حدادي: الانسجام بين البلدين الشقيقين عمّق من التقارب السياسي والاقتصادي
بوحوص: العلاقات الجزائرية العمانية تشكّلت على أرضية صلبـة قِوامهـا التوافق
تؤرّخ زيارة سلطان دولة عُمان صاحب الجلالة هيثم بن طارق، إلى الجزائر، لمرحلة جديدة من الثقة والاحترام والتعاون والشراكة بين البلدين، وسترفع من مستوى العلاقات إلى أفاق أرحب يشمل تنويع الاستثمارات والتبادلات التجارية، وفق مقاربة ناجعة تعتمد إرساء قواعد مضمونة لنجاح المشاريع المشتركة، على غرار صندوق الاستثمار المشترك.
أكد خبراء سياسيون واقتصاديون، أن زيارة سلطان دولة عُمان، صاحب الجلالة هيثم بن طارق، إلى الجزائر، ولقاءه رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، عمّقت أكثر من العلاقات بين البلدين والشعبين الشقيقين، وفتحت مجالات جديدة للتعاون في قطاعات اقتصادية واستثمارية من شأنها رفع مستوى الشراكة الاستراتيجية، وبناء نهضة صناعية وتجارية مستدامة للطرفين.
وأسست الزيارة التي دامت يومين، لمرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي والتجاري، يقوم على الاستثمارات الضخمة والمجالات الاستراتيجية، على غرار الطاقة والمناجم، ومد جسور التبادل عبر الخطوط البحرية، والتطلع إلى أسواق جديدة في الصناعات الدوائية، ناهيك عن تثبيت أركان التوافق الدبلوماسي رفيع المستوى، إذ تلتقي رؤى البلدين في عديد القضايا الحيوية، خاصة ما تعلق بتغليب الحلول السلمية والوساطات لحل النزاعات والدعم غير المشروط للقضية الفلسطينية.
في هذا الخصوص، أوضح أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة مولود معمري في ولاية تيزي وزو، الدكتور جلال حدادي، أن العلاقات الدبلوماسية بين الجزائر وسلطنة عُمان الشقيقة انطلقت في عام 1973م، وسجّلت تطابقًا سياسيًا بين البلدين إزاء مختلف القضايا العربية المطروحة، وتعاونا ثنائيًا متصاعدًا في شتّى القطاعات.
وأبرز الدكتور حدادي، في تصريح لـ «الشعب»، أن زيارة سلطان دولة عُمان، السلطان هيثم بن طارق، إلى الجزائر، ولقاءه رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، عززت فعليًا من التشاور والتنسيق البيني، وعدّدت مجالات التعاون خارج الإطار السياسي من أجل تحقيق تنمية اقتصادية متبادلة في قطاعات مثل الصناعات الصيدلانية والزراعة والطاقة والموارد المنجمية والبحث العلمي.
وقال المتحدث، إن العلاقات الجزائرية العُمانية عرفت توقيع عدة معاهدات واتفاقيات خلال المرحلة الماضية، منها مذكرة تفاهم أبرمت عام 2015 تنص على عقد مشاورات سياسية منتظمة بين وزارتي الخارجية للدولتين. وفي سنة 2006 وقّع الطرفان اتفاقية إنشاء مجلس رجال الأعمال العُماني الجزائري. وفي عام 2002 أبرم البلدان اتفاقية التشجيع والحماية المتبادلة للاستثمار. أما في فيفري 1991 فجرى التوقيع على اتفاقية إنشاء اللجنة المشتركة بين حكومتي سلطنة عُمان والجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية.
وأضاف حدادي، أن الانسجام الحاصل بين الجزائر ومسقط حول المسائل الثنائية والعربية، عمّق من التقارب السياسي والاقتصادي في السنوات القليلة الأخيرة، ومثّل منطلقا قويا لتعزيز وترقية التعاون في مختلف القطاعات، خاصة الإنتاجية غير الطاقوية.
من جهته، أكد أستاذ العلوم الاقتصادية، بجامعة عبد الحميد بن باديس في ولاية مستغانم، الدكتور بوشيخي بوحوص، أن هناك فرصا كثيرة أمام الشريك العُماني الشقيق لتوطين استثمارات جديدة في الجزائر، خاصة مع نجاح مشروع الشركة العمانية لإنتاج اليوريا في الغرب الجزائري، التي تنتج سنويا حوالي 2.4 مليون طن، عبر شراكة مع مؤسسة سوناطراك منذ سنة 2017، حيث يوجه نصف المنتوج إلى السوق الوطنية والباقي يجري تصديره إلى مختلف دول العالم.
وقال الدكتور بوحوص، في اتصال مع «الشعب»، إن العلاقات الاقتصادية الجزائرية العمانية تشكلت على أرضية صلبة قِوامها التوافق والمصالح المشتركة والروابط الأخوية التاريخية بين البلدين.
ووفقًا للخبير، تمتاز سلطنة عُمان بأنها دولة غنية وتحتل المرتبة الأولى من حيث نصيب الدخل الفردي، بحسب البنك الدولي، ويتجاوز نصيب الفرد 10 آلاف دولار سنويا، بعدد سكان في حدود 12 مليون نسمة على مساحة 340 ألف كلم مربع. وتملك ثروات معتبرة من النفط والمعادن، ولها خطة في آفاق 2040 من أهدافها إنشاء صندوق سيادي للاستثمار في كل أنحاء العالم. أما الجزائر، فقد أصدرت قانون استثمار جديدا في سنة 2022، ملائما لبيئة ومناخ الاستثمار، وأتبعته بمراسيم رئاسية نافذة تضمن الحصول على العقار الصناعي والسياحي وأيضًا الفلاحي.
وأشار بوحوص، أن لدى المتعاملين العمانيين القدرة على الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة وإنتاج الكهرباء النظيفة وتصديرها إلى قارة أوروبا، والبتروكيمياء وتكرير البترول وتمييع الغاز، والزراعة الحديثة، سواءً في شمال البلاد أو جنوبها ضمن نطاق الفلاحة الصحراوية، وكذا السياحة والإنتاج الصيدلاني.