منتوجات محلية تنافس “الماركات” الدولية

أجبـان عالمية ببصمــات جزائريـة

 يشهد نشاط صناعة الأجبان التقليدية في الجزائر تطوّرا ملحوظا، وانتشارا كبيرا خلال السنوات الأخيرة، جعله يحظى بشعبية واسعة لدى مستهلكين وجدوا في هذه المنتجات الطبيعية الصحية نكهات متميزة ومتنوعة تنوع تراث البلاد وثرواتها الفلاحية، سواء تعلق الأمر بالأجبان المحلية أوحتى الأجبان العالمية التي أصبحت تصنع ببصمة جزائرية.
إلى جانب الحليب كمكون أساسي، أصبحت الأجبان المحلية التقليدية الصنع تشمل قائمة تكاد لا تعد من المكونات والنكهات، من الأعشاب العطرية والتوابل، إلى الثوم وزيت الزيتون، والفلفل الحار والتوابل، إلى السانوج والسمسم والعسل التين والرمان والمكسرات وغيرها، نكهات يتم التحكم فيها وفقا لرغبات وأذواق الزبائن، حسب ما أوضحه العديد من منتجي وبائعي هذه الأجبان لـ “وأج”.
وبلمسة محلية وفّقوا فيها إلى حد بعيد، يعرض هؤلاء الحرفيون كذلك، وبأسعار معقولة، أجبانا إيطالية كالمودزاريلا، والماسكاربون، والريكوتا، والسيسليان، وفرنسية كالشيدار، وسويسرية كجبن الغرويار، إلى جانب الفيتا اليوناني، واللبنة السورية وغيرها من الأجبان التي كانت من قبل تستورد بأثمان باهظة.
وللتعرف أكثر على مختلف الاصناف المعروضة ومكوناتها وطريقة صناعتها، زارت “وأج” عددا من المحلات المتخصصة في بيع الأجبان التقليدية بالجزائر العاصمة، ومنها محل بسعيد حمدين يعرض تشكيلة واسعة من هذه الأجبان أبرزها جبن “القفص البوسعادي المعتق”، الذي حصل على المركز الأول في مسابقة دولية نظمت سنة 2023.
وأوضح صاحب المحل، محمد لمين بن مهال، أن هذا الجبن “من عمق تراث منطقة بوسعادة بولاية المسيلة، ولا يزال يحافظ على شكله وذوقه العتيق”. كما يعرض المحل جبنا آخر يسمى “التاج”، ينحدر من منطقة البويرة ويعرف إقبالا كبيرا من قبل المواطنين وحتى من المغتربين، حسب المتحدث الذي لفت إلى أن المنتج حصل بدوره على المرتبة الثانية في مسابقة دولية العام الماضي.
ويمكن لزائر المحل أن يكتشف كذلك جبن “الباكورا” الذي يعد تطويرا جزائريا لجبن الفيغو Figou، وهو جبن طري مصنوع من حليب الماعز ومحشو بمربى التين المحلي.
من جهته، يعرض محل بدالي ابراهيم بالعاصمة جبن “الموراديان” تقليدي الصنع، حيث أفاد صاحب المحل، وليد بايلكتار، أنه يصنع بمزرعة “مراد” بولاية تيبازة، والتي سمي نسبة إليها، وهو جبن يعتمد على حليب البقر، ويتميز بنكهته اللذيذة المعطرة بالأعشاب وبقوامه الطري.
كما يعرض المحل جبن “القودا” المصنوع بأياد ومكونات جزائرية ونكهات مختلفة، مثل الجبن المدخن، أو ذلك المنكّه بتوابل صحراء الجزائر، بالإضافة إلى الجبن الأحمر وجبن الكامومبير، والمودزاريلا وغيرها من الأجبان الشهيرة التي تصنع بلمسة محلية.
وبمحل لبيع الأجبان التقليدية بالدار البيضاء، يتم عرض مختلف الأجبان الطبيعية بأذواق عديدة مستمدة من الأعشاب العطرية على غرار الزعتر واكليل الجبل والبقدونس، وأشكال شهية يزينها السانوج والسمسم.

