تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال تكريس مبدأ التضامن
محاولات التشويش والتلاعب حول مكانة الجزائر مجرّد منـاورات فاشلـة
أكّدت الجزائر، أنّ دورها في منطقة الساحل الإفريقي لن يتزعزع مهما بلغت درجة التشويش الجارية من قبل جهات تحاول إعادة صياغة المشهد عبر مناورات مريبة، وجدّدت التزامها بمحدّدات العلاقة التاريخية مع دول المنطقة، وفقا لما تقتضيه المصالح المشتركة ورغبات الشعوب في السلم والتنمية.
تحدّث الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، عن ثلاث مرتكزات تؤكّد أنّ علاقة الجزائر ودورها في منطقة الساحل الإفريقي لن تتغير، جاء ذلك في كلمته الافتتاحية للملتقى الوطني حول “الساحل الإفريقي: التحديات الأمنية والتنموية في ظل التجاذبات الجيوسياسية بالمنطقة”.
تنظيم ملتقى حول هذا الموضوع، يكرّس في حد ذاته، الأهمية التي توليها الجزائر لهذه المناطق التي تصارع جملة من التحديات المعقدة، بحيث تتداخل فيها الظاهرة الإرهابية الشرسة مع الجريمة المنظمة، إلى جانب التنافس الدولي على مساحات النفوذ بتوظيف مختلف أدوات العنف.
واللافت، أنّ الجهات التي أقحمت نفسها في معارك النفوذ والسيطرة بالساحل الإفريقي، كلها قدمت من مناطق بعيدة بآلاف الأميال، محاولة رسم مستقبل شعوب المنطقة الراغبة في الأمن والاستقرار والتنمية، وهو ما يتعارض بالضرورة مع مصالح الأطراف التي تحمل نوايا وغايات أخرى. غير أنّ عامل الجغرافيا والتاريخ المشترك والمبادئ الأولى، التي حكمت العلاقة بين دول المنطقة، ترجّح دوما الكفة لصالح الدور الجزائري نظرا للترابط الجغرافي والسياسي والتاريخي بينه وبين هذه الدول منذ عقود طويلة.
هذه العوامل الرّاسخة تجعل من محاولات التشويش والتلاعب بالعقول بخصوص دور الجزائر ومكانتها، مجرّد مناورات فاشلة ستضاف لسابقتها، لأنّ الجزائر، ومثلما قال الفريق أول السعيد شنقريحة في كلمته، تظل “ملتزمة بمبادئ سياستها الخارجية الثابتة، على غرار الاحترام المتبادل وحسن الجوار ورفض التدخّل في الشؤون الداخلية للدول، واحترام سيادتها الوطنية ووحدتها الترابية”.
وهذه ركيزة أساسية، أكّد عليها، الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، كونها من محدّدات العلاقة بين الجزائر وجيرانها في المنطقة، ولم تحد أبدا عن مبادئها، كونها تتماشى والقيم المشتركة التي طالما احتكمت عليها علاقات شعوب الساحل مع الجزائر.
وبينما تحاول الأطراف الخارجية لعب أدوار مزعزعة للاستقرار، وتجريب حلول سبق وثبت فشلها، تظل الجزائر ملتزمة “ببذل جهود حثيثة، من خلال مساعيها الدبلوماسية، لاستعادة الاستقرار السياسي والأمني في منطقة الساحل، من خلال تفضيل الحلول السلمية للأزمات، ورفض منطق السلاح وتشجيع أسلوب الحوار والمفاوضات”.
آليــة التنسيـق
وبعيدا عن منطق الهيمنة والتدخّل في الشؤون الداخلية للدول، “تحت غطاء”، تعتبر الجزائر أنّ آليات التنسيق العملياتي بين جيوش المنطقة، تعلي من قيم الإحترام والسيادة والتعاون الحثيث لمجابهة التحديات الأمنية.وأكّد رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، بهذا الخصوص أنّ “الجزائر ولا تزال عنصر أمن واستقرار في المنطقة، من خلال حرصها على تعزيز إمكانات الدفاع لشركائها وجيرانها في الساحل، في إطار برامج التعاون العسكري الثنائية والتكوين لفائدة القوات المسلحة لبلدان المنطقة وكذا مرافقتها في مجال مكافحة الإرهاب، من خلال لجنة الأركان العملياتية المشتركة “CEMOC”، وأشار إلى أنّ هذه الآلية، تعتبر فاعلة “في إطار مبدأ التكفّل الذاتي لكل بلد بتحدياته الأمنية، واحترام تام لسيادة الدول”.
ومن منطلق حرصها على إعادة الاعتبار للتنمية الإقليمية، وتفادي إهدار مزيد من الوقت بحجة الأوضاع الأمنية المتدهورة تضطلع الجزائر بدور نشط في “تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الساحل، من خلال تكريس مبدأ التضامن مع شعوب دول الساحل”، مثلما أكّده الفريق أول.
وأشار في السياق إلى “العلاقات التاريخية والحضارية المتميزة” للجزائر مع هذه الشعوب، إذ يتم تقديم المساعدات الإنسانية، وتمويل مشاريع التنمية المهيكلة ذات البعد الإقليمي، بغرض تشجيع سكان المنطقة على العيش بكرامة وأمل في أوطانهم، وإحباط مشاريع صناعة عدم الاستقرار في المنطقة.
وشرعت الجزائر فعليا، عن طريق الوكالة الجزائرية للتعاون الدولي من أجل التضامن والتنمية، في إنجاز مشاريع تنموية هامة بدولة النيجر، ولديها برنامج واعد لدول المنطقة، رغم تغلغل أطراف معادية تحاول تقويض الدور الجزائري.
وفي السياق شدّد الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، على أنّ الجزائر “ستظل، رغم محاولات التشويش على دورها المحوري في المنطقة، رقما فاعلا في الأمن والسّلام في الساحل وستواصل، في ظل الرؤية الاستراتيجية الحكيمة والمتبصرة للسيد عبد المجيد تبون، رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني، بذل كل ما في وسعها، لإرساء أسس الحوار وبعث مقاربات إقليمية بناءة، من أجل تكريس الأمن والاستقرار في المنطقة”.
موقع الجزائر ورؤيتها لمنطقة الساحل الإفريقي، لا يتوقّف على الراهن الظرفي والقائم على نزعات انفعالية لمن يريدون تغذية العنف واللّااستقرار، وهو ما عبّر عنه وزير الدولة، وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الإفريقية، أحمد عطاف، حين تحدّث عن “مخزون من الصبر لا يندى” لدى الجزائر، يجعلها تتعاطى مع المعضلات الطاغية على المشهد الساحلي الصّحراوي “بحكمة ورصانة وتبصّر”. وجدّد عطاف إيمان الجزائر بـ«وحدة الإرث التاريخي ووحدة التطلّعات ووحدة المصير، ما يحفّزها دوما على مدّ يد التضامن والتآزر والتآخي لكل الأشقاء في جوارها”.