تجسيدا للاستراتيجيات الرامية إلى تقوية وتعزيز سقف الصادرات خارج المحروقات، عكف مسؤولو القطاع، أمس، على تقييم التجربة الجزائرية الرائدة، المجسدة ميدانيا منذ فيفري 2012، مقدمين حصيلة نشاط “الكونسورتيوم”، المتمثل في اتحاد المؤسسات المصدرة في قطاع الصناعات الغذائية لرفع تنافسيتها وتشجيعها على ترقية إنتاجها وولوج الأسواق الدولية. علما أن هذه الصناعة تشكل ما لا يقل عن 50 من المائة من الإنتاج الصناعي الوطني وتضم في حركية قطاعها نحو 20 ألف مؤسسة و150 ألف مستخدم. للإشارة، تم رصد غلاف مالي يناهز 386 مليار دينار لإعادة تأهيل وترقية أداء المؤسسات المتوسطة خلال سنة 2014 على الصعيد التكنولوجي والتسييري وتكوين الموارد البشرية.
تطبق في الجزائر، لأول مرة، تجربة إنشاء وتطوير “الكونسورتيوم” الذي يضم المؤسسات المصدرة في الصناعات الغذائية، تحت إشراف خبراء منظمة الأمم المتحدة ومرافقة وزارة الصناعة، حيث تم استحداث مجموعتين للكونسورتيوم، واحدة تضم المصنّعين لمادة الحبوب، في انتظار أن يتم مستقبلا استحدات ثلاث مجموعات جديدة للكونسورتيوم الذي يضم اتحاد مؤسسات تنشط في قطاع المواد الغذائية وتسهر على التصدير للأسواق الدولية.
وما تجدر إليه الإشارة، فإن نحو 89 مؤسسة تنشط في القطاع شملتها عملية التحسيس والاستفادة من الدورات التكوينية، حيث تجري التوعية، وتجمع المؤسسات الطموحة القادرة على رفع التحدي من خلال عصرنة أدائها في ظل وجود الإعانة والمرافقة المالية والتقنية، بهدف الانخراط الإرادي للمؤسسات الخاصة.
20 ألف مؤسسة ناشطة في الصناعة الغذائية
اعتبرت ربيعة خرفي، الأمينة العامة لوزارة الصناعة والمناجم، خلال افتتاحها اليوم الدراسي حول تقييم نشاطات “الكونسورتيوم”، أن البرنامج يهدف إلى تعزيز القدرات وتأهيل أداء النسيج المؤسساتي لقطاع الصناعة الغذائية بمستوى المعايير الدولية، كونها تشكل ما لا يقل عن 50 من المائة من إنتاج القطاع الصناعي الوطني بشكل عام.
ووقفت خرفي على تحدي إخراج الاقتصاد الوطني من الاعتماد الكلي على ثروة المحروقات، كون تنمية الصادرات خارج المحروقات متوقفة على تحسين مناخ الأعمال وتأهيل المؤسسات على صعيد التسيير وعصرنة آليات الإنتاج والتركيز والتعويل على الابتكار واستحداث منتوجات جديدة.
وبخصوص مساهمة هذا القطاع، أكدت الأمينة العامة لوزارة الصناعة، أن 40 من المائة من اليد العاملة تنشط في هذا القطاع، حيث وصل عدد المؤسسات الناشطة إلى 20 ألف مؤسسة، تشغل 150 ألف مستخدم. وتطرقت في ذات المقام، إلى الجهود التي بذلتها الدولة لترقية الإنتاج الوطني والرفع من تنافسيته في إطار تنويع الاقتصاد الوطني، وتقوية الصادرات خارج قطاع المحروقات. ولم تخف خرفي أن مواجهة التحدي مسؤولية الجميع، يتعلق الأمر بجميع الفاعلين في الحقل الصناعي، خاصة بعد أن فتح الاتحاد أبوابه لجميع الناشطين لولوج تجربة التصدير.
