اليمين المتطرف «جيّش» خطاب الكراهية ضد الإسلام والمسلمين

الجالية الجزائرية بفرنسا في مواجهـــة موجـة مـن التهييج والتهديدات

سفيان حشيفة

 تمييز مؤسسي وإداري رغم تباهي باريس بحقوق الإنسان والمساواة

 الجهات القضائية والأمنية تتغاضى عن التصرفات العنصرية المشينة

تُواجه الجالية الجزائرية في فرنسا، موجة من التهديدات من قبل أنصار الأحزاب اليمينية المتطرفة، التي غذت خطاب الكراهية ضد الإسلام والمسلمين خلال أشهر الأخيرة، حيث ارتفع منسوب التحرشات والاعتداءات العنصرية من دون تحرك الجهات القضائية والأمنية الفرنسية للقبض على الجناة والفاعلين.

وقد أدى تنامي فعل الكراهية في المجتمع الفرنسي إلى خروج تظاهرات سلمية بباريس، نددت بتفشي التصرفات العنصرية، ودعت إلى نشر خطابات التعايش المبنية على التسامح والاحترام المتبادل، وتعالت أصوات الغاضبين أكثر بعد واقعة القتل الوحشي الذي راح ضحيته الشاب أبوبكر سيسي غدرا بأحد مساجد هذا البلد.
وأمام تزايد موجة «الإسلاموفوبيا»، قال أستاذ القانون العام بجامعة الجزائر-1، الدكتور منير قتال، إن داء العنصرية في فرنسا، تفاقم بشكل خطير وأصبح ظاهرة اجتماعية مؤرقة للجزائريين المندمجين في المجتمع المحلي.
وأوضح الدكتور منير قتال، في تصريح خصّ به «الشعب»، أن الجالية الجزائرية في فرنسا تعاني مظاهر عنصرية بشكل شبه يومي، وتتمثل في الاعتداءات اللفظية والجسدية والقذف، وصولاً إلى التمييز المؤسسي والإداري، مشيرا أن هذه الممارسات خلّفت انعكاسات سلبية كثيرة على المستويين النفسي والاجتماعي للأفراد.
وأبرز قتال أن كل من ينحدر من أصول جزائرية صار عرضة في أي لحظة لهجمات استفزازية في الأماكن العامة، مصحوبة بعبارات تنطوي على احتقار للهوية العربية والإسلامية، إلى جانب المضايقات المستمرة وارتفاع أصوات تدعو إلى مغادرة الأجانب في بعض الأحياء، مع إخضاعهم لتفتيش متكرر عند نقاط المراقبة الأمنية، وداخل محطات النقل العامة دون مبرر قانوني واضح، مما قيّد حريتهم في التنقل والحركة على أراضي تلك الدولة.
واستشرت العنصرية في معاملات الإقامة والعمل واستصدار التأشيرات، لتتجاوز البيروقراطية العادية إلى تمييز قائم على الأصل، بحسب الدكتور قتال.
وأضاف محدثنا، أن مثل هذه التصرفات لها أثر نفسي واجتماعي واضح على أفراد الجالية؛ كونها تؤدي إلى شعور عام بالقلق وتؤثر سلبًا على أدائهم الوظيفي وانشغالاتهم اليومية من جهة، وتنعكس هذه العنصرية على العلاقات بين الجزائر وفرنسا من جهة أخرى، إذ يفضي عدم حماية حقوق المواطنين المهاجرين إلى زيادة التوترات الدبلوماسية بين البلدين.
وتابع المتحدث: «على الجزائر أن تتحرك عبر القنوات الدبلوماسية والقانونية لدى الأمم المتحدة لفضح الانتهاكات ضد الجالية الوطنية، وتقديم الأدلة الكاملة عنها، ويجب على القنصليات الجزائرية في فرنسا تقديم الدعم والمساعدة الفورية لمواطنينا ضحايا الاعتداءات والتمييز، وتوثيق كل ذلك، كما يقتضي الأمر أيضًا وضع آليات قانونية صارمة لردع الأفعال العنصرية في الاتفاقيات الجديدة أو المعدلة بين الدول وإلزام الطرف الآخر بتطبيقها».
علاوة على ذلك، يتعين تنظيم ورشات وفتح نقاشات مع أفراد الجالية في الخارج لتعريفهم بحقوقهم القانونية والإجرائية في حال تعرضهم لأي انتهاك أو اعتداء، وتوفير منصات رقمية وتطبيقات ذكية للتوثيق والتبليغ الفوري لدى القنصليات، يذكر الدكتور منير قتال.
من جانبه، أكد رئيس الإتحاد العام للجزائريين بالمهجر سعيد بن رقية، أن تفشي «الإسلاموفوبيا» و»العنصرية» لم يبق مقتصرا على تصرفات الأشخاص العاديين، وإنما انتقل إلى سلوكيات باتت تنتهجها بعض المؤسسات الإدارية والسياسية والتنفيذية في فرنسا.
وقال سعيد بن رقية، في اتصال مع «الشعب»، إن ظاهرة الإسلاموفوبيا تغذّت في الآونة الأخيرة من تصريحات وتصرفات وزراء اليمين المتطرف بالحكومة الفرنسية، التي لطالما تشدقت بمبادئ المساواة والحريات وحقوق الإنسان أمام العالم.
وأشار بن رقية إلى أن الجالية المسلمة المقيمة بفرنسا، بما فيها الجالية الجزائرية، أضحت تتعرض لظاهرة الإسلاموفوبيا بشكل متكرر ومقلق، منوها أن الجالية الوطنية تعي جيدا محاولات اليمين المتطرف الفرنسي الضغط على الجزائر من خلالها، ولن ينساقوا وراء أجنداته المغرضة ضد الوطن الأم.
للإشارة، شهدت باريس في الأيام الماضية، مظاهرات احتجاجية حاشدة تنديدا بانتشار خطاب الكراهية والعنصرية والإسلاموفوبيا في الوسط المجتمعي الفرنسي، وضد سياسات اليمين المتطرف وعدائه للعرب والمسلمين، مع مطالبة وزير الداخلية برونو روتايو المنتمي لذات التيار بالاستقالة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19861

العدد 19861

الخميس 28 أوث 2025
العدد 19860

العدد 19860

الأربعاء 27 أوث 2025
العدد 19859

العدد 19859

الثلاثاء 26 أوث 2025
العدد 19858

العدد 19858

الإثنين 25 أوث 2025