طريق آمن نحو الحوكمة الرشيدة والنزاهة في المعاملات الإدارية
تحسين جودة الخدمات الوطنية والدولية وحماية المقدرات المالية
سرّعت الجزائر، مؤخّراً، بتوجيهات من رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، من وتيرة التحول الرقمي الشامل، لمواكبة التطورات الحاصلة في العالم بهذا المجال التقني الحيوي، والإنتقال نحو تسيير حديث للشؤون العامة، بالاعتماد على وحدة المعطيات، وشفافية المعلومات، ومركزية التحكّم والرقابة، من أجل تحسين جودة الخدمات الوطنية والدولية، وحماية مقدرات الدولة المالية وتقليل التكاليف مختلف القطاعات.
قطعت الجزائر شوطا مهما في تجسيد “الرقمنة” بالعديد من القطاعات العمومية، على غرار الداخلية والتعليم العالي والتكوين المهني والتربية والبريد والمواصلات والصحة والسكن والشباب والرياضة والصناعة والطاقة والصفقات العمومية وغيرها من المجالات الحيوية، في حين يتواصل تجسيد العملية في جانبها الاقتصادي والمالي والجبائي.
وفي هذا الشأن، قال أستاذ العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير بجامعة عبد الحميد بن باديس في ولاية مستغانم، الدكتور بوشيخي بوحوص، إنّ الرقمنة عرفت ابتداءً من العهدة الأولى للرئيس عبد المجيد تبون، تطبيقا سريعا على أرض الواقع، في مختلف القطاعات، من أجل تحقيق الوضوح والشفافية والرقابة الذكية مع تسيير الشأن العام، وخاصة في قضايا الصفقات العمومية.
وأوضح الدكتور بوشيخي بوحوص، في تصريح خصّ به “الشّعب”، أنّ جهود الدولة تستهدف من رقمنة كل القطاعات تحييد الفعل السلوكي الإنساني، بحيث يكون العمل مرتكزا على التسيير الشفاف، والقضاء على مشكل البيروقراطية، وقضايا الرشوة والاختلاسات وغيرها من مظاهر الفساد.
وضرب بوحوص مثالا بنجاح وزارة السكن والعمران في معالجة وثائق ومستندات ملفات المواطنين آليا عن بعد، وهو ما أتاح إلى حد كبير، في السنوات الأخيرة، توزيعا سريعا ونزيها للسكنات بكل أنماطها وصيغها، بفضل البطاقية الوطنية، ناهيك عن تطبيق الرقمنة في مجالات توزيع العقار الصناعي والفلاحي والسياحي، بفضل إنشاء منصات إلكترونية أمام المتعاملين الاقتصاديّين والمستثمرين من دون تدخل العمل البشري فيها.
وأضاف الخبير أنّ الجزائر لم تتخلّف عن الركب كثيرا، بل تم بناء خطة الحكومة الجزائرية الإلكترونية بما يتماشى ومتطلبات العصر، مشيرا أنّ تاريخ الرقمنة في العالم يرجع إلى منتصف التسعينات، أين بادرت بعض الإدارات في الدول الإسكندنافية وبالتحديد الدنمارك إلى التواصل مع المواطنين عبر الـ«أون لاين”، من أجل تقريب الإدارة منهم، ثم انتقلت التجربة إلى دول أوروبا وانجلترا بعد ذلك بداية من سنة 2000، ومباشرة بعد انتشار شبكات الإنترنت والتواصل الآلي أصبح العالم خطوة بخطوة وكأنه قرية صغيرة، حتى صارت كل الإدارات مرتبطة ببعضها البعض عن طريق العنوان الإلكتروني وتطبيقات منشأة لذات الغرض، ومنه تبادل المعلومات والمستندات المصورة في نفس اللحظة، بتنسيق محكم.
ولفت الدكتور بوشيخي بوحوص، إلى أولى الخطوات الهامة الناجحة التي اتخذتها الجزائر في مجال الرقمنة الإدارية، وتتعلّق بإصدار بطاقة
التعريف الوطنية البيومترية مع جواز السفر الجزائري البيومتري، ثم الذهاب نحو عصرنة خدمات الحالة المدنية في كل بلديات الجمهورية، معتبرا تسريع العملية في باقي القطاعات الحيوية سوف يحقّق الفعالية المطلوبة.وفي لقائه الدوري الإعلامي الأخير،
أكّد رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، أنّ الدولة ماضية في تعميم العمل بالرقمنة قبل نهاية السنة الجارية، وأبرز أنّ الدول العصرية تقوم على أرقام دقيقة وبهامش خطأ بسيط، وليس عشوائيا، مع الاعتماد على نظم رقمية وحواسيب لإضفاء طابع الشفافية على كل العمليات، وهو ما سيؤدي إلى ضبط مصاريف الدولة.
فضلا عن ذلك، حدّد رئيس الجمهورية، خلال ترؤسه اجتماعا لمجلس الوزراء في السابع من أفريل الفائت، نهاية 2025 كآخر أجل للإحصاء التام لأملاك الدولة عبر التراب الوطني، بغية إنشاء قاعدة بيانات قبل البدء في إعداد قانون المالية لسنة 2026.