قفز على أبسط حقوق الإنسان

مجازر 17 أكتوبر عرت حقيقة المستعمر الفرنسي

فريال بوشوية

رغم أن فرنسا الاستعمارية وقعت الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في 1948 الذي تنص المادة 13 منه على الحق في التظاهر، ورغم أن البلد بعينه عاش بشاعة النازية، إلا أنها قهرت بكل ما تحمله كلمة وحشية من معنى مظاهرات الـ17 أكتوبر عام 1961 التي خرج خلالها الجزائريون إلى شوارع باريس احتجاجا على الظلم، رغم أنها من أبسط حقوق الإنسان، بشاعة عرت حقيقة مستعمر أمام العالم أجمع، حسبما أكدته المجاهدة عقيلة وارد إحدى الشاهدات على مجزرة فرنسية على التراب الفرنسي.
مازالت آثار الذهول بادية على وجه المجاهدة وارد، كلما تذكرت ما حضرته من مشاهد تعكس بشاعة المستعمر الفرنسي خلال مظاهرات 17 أكتوبر 1961، لأن الضمير لا يقبلها، فقد تم استخدام البنزين لحرق الأجسام، وتركوا المتظاهرين 3 أيام كاملة دون أكل ولا شرب ومنعوا حتى من قضاء حاجاتهم، وتم شنق البعض الآخر ورميهم في “السين” بباريس.
السيدة عقيلة وارد التي تحدتث عن هذه الحقائق من منبر «ضيف الشعب» تعد مثالا يعكس حقيقة المرأة الجزائرية، وإذا كانت بالأمس نقلت الأموال والأسلحة وتكفلت بنقل إطارات فدرالية جبهة التحرير الوطني في إطار الكفاح، فإنها اليوم تواصل نضالها بطريقة مختلفة من خلال تلقين تاريخ الثورة التحريرية من فرنسا بكل أمانة إلى الأجيال الصاعدة.
ولم يسلم من مجزرة المستعمر التي ارتكبها فوق ترابه لا الأطفال ولا النساء ولا أي جزائري شارك فيها، وكان بين الضحايا الفتاة فاطمة بدار التي رفضت الاستماع إلى والديها الذين طلبا منها العودة إلى البيت بمجرد انتهاء أوقات الدراسة للبقاء مع إخوتها، ليتمكنا من التنقل والمشاركة في المظاهرات، ولم يتم إيجاد جثتها وهي لم تتجاوز ربيعا الـ15 إلا بعد شهر كامل عن المظاهرات، إحدى الضحايا التي ستبقى شاهدة إلى الأبد عن بشاعة المستعمر الذي حاول عبثا بكل الوسائل طمس هوية شعب تمسك بشخصيته ووطنه وسيادته إلى أن استرجع هذه الأخيرة.
تقهرها إلى غاية اليوم القائمة التي تحمل اسم 300 ضحية ومدون عليها “فرنسي مسلم جزائري”، في محاولة لإلغاء هويتهم لأن ذنبهم أنهم جزائريون، وخرجوا إلى الشارع للتظاهر سلميا مستعملين أبسط الحقوق احتجاجا على الظلم، ورغم ذلك قوتها تظهر في كل كلمة في نشاطها وشجاعتها، وكما لم ينل منها المستعمر الذي تم تلقينه درسا في الحرية والاستقلال وحقوق الإنسان، لم تنل الأعوام منها.
هذه المظاهرات لم تفضح فقط بشاعة المستعمر، وإنما فندت طرحا روجت له فرنسا مفاده أن ليس كل الجزائريين يريدون الاستقلال، جعلت الرأي العام العالمي والفرنسي يقفان على الحقيقة، وأن الكل دون استثناء يريد استرجاع السيادة الوطنية.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19526

العدد 19526

الأربعاء 24 جويلية 2024
العدد 19525

العدد 19525

الثلاثاء 23 جويلية 2024
العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024