور الاقتصاد خلال فترة ما بعد الإستقلال. وقد أكد رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، مؤخرًا، أن القيمة التقديرية للإنتاج الفلاحي الكلي لسنة 2025 بلغت حوالي 38 مليار دولار، مع تحقيق الاكتفاء الذاتي في القمح الصلب.
وفي هذا الخصوص، قال أستاذ المدرسة العليا للفلاحة الصحراوية في ولاية الوادي، البروفيسور سفيان سقاي، في قراءة لتصريحات المسؤول الأول الأخيرة حول الفلاحة، أن رئيس الجمهورية كان شديد الحرص على النهوض  بالقطاع الزراعي منذ وصوله إلى سدة الحكم نهاية سنة 2019، وتمكنت البلاد بفضل إصلاحاته الناجعة من الوصول إلى الاكتفاء الذاتي في القمح الصلب، وتواصل نمو باقي الشعب والمحاصيل الأكثر استهلاكا في الأسواق الوطنية.  وأفاد البروفيسور سقاي، في تصريح أدلى به لـ»الشعب»، أن الفلاحة من بين القطاعات التي أولاها الرئيس تبون أهمية قصوى لإنعاشها، من خلال الالتزامين الرئاسيين التاريخيين 13 و18 خلال سباق العهدة الأولى 2019 /2024، ويكاد القطاع الزراعي يحقق الإكتفاء الذاتي في شتى المحاصيل، وبات على عتبة التصدير المكثف نحو الخارج. وأبرز محدّثنا، أن توجيهات الرئيس كان لها أثرًا ايجابيًا على أرض الواقع، حيث عرفت الأعوام الخمس الأخيرة زيادة مطردة في المساحات الفلاحية المسقية، بعد إطلاق مشاريع كبرى لتوصيل الكهرباء، وحفر آبار السقي، وشق المسالك، ومنح تحفيزات استثمارية للفلاحين لا سيما في ولايات الجنوب الكبير، مثل ورقلة وأدرار وتيميمون والمنيعة وعين صالح والوادي والمغير، وكذا رصد ارتفاع متزايد ومستمر في مردودية الهكتار الواحد بمختلف الشُّعب بسبب تحسن مسار الإنتاج التقني ودعم الدولة اللامتناهي للأسمدة والبذور، خاصة بالنسبة للقمح بنوعيه الصلب واللين والنباتات الزيتية والسكرية. وفي ظل هذه الظروف، تمكنت الجزائر من تحقيق ثورة زراعية وتوفير احتياجاتها الداخلية من المنتجات الفلاحية كالقمح الصلب الأكثر استهلاكا، مما ساهم في خفض فاتورة الاستيراد وإنعاش خزينة الدولة بالعملة الصعبة هذه السنة، بحسب الخبير سقاي.
رؤية شاملة لتحقيق الأمن الغذائي
من جهته، اعتبر أستاذ العلوم الزراعية بجامعة قاصدي مرباح في ولاية ورقلة، البروفيسور عبد الباسط بومادة، الفلاحة ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني، وتلعب دورًا محوريًا في تحقيق الأمن الغذائي المستدام، وتوفير فرص شغل لملايين الجزائريين، ورفع الناتج المحلي الإجمالي بشكل متصاعد، وتنويع مصادر الدخل العمومي. وأكد البروفيسور عبد الباسط بومادة، في تصريحه لـ»الشعب»، أن القطاع الفلاحي شهد تطورًا ملحوظًا، وثورة انتاجية في السنوات الخمس الأخيرة، إثر إقرار إصلاحات قطاعية عميقة وسريعة من قِبل رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، ساهمت في تحقيق إنجازات كبرى في هذا القطاع الإقتصادي الإستراتيجي. وقال بومادة، إن الجزائر تتمتع بمساحة شاسعة جدًا تقدَّر بأكثر من 2.38 مليون كيلومتر مربع، بوأتها الصدارة كأكبر دولة في إفريقيا والعالم العربي، وتتميز بتنوّع التضاريس والمناخات الفصلية، ما أهّل القطاع الزراعي إلى إمكانية إنتاج كل المحاصيل الفلاحية تقريبًا في موسمين مختلفين على مدار سنة واحدة، وبجودة عالية لكافة الشُّعب الفلاحية.
