أستاذ العلوم السياسية.. حسـام حمـزة لـ “الشعب“:

قرار روتايــو نابـع من عقليــة عنصريـة مقيتـة

حياة. ك

اعتبر أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية الدكتور حسام حمزة، أن الدبلوماسية الجزائرية أظهرت قدراً كبيراً من الحنكة في تعاملها مع ما وصفه بـ»معضلة» جوازات السفر الخاصة بالجزائريين المقيمين على التراب الفرنسي، مشيراً إلى أن الموقف الرسمي الجزائري الأخير يُعد خطوة استراتيجية في اتجاه حماية حقوق الجالية الوطنية بالخارج.

أوضح الدكتور حسام حمزة، أن هذه المعالجة الدبلوماسية الهادئة والحازمة في الوقت ذاته، من شأنها أن تضع حدّا لمحاولات الابتزاز التي دأبت على انتهاجها دوائر من وزارة الداخلية الفرنسية، فضلاً عن استغلال بعض الأحزاب اليمينية المتطرفة لهذا الملف لتأجيج الخطاب المعادي للأجانب، واستهداف الجالية الجزائرية بشكل خاص.
ويؤكد الدكتور حمزة، أن الجزائر، من خلال تأكيدها على السيادة الوطنية في إصدار الوثائق الرسمية لمواطنيها، أرسلت رسالة واضحة بأنها لن تقبل أي تدخل في شؤونها الداخلية أو المساس بكرامة مواطنيها، حتى وإن كانوا خارج الحدود. كما أن التنسيق القائم بين وزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج ومختلف المصالح القنصلية، يعكس إرادة الدولة في معالجة الملفات العالقة بعيداً عن الضغوط والإملاءات.
واعتبر المتحدث، أن هذه الخطوة تمثل تحوّلاً نوعياً في طريقة تعاطي الجزائر مع الملفات المرتبطة بجاليتها في الخارج، ما يعكس فهماً دقيقاً لتعقيدات المشهد السياسي في فرنسا، وخاصة في ظل تصاعد الخطاب الشعبوي في فرنسا قبيل الاستحقاقات الانتخابية الفرنسية.
وأبرز المحلل السياسي حسام حمزة في تصريح لـ «الشعب»، أن انخراط السلطات الفرنسية في مسعى روتايو، سيجرها لمخالفة القوانين ويدفعها إلى عدم الاعتراف بوثائق رسمية صادرة عن مؤسسات الدولة الجزائرية ممثلة في قنصلياتها، ويمثل بالنسبة للمتحدث دليلا آخر على العقلية الهوجاء اليمينية المتطرفة، مرجعا هذا الحد من الهوج والانفعال والنية المبيتة والمسبقة التي وصل إليها بإطالة أمد أزمة الكثير من المواطنين الجزائريين في فرنسا بالأساس، إلى تطرف روتايو وكراهيته للجزائريين، التي مهما حاول مداراتها، فإنها تفلت منه وتخرج في شكل قرارات تثير الدهشة والسخرية في الوقت نفسه.
يعتقد الأستاذ حسام أن حنكة الدبلوماسية الجزائرية، ساهمت أيضا في إيصال روتايو الى هذه «الحالة المزرية من الانفعال»؛ ذلك أن قرار الجزائر باستصدار جوازات سفر للجزائريين المقيمين في فرنسا بصورة غير شرعية لمساعدتهم على تسوية وضعيتهم والخروج من دائرة الإقامة غير الشرعية، هو في الحقيقة قرار صائب وذكي في الوقت نفسه، فبالإضافة إلى التسهيل الذي يقدمه للمواطنين الجزائريين، أوضح المحلل السياسي أن هذا القرار الصائب للدبلوماسية الجزائرية، من شأنه أن يسهم بفعالية في إيجاد حل جذري لـ»معضلة» أوامر مغادرة التراب الفرنسي، لأنه يخرج كثيرا من الجزائريين الذين صدرت في حقهم هذه الأوامر من دائرة الابتزاز التي تمارسها وزارة الداخلية الفرنسية ضدهم، بل ويساعد حتى هذه الأخيرة على التعرف على الكثير منهم وبالتالي إخراجهم من دائرة الاشتباه فيلغي بذلك قرارات المغادرة التي أصدرتها ضدهم.
وعوض أن يتلقى وزير الداخلية الفرنسي الرسالة الجزائرية بذكاء، زاد تهوره وجنونه، فاخرج ما كان يخفيه، وصرح لصحيفة «لوفيغارو» ليؤكد بأنه لم تكن نيته إيجاد حل البتة، بقدر ما كانت سعيا لإحداث مزيد من التأزيم للعلاقات الجزائرية الفرنسية أكثر.
وذكر الأستاذ حسام في تحليله بأن عجز الكثير من المهاجرين الجزائريين عن تسوية وضعيتهم في فرنسا، بالرغم من طول أمد إقامتهم فيها، وصدور أوامر مغادرة التراب الفرنسي في حقهم يرجع بالأساس إلى شرط وجوب حيازة جواز سفر رسمي صادر عن السلطات القنصلية الجزائرية الذي تشترطه المحافظات الفرنسية عليهم قبل استقبال ملفات تسوية الوضعية.
في هذا السياق، يرى حسام أن امتلاك جواز سفر لتسوية وضعية هؤلاء، وبالتالي تسوية مشكلة أوامر مغادرة التراب الفرنسي (OQTF) التي يتحجج بها اليمينيون المتطرفون، ثم إجبار المحافظات على عدم الاعتداد بهذه الجوازات بعد استصدارها، أنه دليل آخر على حالة الانفصام التي يعيشها روتايو، وهو برهان جديد على أن ما يحرك سلوكاته وخطاباته المستعدية للجزائر، ليس مرتبطا بمسألة أوامر مغادر التراب الفرنسي بقدر ما هو نابع عن عقلية عنصرية مقيتة وعداء متأصل للجزائر السيدة والمستقلة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19830

العدد 19830

الأربعاء 23 جويلية 2025
العدد 19829

العدد 19829

الثلاثاء 22 جويلية 2025
العدد 19828

العدد 19828

الإثنين 21 جويلية 2025
العدد 19827

العدد 19827

الأحد 20 جويلية 2025