فضل المجلس الأعلى للغة العربية بالتنسيق مع يومية «الشعب»، أمس، تنظيم وقفة تأبينية في أربعينية الدبلوماسي والمثقف محمد سعيدي، وبعد مرور عشرة سنوات على رحيل الإعلامي كمال عياش، عرفانا بما قدماه للصحافة الوطنية، وذلك بقاعة المحاضرات»محمد بوراس» بالمتحف الوطني للمجاهد، بحضور رفقاء الفقيدين، وشخصيات وطنية وإعلاميين قدماء، حيث كان اللقاء حميميا وفي مستوى راق يعبر عن عظمة هذين الرجلين، كما أن المتدخلين لم يخفون حبهم وشدة تعلقهم بجريدة «الشعب» أمُّ الجرائد باللغة العربية، واصفين إيّاها بمدرسة الوطنية بعد الثورة.
أشاد رئيس المجلس الأعلى للغة العربية عز الدين ميهوبي، خلال الوقفة التأبينية على روح الفقيدين محمد سعيدي، كمال عياش، بدورهما في تقديم رسالة إعلامية هادفة وبناءة، والدفاع عن اللغة العربية، وكذا المساهمة في بناء الجزائر وفقا لمبادئ بيان أول نوفمبر 1954، قائلا: «إن الرجلين حفرا عميقا في ذاكرة الأمة الجزائرية، وهي مصادفة لا يمكن أن تتكرر، حيث امتزجت التأبينية بالاحتفال باليوم الوطني للصحافة»، مضيفا أن هذه الالتفاتة هي فسحة لتوثيق العرفان لهذين الرجلين، وأن المجلس ويومية «الشعب» سيبقيان وفيين لمن يخدم الوطن ولن يبدلا جلدهما.
وأبرز ميهوبي في هذا الصدد، الثقافة الواسعة التي كان يتمتع بها المرحوم سعيدي كونه كان يطالع الكثير من الكتب ولا يتوقف للحظة عن القراءة، قائلا أن الفقيد يعد أحد أساطيل النقد والفكر المستنير لا ينطلق في حديثه من فراغ، فهو يعي ما يقول ويملك الجرأة في طرحه ولا نجد فيه لغة الخشب، مضيفا: «لمست فيه منطق السياسي المحنك، وصدق الرجل، وابنته لميس أخذت منه ما كان يريده فينا». واصفا إياه بالمثقف الذي لا يتعب، مشيرا إلى أنه تعرف على محمد سعيدي عن طريق والده وبجريدة «الشعب»، حيث كان يشجعه، ويقدم له النصائح حين يحتاجها.
وبالنسبة للإعلامي الفذ كمال عياش، قال ميهوبي أنه يعد رجلا من طينة الكبار، عزيز النفس، مهموما بالكتابة، ومثالا في الجدية والانضباط في العمل والصبر، حيث التحق بمهنة الصحافة بعد تخرجه من معهد الإعلام بعد الاستقلال وكان الأول على رأس الدفعة، مضيفا أنه كان يقاوم المرض كأنه أسد جريح ورحل تاركا وراءه جيلا من الصحافيين الذين يواصلون رسالته ويذكرونه بافتخار.
وفي معرض تدخله لم يخف ميهوبي، شدة تعلقه بجريدة «الشعب» وافتخاره بالانتماء إليها والعمل مع ثلة من الرجال المخلصين، المثقفين والغيورين على الوطن، من أجل إعلاء لغة «الضاد» وخدمة الجزائر اجتماعيا، منوّها بدور الرئيسة المديرة العامة ليومية «الشعب» السيدة أمينة دباش في السعي إلى الارتقاء بهذه الجريدة الغراء التي كانت تحتل مكانة كبيرة، في أوساط المجتمع الجزائري سنوات الستينيات والسبعينيات، من خلال تكريم صحفييها القدماء وندواتها القيّمة.
الرئيسة المديرة العامة أمينة دباش:
«الشعب» ستبقى عنوانا ذا مصداقية
من جهتها، اعتبرت الرئيسة المديرة العامة لجريدة «الشعب» السيدة أمينة دباش، الراحلان محمد سعيدي وكمال عياش، أهم ركائز وأعمدة جريدة «الشعب»، ومن الذين سهروا على إعدادها كيومية تواكب مراحل البناء الوطني، علاوة على تسييرها كمؤسسة اقتصادية ناجحة، مذكرة بتكريم الجريدة لكل المديرين العامين الذين تعاقبوا على إدارتها خلال احتفائها بخمسينية تأسيسها سنة 2012، اعترافا وتقديرا لتفانيهم في العمل من أجل استمرارية هذا العنوان الرمز.
وقصدت من خلال كلمتها المرحومين مفتاحي، وعيسى مسعودي، والمريض شفاه الله محمد الميلي، وعبد القادر بن صالح، أبو عبد الله غلام الله، الهادي بن يخلف، محمد بوعروج، بن زغيبة، عبد الرحماني وعز الدين بوكردوس.
ولم تفوّت السيدة دباش الفرصة لتقديم الشكر لرئيس المجلس الأعلى للغة العربية، كونه من أبناء الجريدة على التفاتته الطيبة تجاه من أفنوا حياتهم في خدمة الإعلام الوطني الذي خصص له رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، يوما وطنيا في 22 أكتوبر من كل سنة، قائلة: « فلننحنِ أمام روحي الفقيدين محمد سعيدي وكمال عياش وأرواح شهداء الواجب المهني، كما نحيي بالمناسبة كل زملاء المهنة».
وأكدت في هذا الإطار، أن الجريدة ستبذل كل ما في وسعها من أجل أن تبقى»الشعب» عنوانا ذا مصداقية وتقدم إعلاما صادقا يواكب كل مراحل الحياة الوطنية، خاصة في ظل المشهد الإعلامي الذي تطبعه المهنية وغير المهنية، مشيرة إلى أن يومية «الشعب» أعدت برنامجا ثريا بمناسبة الذكرى الـ60 لاندلاع ثورة الفاتح نوفمبر 1954، كالمنتدى الذي نظم مع مجاهدي الولاية التاريخية السادسة ـ بسكرة ـ ومنتدى آخر مع الكشافة الإسلامية الجزائرية، زيادة على إصدار مجلة في عدد خاص ضمّت عدة ملفات.