وقدرت ذات المتحدثة الغلاف المالي الذي رصدته الدولة خلال سنة 2014 لتأهيل وبلورة وترقية أداء المؤسسات المتوسطة حتى ترفع من تنافسيتها، من خلال التركيز على تطويرها تكنولوجيا وفي مجال التسيير وتكوين الموارد البشرية، مع تسهيل وصول هذه المؤسسات بصادراتها إلى الأسواق الدولية.
وحاولت خرفي أن تقارن بلغة الأرقام، ضعف عدد الناشطين في حقل التصدير، حيث أشارت إلى أن عدد المستوردين تزايد ووصل اليوم إلى 40 ألف مستورد، يقابله نحو 200 أو 250 مصدر لا ينقطعون عن عملية التصدير.
وأوضحت خرفي، أن للوزارة استراتيجية لترقية التصدير وتطوير الإنتاج الوطني، والخطوة الأولى، بحسب تقديرها، تبدأ من تعزيز منظمات وقدرات المتعاملين وتحسين نوعية وجودة المنتوجات والتقليص من فاتورة الصادرات وتطوير نظام الإعلام الآلي.
من جهته، “قالتيري”، ممثل منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية، يرى أنه يوجد عمل كبير ينتظر تجسيده حتى يتم كسب رهان إدماج المؤسسات المنتجة في قطاع المواد الغذائية في مجال التصدير، مؤكدا على الدور الكبير والضروري الذي يجب أن تلعبه منظمات أرباب العمل، خاصة على صعيد تحسيس المؤسسات في محيط يجب أن يتسم بالجاذبية، مع إرساء التسهيلات الإدارية اللازمة.
بينما ذكر ممثل السفارة الفرنسية بالجزائر، أن قوة البرنامج الذي دخل حيّز التطبيق تكمن في تركيزه على تنويع الاقتصاد وتطوير المؤسسة المنتجة الخاصة.
89 متعاملا اقتصاديا شملهم التحسيس
وعرض مشروع الاتحاد، الذي يضم المؤسسات المصدرة في قطاع الصناعات الغذائية من طرف الساسي، رئيس دائرة الصناعة بالوزارة الوصية، حيث قيم العمل لمدة سنة من التجسيد وتحدث عن وجود 3 كونسورتيوم في طريق النشأة بعد استحداث مجموعتين، حيث يسهر على ترقية الجهود والوسائل وتأهيل الموارد البشرية عقب التحسيس والعمل الجواري لتجميع أكبر قدر من المؤسسات المصدرة. وقال محمد نواد، خبير في منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية، إنه تم تشكيل لجنة تجريبية وسجل 25 مستفيدا في ظرف سنة واحدة، واستفادت من العمل التحسيسي 89 مؤسسة، وجاب البرنامج العديد من الولايات لتوعية المتعاملين والتقرب منهم، نذكر منها ولايات بجاية وغليزان ووهران ومستغانم والبليدة وبومرداس وغيرها... وخلص إلى القول في هذا المقام، إنه خلال سنة 2014 سلط الضوء على مرافقة المتعاملين الاقتصاديين والسهر على تجسيد المجموعات الثلاث لـ«كونسورتيوم”.
وتحدث إسياخم، رئيس كونسورتيوم مشتقات الحبوب، عن نشاط الاتحاد الذي ينشط فيه. ولم يخف أنه ينظم عمليتي تصدير شهريا. وأوضح في سياق متصل، أنه تم الشروع في تشكيل هذا الاتحاد للمؤسسات المصدرة لهذا النوع من النشاط بـ6 مؤسسات ووصل اليوم العدد إلى 12 مؤسسة، ومن بين الأهداف التي يركزون عليها ترقية المنتوج وتحويل المنافسة إلى شراكة، والسهر على ترقية قدرات المؤسسات العضو في هذا الاتحاد.