بحمام ملوان..يمتزج سحر الطّبيعة بسحر النّكهات

 وتعتمد صناعة الأجبان التقليدية على الحليب الطازج غير المعالج والخميرة، حيث أشار محمد رضا، منتج للأجبان التقليدية بأحد المحلات بحمام ملوان (ولاية البليدة)، إلى أهمية جودة الحليب في صناعة الجبن الذي يتطلب مستوى عاليا من البروتينات ومن المادة الدسمة، مع ضرورة خلوّه من أي ملوثات ميكروبيولوجية، كما يعتمد من جهة أخرى على نوع العلف الذي تتغذى عليه الأبقار.
وبدوره، أوضح السيد ميمون، صانع جبن طبيعي خال من المواد الكيميائية بإحدى محلات حمام ملوان، بأن منتجه يعتمد على حليب الماعز المترعرع في جبال الاطلس البليدي، وهو يستخدم الطريقة التقليدية في التصنيع، حيث يقوم بتحويل الحليب إلى رائب بجعله يتخثر بشكل طبيعي أو باستخدام مادة طبيعية مخمرة للحليب مثل عصارة شجرة التين مع إضافة الملح الذي يساهم في الحفاظ عليه.
إنّها “طريقة كانت تعتمدها نساء الجزائر قديما في صناعة الأجبان”، يقول الحرفي، مشيرا إلى أن الهدف من تمسكه بهذه الطريقة التقليدية هو “الحفاظ على تقاليد الأجداد، والتأكد من أن كل قطعة جبن تحمل طعم الأرض ورائحتها”.
وبمحلات الأجبان التقليدية بحمام ملوان، التي انتشرت بشكل كبير، تبدو سعادة الزبائن واضحة وهم يتذوّقون مختلف الأجبان التي تعرض عادة رفقة الخبز التقليدي (خبز الطاجين)، يزيّنها الرمان وعسل التمر المحلي، أو قطع الجوز وقطرات من عسل النحل، أو معجون التين، او قطع الفلفل الحار والهريسة، أو قطع الزبدة أو زيت الزيتون...وتستقطب هذه المحلات أعدادا كبيرة من الزوار من مختلف مناطق الوطن، يأتون للاستمتاع بنكهات أصيلة ببصمة عصرية، وسط طبيعة جبلية ساحرة.
وعبّرت كاترينا، إيطالية مستقرة بالبليدة لـ “وأج”، عن إعجابها الكبير بمختلف الاجبان التقليدية المعروضة، لاسيما تلك المعطرة بزيت الزيتون الجزائري الذي اعتبرته من ألذ الزيوت في العالم.وتقول سارة، التي قامت رفقة ابنتها بشراء ثلاثة أنواع من الجبن، أنّها تعودت على تقديم الأجبان الطبيعية كوجبة إفطار لأبنائها نظرا لفوائدها الصحية، واحتوائها على العناصر الغذائية الاساسية لنمو الجسم، بعيدا عن السكريات والمواد الكيميائية.
أما عبد المجيد، القادم من ولاية تيبازة، فصرّح بأنه مستهلك وفيّ للأجبان التقليدية الجزائرية نظرا لأذواقها اللذيذة ولغناها بالبروتينات والكالسيوم والفيتامينات، بما يعزّز من صحة الجسم ويساهم في تقوية العضلات، دون إنهاك الميزانية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19757

العدد 19757

السبت 26 أفريل 2025
العدد 19756

العدد 19756

الخميس 24 أفريل 2025
العدد 19755

العدد 19755

الأربعاء 23 أفريل 2025
العدد 19754

العدد 19754

الثلاثاء 22 أفريل 2025