انخرط مبكرا في العمل المسلح

الأسرة الثورية ببني سليمان تودع المجاهد مهدي ربيعي

المدية :م.أمين عباس

انتقل نهاية الأسبوع الماضي المجاهد مهدي ربيعي مهدي إلى الرفيق الأعلى عن عمريناهز91 عاما في صمت كبير على إثر مرض عضال ألزمه الفراش لأزيد من خمس سنوات، المرحوم من مواليد 1923 ببلدية العيساوية بجبال لأطلس البليدي، ينتمي إلى أسرة متوسطة الحال تعتمد في كسب رزقها على الفلاحة و كان من بين خريجي إحدى زاويا ولاية تيزي وزو.

وقال المجاهد عبد العزيز يخلف شاوش  رفيق الطفولة والثورة التحريرية حتى ما بعد الاستقلال عن هذه الشخصية الثورية الفذة ،« إن المرحوم سبق وأن التحق بخلايا الثورة عام 1955، بالولاية الرابعة التاريخية - المنطقة الأولى - الناحية الثالثة، حيث قام بعدة نشاطات تنظيمية على مستوى مناطق الجهة كبلديات (العيساوية وبوشراحيل وبعطة والعمارية وبوسكن ومزغنة الآن)  ضمن صفوف جيش التحرير الوطني، ونتيجة لنشاطه رقي  بجدارة واستحقاق إلى مسؤول على مستوى الدشرة ولغاية بداية 1960  ثم تمت ترقيته ثانية  إلى مسؤول سياسي بالقسم، المحدد جغرافيا من خميس سيدي نعمان”مقردائرة الآن”حتى الربوة الحمراء بناحية تابلاط، وهذا في عهد الشهيد عبد الرحمان طيطا”شهيد”مسؤول الناحية.
واستنادا لشهادة محدثنا الذي عايشه، فإن المرحوم شهد أغلب المعارك الطاحنة التي دارت بين قوات جيش التحرير والعدو الفرنسي، بينها كمين نصبه الكومندو الشهيد علي خوجة بقيادة الرائد سي لخضر”مقراني رابح” بقرية أولاد بن سعدة بالقرب من بني سليمان، وبمحاذاة واد المالح لقافلة من الخيالة الفرنسية يوم 1957/03/08، شارك فيه المسبلون والمجاهدون منهم المرحوم، من القرى المجاورة الثلاث:أولاد بن سعدة والقطارنية والروابعية المحاذية لغابة الذراع لكحل والغابة الكحلاء.
وأسفر الكمين عن قتل 80 جنديا فرنسيا بينهم عدد هام من الحركى، وأسر عدة جنود بينهم ضابط برتبة نقيب، وأخذت كمية هامة من الأسلحة المختلفة الأنواع والأحجام، ونال الشهادة ثمانية من المجاهدين وقتها من  بينهم أحد إخوة محدثنا، الذي أضاف معقبا وللإشارة فإن “ جيش التحرير بالمنطقة تمكّن من الحصول على أسلحة أوتوماتيكية هامة من المعركة والتي قبلها في أوت 1956 بقرية بني معلوم ببلدية بوسكن التابعة لدائرة بني سليمان حاليا، خاضها جنود نفس الكومندوس بقيادة الرائد سي لخضر،حيث تم القضاء على كل جنود فرقة الجيش الفرنسي مع تمكن جندي واحد من الفرار،كما تم غنم أسلحة متطورة منها أسلحة أمريكية.
وعن سلوك  الرجل مهدي ربيعي أثناء  هذه الثورة المجيدة  حصره محدثنا رفيق طفولته وسنوات الثورة النوفمبرية، في السلوك الحسن المتسم بالرزانة والحكمة.
أما عن سبب امتناعه التوقيع على  وثائق شهادات العضوية؟  فمردّها عدم اعترافه تماما، بظاهرة الرشوة التي أصبحت متفشية بين الطامعين في الحصول على عضوية المشاركة في الثورة ضمن المنظمة المدنية أو العسكرية لجبهة التحرير الوطني،رغم أن محدثنا أضاف “أمضى وثائق شهادة العضوية لكن لمجاهدين معروفين ببلدية العيساوية مسقط رأسه، بعدها أقسم بأن لا يوقع حتى لأقاربه المشهود لهم بالمشاركة الفعلية في الكفاح المسلح حتى إنتقاله إلى الرفيق الأعلى الأسبوع الماضي تاركا وراءه صفحات تاريخية  من النضال المستميت”.
وفيما يخص مشاركة محدثنا والمرحوم، فأكد على أنهما لم يشاركا في القوافل  المتجهة إلى تونس لجلب  الأسلحة، لكنهما كانا يقومان بإرشاد الشباب المجنّد لذات الغرض، وأنه لا يزال يتذكر إرشاد شباب القافلة التي كان من المفروض توجهها من الولاية الرابعة  التاريخية”تحديدا من ولاية المدية الإدارية حاليا” إلى تونس الشقيقة، والتي كانت تتكون من نحو 350 شابا قدموا من المدية-بوشراحيل - العمارية - وزرة - البرواقية وجبل صباح بالنواجي حاليا، والذين أضاف محدثنا وعيناه مغرورقتان بالدمع”وللأسف فإن كل هؤلاء الشباب نالوا الشهادة بسيدي رابح قبالة بلدية بوشراحيل بشرق المدية.
هذا وتروي إحدى الشهادات التي تحصّلت عليها “ الشعب “ عن ابنه يوسف ربيعي إطار بمديرة التجارة بولاية المدية ، أن عائلة المرحوم باشرت منذ سنتين عملية  كتابة بعض ما أدلى به  الأب المجاهد للأجيال القادمة من حقائق قبل إصابته بداء الزهايمر.
 كما أشارت أن هذا الثوري الذي شغل منصب محافظ  سياسي في  هذه الحقبة الزمنية، كان شديد التحلي بالصبر والرزانة مؤمنا بقضاء الله وقدره، رافضا خلال بداية عمله  المسلح أن يتخذ لنفسه أي اسم مستعار أو كنية،  في إشارة  منه إلى إيمانه الكبير بمقاصد هذه الثورة المظفرة وشجاعته ووفائه لمبادئه وأخلاقه والرسالة التي كان يؤمن بها والتي دافع عنها حتى  بعد الاستقلال.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024