آليات المرافقة السبيل الوحيد لحمل الفئة على الاندماج في المسار الوطني
أكّد عبد الحميد سعادة، أستاذ في المعهد الوطني لتكوين إطارات الشباب، مكون في مادة بناء المشاريع والخبير بالاتحاد الأوروبي في تسيير المشاريع الشبانية والأورومتوسطية، أن المشاريع ومختلف البرامج المسطرة للشباب يجب أن تترجم وتستجيب لتطلعات هذه الفئة وتلبي حاجياتهم المتغيرة والمفتوحة على العديد من الفضاءات، لأن ما يعيشه الشاب الجزائري اليوم، هو نتيجة لتراكمات لفترة خلت وسياسات لم يجد فيها نفسه ما جعله يعزف عنها ويبحث في جهات أخرى بطرق مختلفة قد تسقطه فيما لا يحمد عقباه.
❊ الشعب: ما تشريحكم لواقع الشباب الجزائري في ظل التناقضات التي يعيشها؟
❊❊ عبد الحميد سعادة: علينا ألا نغفل أن الجزائر مرت بمرحلة خطيرة ومؤلمة، خلال العشرية السوداء، خاصة وأنها أثرت كثيرا على النسق الاجتماعي لمجتمعنا وقيمه سواء تعلق ذلك بالمرأة أو الرجل وما حملته من جروح أثرت حتى على الجنين في بطن أمه، حيث ورث إفرازات أثرت فيما بعد على سلوكه فما بالك بمن عايش تلك الفترة أو بعضا من تفاصيلها .
ومسألة العنف موجودة في كل المجتمعات، وبكل الدول النامية والمتطورة وليست ظاهرة لصيقة بالمجتمع الجزائري فحسب، لكن وبالرغم من كل الحالات المسجلة تفيد الأرقام استنادا لتقارير الديوان الوطني للإحصائيات أن ظاهرة العنف بالجزائر تعرف انخفاضا وتقلصا بـ 10 بالمائة، مقارنة بالسنوات الماضية لاسيما في الملاعب.
ويمكن الذهاب إلى أبعد من ذلك من خلال تضافر الجهود بين كل القوى الفاعلة والهياكل المتوفرة والمنشآت والإطارات للتكفل بالشباب من الجانب النفسي والمعنوي والمادي والدفع به إلى الأمام وإعطائه فرصا جديدة.
❊ ما الأسباب التي جعلت الشباب الجزائري يعزف عن البرامج المسطرة له؟
❊❊ مما لاشك فيه أن الكثير من الجهود بذلت والعديد من البرامج سطرت، لكن نجاحها يبقى مرهونا بمدى تفاعل الشباب معها، فغياب ثقافة الانضواء تحت لواء تنظيم مهيكل ومؤطر أدى بكثير من الشباب إلى الوقوع فريسة للانحراف، ومن ثم يتعين على هذه الفئة أن تدرك مدى أهمية الانخراط في تنظيم بهدف التأطير والهيكلة سواء في جمعية أو في دور الشباب فهذه المنشآت هي بمثابة مدرسة حقيقية لتلقين الكثير من السلوكيات الإيجابية التي تبعث في النفس المثابرة والعمل.
و في المقابل يتعين على هذه المنشآت أن تكون مفتوحة على الجميع وتتقرب إلى الشباب في الأحياء لأن الكثير منهم لا يجد الفرصة للانخراط أو ضالته فيها، وربما هذا راجع إلى التوزيع غير المنصف وغير المتوازن، مما لا يلبي تطلعات وطموحات الشباب من هذه المنشآت وكوادرها من المؤطرين، ما يستدعي وضع خريطة توزيع جديدة في ظل النمو الديمغرافي المتسارع، ووضع آليات مرافقة لبرامج تخلق التنافسية بين الشباب خاصة على مستوى الأحياء وتثمين المبادرات والطاقات المكتشفة ويكون الناجح منهم مثالا وصورة تستقطب الآخرين.
❊ في رأيك ما السبيل لاحتواء الشباب وتوجيههم لما هو في مصلحتهم؟
❊❊ يتعين علينا كقطاع الشباب التكفل بهذه الفئة على كل الأصعدة وتوجيهها واستقطابها وهيكلتها وإعطائها فرصة للبدأ من جديد، وهو أمر لا يقتصر على وزارة الشباب فقط، باعتبارها الوصاية وإنما بتظافر جهود كل الفاعلين لامتصاصه من النفق المظلم الذي يعيش فيه لاسيما الانحراف نحو العنف خاصة وأن الجزائر تتوفر على كل الإمكانيات والميكانيزمات التي من شأنها أن تحقق ذلك وتجسّده على أرض الواقع وأدوات تحارب هذه الآفات وتخفّف من حدتها لأن القضاء عليها نهائيا أمر مستحيل.
❊ ما هي الطرق والوسائل التي تقترحها كبديل من شأنه أن يعالج مشاكل الشباب؟
❊❊ في الحقيقة يتعين وضع آليات جديدة وحديثة تتماشى وانشغالات الشباب والتي لن تتأتى إلا بتحديد حاجيات الشاب الجزائري اليوم، المتغيرة والمتميّزة بتوجه ومسار مغاير تماما لما عرفناه سابقا وطموحات أخرى لبناء أجهزة مرافقة وليست متابعة وخلايا اكتشاف المواهب على مستوى الأحياء.
يضاف إلى ذلك تكوين منشطين مختصين في الأحياء ما سيعطي انطلاقة جديدة لهذه الفئة خاصة وأنها في كل مرة تؤكد بأنها هنا وموجودة ومطلوب فقط الاستماع لها وتبنّي انشغالاتها ومشاكلها والتقرب إليها من خلال النزول إلى الأحياء بخطط محكمة وتأطير الشباب وخلق فرص لهم ولما لا العمل.
❊ كيف يمكن لآليات المرافقة أن تكون فعالة في أدائها؟
❊❊ التكفل بالشباب من خلال آليات وأجهزة المرافقة، يجب أن يكون على مستوى الأحياء والدوائر ودور الشباب التي يتمتع بها القطاع، والتي تتوزع على كل ولايات الوطن، لأننا يجب أن نعلم أن الخلل ليس في البرامج ولا في المؤطرين، وإنما في منهجية التكفل بهذه الفئة التي تختلف من منطقة لأخرى حسب الظروف المعيشية والمحيط الاجتماعي للفئة المعنية ما يتعين تكييفها حسب خصوصية المنطقة والحاجيات.