صدرت مجلة “الجيش” في أبهى حلّة، زادتها جمالا وجاذبية الألوان الوطنية من أخضر، أبيض وأحمر. وهي ألوان تظل المجلة الشهرية تعتمدها في تغطية الأحداث العسكرية والأنشطة المختلفة للجيش الوطني الشعبي.
تصدرت أولى صفحات المجلة، مواضيع في غاية الأهمية ممثلة في روبورتاج عن الحملة التدريبية “صيف 2014” بعنوان “تثمين المعارف”. وفي أسفله سلطت الضوء على قانون الخدمة الوطنية، وما يتضمنه من تدابير تخص تقليص مدتها واهتمام أكبر بعصرنة المؤسسة العسكرية وتطوير أجهزتها وتأهيل مواردها البشرية استعدادا لأي طارئ.
عادت المجلة إلى اجتماع مجلس الوزراء شهر أوت وما وانبثق عنه من قرارات في غاية الأهمية يتصدرها مشروع قانون إنشاء صندوق النفقة الغذائية الذي يعد آلية هامة في حماية أفضل للأسرة وكذا مشروع قانون تعديل قانون العقوبات تعزيزا لمكافحة العنف ضد النساء والطفولة.
وهناك مشاريع قوانين تضمنها مجلس الوزراء مدرجة ضمن مسعى تحديث المؤسسات وعصرنة الخدمات المالية والرقمية، منها مشروع قانون التوقيع والتصديق الإلكتروني، دون نسيان مشروع قانون المالية 2015 المتضمن تدابير جبائية وجمركية مخففة على المتعاملين والمستثمرين.
وسارت مجلة “الجيش” على الطريقة المعتمدة في التعريف بالتاريخ الوطني وتثمين محطات منيرة من الثورة التحريرية والترويج لها بأسلوب يكشف الحقائق كما هي دون زيادة أو نقصان. وهي محطات تطلع الرأي العام وجيل الاستقلال على جانب من نضال خاضه آباؤهم، أجدادهم وغيرهم من أفراد الأسرة والأقارب دفاعا عن الوطن واستعادة الحرية المسلوبة.
من هذه المحطات التي توقفت عندها المجلة “معركة الجرف” يوم 22 سبتمبر بتبسة. وهي معركة من أطول المواجهات التي خاضها أفراد جيش التحرير ببسالة وتحدّ ضد آلة الاستعمار الحربية وكبدها الخسائر البشرية والمادية.
وكشف أفراد جيش التحرير من خلال هذه المعركة، ومعارك أخرى، مدى جاهزيتهم للحرب النظامية دون الاكتفاء بحرب العصابات التي اعتمدت في بداية الثورة. وجاء هذا بعد تكوين ميداني حرصت عليه قيادة الثورة وشددت عليه بإقرار منظومة تكوين مختلفة التخصصات تطبيقا لاستراتيجية حربية حديثة ترهب العدو وتتغلب عليه بنقل الصراع إلى معاقله وإلحاق بأكبر تجهيزاته الهزيمة النكراء بعيدا عن “تكتيك الكر والفر”.
وتوضح هذا الخيار بصفة جيدة وتمنحه قوة تعبيرية ودلالة، افتتاحية المجلة التي أجابت على السؤال الكبير: كيف نجحت الثورة وبأي طريقة تمكنت من استرجاع السيادة الوطنية؟
حدث هذا بفضل تلاحم الجيش والشعب واحتضان قيم نوفمبر ورسالته المقدسة في تحرير الأرض ومن عليها.
وكان لعامل تكوين الجيش دور لا يمكن إغفاله وتركه جانبا. وتوضح المجلة هذا المعطى بالتأكيد الصريح على أن “التكوين كان في صميم انشغالات قيادة الثورة وكان من خياراتها الاستراتيجية. بادرت قيادات الثورة بوضع اللبنات الأولى لمراكز التدريب ومدارس التكوين المتخصصة… وما تأسيس منظومة تكوين مختلفة لجيش التحرير سوى تعبير وتأكيد على تكامل ووحدة الفكر والعمل في خوض ثورة كبرى، هدفها الأسمى تحرير الأرض والإنسان”.
ليس هناك مفاجأة - إذن - إذ وجد التكوين مكانة استراتيجية في الثورة الجزائرية التي واجهت استعمارا فرنسيا استيطانيا تنكر لوجود أمة جزائرية عبر العصور، وتمادى في تزييف الحقائق عن الجزائر: أمة وتاريخا وحضارة. وليس بالغريب أن يسير الجيش الوطني الشعبي على هذا الدرب ويمنح التكوين أولوية في أعمال التطوير والتحديث للهياكل والمؤسسات العسكرية من أجل بلوغ الهدف الأسمى: تدعيم القدرات القتالية لقواتنا المسلحة في القيام بمهامها في الدفاع عن الوطن وحماية حدوده وصيانة السيادة التي تعد بحق خطا أحمرَ.