أصدر مكتب شؤون حجّاج الجزائر، ممثلا في هيئة الفتوى والإرشاد لبعثة الحجّ 2025، بيانا يضم مجموعة من الأحكام الفقهية تهدف إلى التيسير على بعض فئات الحجّاج، خاصة فيما يتعلّق بالمبيت في مشعر مِنى ورمي الجمرات، وذلك مراعاة للظروف الميدانية والواقعية التي تفرضها كثافة الحجّاج وضيق المساحات داخل المشعر المقدّس.
أكّد البيان، الذي تلقّت «الشّعب» نسخة منه، أنّ مبدأ التيسير ورفع الحرج يمثل أحد الأسس الثابتة في الشريعة الإسلامية، مستشهدًا بقوله تعالى: «يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ»، وبحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «يسّروا ولا تعسّروا، وبشّروا ولا تنفّروا». وأوضح أنّ هذه الفتوى تستلهم مقاصد شريعة الإسلام وقواعده الداعية لمراعاة أحوال الناس، ممّا يقع لهم من مستجدات ونوازل.
الهيئة أوضحت أنّ هذه الأحكام جاءت نتيجة لعدة اعتبارات ميدانية أبرزها الاكتظاظ الحادّ في مشعر مِنى، إلى جانب مخاوف من الزحام والتدافع، خاصة بالنسبة لكبار السنّ والمرضى والنساء الحوامل.
وانطلاقا من هذه المعطيات، أجازت الهيئة لفئات معينة من الحجّاج – من بينهم المرضى، كبار السّن، النساء الحوامل، والمرافقون لهم – ترك المبيت بمشعر مِنى دون أن يترتّب على ذلك أي فدية، على أن يُسمح لهم بالإقامة في فنادقهم بمكة المكرمة طيلة أيام التشريق، مع ضرورة توكيل من ينوب عنهم في رمي الجمرات.
واستندت هذه الفتوى إلى عدد من الشواهد من السنة النبوية وأقوال الصّحابة، مثل إذن النبي صلى الله عليه وسلم لعمه العباس بن عبد المطّلب رضي الله عنه بالمبيت في مكة المكرّمة لأداء مهمة السقاية، وترخيصه لرعاة الإبل، إضافة إلى ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما من قوله: «إذا رميت الجمرة فبت حيث شئت». كما أشارت الهيئة إلى أن عدد من العلماء يرون أن المبيت في مِنى سنّة وليس واجبا، وبالتالي لا فدية على من تركه لعذر معتبر.
وفيما يتعلّق بالحجّاج القادرين من غير أصحاب الأعذار، أكّد البيان على المبيت في منى عليهم لمن توفرت له الإمكانية، على أن يتحقّق ذلك بقضاء غالب الليل هناك، ثم يمكن لهؤلاء الحجّاج العودة إلى أماكن إقامتهم في مكة بشرط العودة إلى مِنى لرمي الجمرات في يومها قبل غروب الشمس.
وبالمناسبة، وجّهت الهيئة دعوة إلى الحجّاج للتحلّي بأخلاق الإسلام في الرحمة والتسامح والتعاون، وخصّت بالدعوة فئة الشباب والأصحّاء ليُظهروا روح الإيثار، من خلال التنازل طواعية عن أماكنهم لمن هم في حاجة أكبر من كبار السّن والمرضى وذوي الاحتياجات الخاصة.