كما تجمع الجزائر بين السهول الساحلية الخصبة ذات المناخ المتوسطي المعتدل، والمناطق الداخلية المتسمة بطابع المناخ القاري، والواحات الصحراوية ذات الظروف الطقسية الخاصة والنادرة، حيث سمح هذا التنوع الطبيعي الفريد بتعاقب المواسم الزراعية، وإنتاج المحاصيل من حبوب بكل أنواعها، والباقوليات، والخضر، والفواكه، والنباتات الزيتية والسكرية وغيرها، إضافة إلى تربية المواشي بمختلف أصنافها، وفقًا للمصدر ذاته.
دعم رئاسي وتنفيذي قوّي للفلاحة
أوضح البروفيسور عبد الباسط بومادة، أن السلطات الجزائرية تُولي بالفعل أهمية كبيرة للفلاحة، وهو ما تجلّى بشكل واضح منذ بداية سنة 2020، من خلال المرافقة اللصيقة والمستمرة من الجهاز التنفيذي لدواليب تسيير هذا القطاع مركزيا ومحليا، بتوجيه وإيعاز من رئيس الجمهورية الذي تعهد بتطوير كل شُعب الزراعة، وجعلها رافعة أساسية للنمو الاقتصادي.
وقد تم إقرار حزمة من الإصلاحات والإجراءات العملية، بحسب بومادة، لدعم الفلاحين والمستثمرين في المجال، سواء عبر الدعم المباشر أو غير المباشر، ويشمل ذلك توفير البذور المحسّنة مخفضة الثمن، وتقديم الأسمدة بأسعار مدعمة، وربط أغلب المستثمرات الفلاحية بشبكات الكهرباء، والسماح باستيراد المعدات والآلات الزراعية لتحديث المكننة وزيادة الإنتاجية، خاصة في الزراعات الإستراتيجية، مثل الحبوب والبقوليات والنباتات الزيتية والسكرية والعلفية، نظرا لدورها المحوري في تحقيق الأمن الغذائي المستدام. وتابع الخبير: «في مختلف تصريحاته وإعلان برامجه، أكد رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، على التزامه بتطوير القطاع الفلاحي وتعبئة كل الموارد المالية والبشرية اللازمة لإنعاشه، وتحسين مناخ الاستثمار في المجال الزراعي والصناعات التحويلية المرتبطة به، كما منح أهمية بالغة لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليص فاتورة الإستيراد الغذائية، إلى جانب استغلال القدرات المائية على نحو أمثل، وتوسيع الرقعة الخضراء المزروعة من خلال خطط استصلاح كبرى في الجنوب».
وفي إطار مواجهة تحدّيات الجفاف العالمي الحاصل منذ عقدين من الزمان، شرعت الجزائر في إنجاز محطات كبرى لتحلية مياه البحر، بغية تأمين احتياجات المواطنين من مياه الشرب، الأمر الذي خفّف الضغط على السدود وسمح بتوجيه جزء أكبر من مياهها نحو السقي والري التكميلي الفلاحي في المناطق الشمالية. أمّا في الجنوب الكبير، فتُعد المياه الجوفية الهائلة وغير الناضبة ركيزة أساسية لتطوير الزراعة الصحراوية وتوسيع مساحاتها على نطاق أوسع، يختم أستاذ العلوم الزراعية بجامعة قاصدي مرباح في ولاية ورقلة، البروفيسور عبد الباسط بومادة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19837

العدد 19837

الخميس 31 جويلية 2025
العدد 19836

العدد 19836

الأربعاء 30 جويلية 2025
العدد 19835

العدد 19835

الثلاثاء 29 جويلية 2025
العدد 19834

العدد 19834

الإثنين 28 جويلية 2025