صدرت مجلة “أول نوفمبر” في أبهى حلة متضمّنة مواضيع عن جوانب مختلفة من الثورة التحريرية والنضال البطولي الذي خاضه الشعب الجزائري ضد استعمار استيطاني تنكر للهوية الجزائرية وظل يروّج أكاذيب ما أنزل الله بها من سلطان، بالادّعاء عدم وجود أمة جزائرية في التاريخ القريب والبعيد.
وتصدرت الفصلية، لسان حال المنظمة الوطنية للمجاهدين، رسالة الرئيس بوتفليقة في إحياء اليوم الوطني للشهيد، التي عاد من خلالها إلى ذكريات وبطولات وصور أولئك الأشاوس الذين انتفضوا ضد التردد وقرروا خوض معركة العزة والحرية، متحدين ترسانة المحتل الحربية وسياسة التعذيب والإبادة وانخراط الحلف الأطلسي في حرب غير حربه.
ومن منّا لا يتذكر تلك الأنشودة المرددة على الملإ المشكلة لإحدى أدبيات الثورة الجزائرية المعبرة عن رسالة وفاء وتقدير لهؤلاء البررة الذين صغرت أمامهم الدنيا وكبر الوطن وأعلي فوق كل حسابات: “إخوني لا تنسوا الشهداء الذين ضحوا بأنفسهم للبلاد”.
وذكر الرئيس بوتفليقة بأهمية حفظ الأمانة وصون الوديعة وما يمثلها الرصيد الذي خلفه شهداؤنا في إدارة الحاضر ومقارعة الصّعاب ومجابهة التحديات في بيئة حبلى بالتهديدات وصراعات مفتوحة على كل الأخطار.
في المجلة التي بقيت وفية في صدورها للألوان الوطنية الأخضر، الأحمر والأبيض ملفات جديرة بالمتابعة والعناية عشية الاحتفال بستينية الثورة وما تمثله من قيم ومبادئ مرجعية في البناء الوطني وإصلاح اختلالاته بقرار سياسي مؤمّن للاستقرار محصّن له من أي إملاءات ووصفات خارجية.
من هذه الملفات التي تشكل مادة خام لكتابة التاريخ الوطني وحماية الذاكرة الجماعية، “استعمال الغازات السامة والخانقة و«النابالم” من قبل القوات الفرنسية، طيلة احتلالها للجزائر”. وتشكل هذه الأساليب جرائم حرب يعاقب عليها القانون الدولي. لكن عكس ذلك يتحدى السفاحون والجلادون المجموعة الدولية والمنظمات الحقوقية بالترويج لهذه الجرائم والإشادة بها في وضح النهار. والكثير منهم يطلّون علينا عبر الفضائيات بالكشف الصريح عن طرق التعذيب ضد الأبطال الجزائريين. ويتحدثون بتلذذ عن ممارسات وحشية في مذكرات لهم، مدعين أنهم قاموا بذلك كضباط مجندين في حرب بالجزائر.
من الملفات الأخرى، مذكرة تتعلق بكيفية تسيير مكتبة منظمة المجاهدين، الكائن مقرها بساحة بورسعيد. وهي مكتبة يمر الكثير من المواطنين يوميا بجوارها ولا يعرفون مدى أهميتها في وضع أمام القارئ المتعطش لمعرفة حقائق الثورة من صناعها كتبا وإصدارات ووثائق تاريخية عن الحركة الوطنية والمقاومات الشعبية والمنظمة التي سبقت شرارة نوفمبر وأحدثت القطيعة مع المستعمر الوحشي.
وأهم باب يتوقف عنده المتفحص للفصلية، شعار الدولة الجزائرية ورموز الهيئات والمؤسسات ذات الصلة بالذاكرة الوطنية والاهتمام بالتاريخ والتراث الثقافي. وهو شعار ورموز نصّت على احترامها إلى حدّ القداسة، مختلف صيغ وتعديلات دستور الجمهورية الجزائرية. منها الاعتراف الأبدي بأول نوفمبر، نقطة فاصلة في تقرير مصير الشعب الجزائري ودور جبهة وجيش التحرير في ترجمة هذا الشعار إلى أرض الواقع والعيش بعد موجة الاستقلال في كنف الحرية والعزة.