الجزائر تعزّز مكانتها الإقليمية والدولية بمشروعات ضخمة

2025.. خطى ثابتة لتكريس الاقتصاد المنتصر

علي مجالدي

 إجراءات متعدّدة لدعم العدالة الاجتماعية ورفع مستوى المعيشة

تبدأ الجزائر العام الجديد 2025 بخطى ثابتة، والذي وصفه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون أنه سيكون «عام اقتصادي» في عهدة ثانية اقتصادية بامتياز، مستهدفة تحقيق نقلة نوعية في مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. ويأتي هذا التوجه في سياق تحديات متزايدة تتعلق بتقلبات الاقتصاد العالمي، تغيرات المناخ، وضغوط النمو السكاني، لكن الجزائر تعتمد في مسارها الطموح على مكتسبات كبيرة في قطاعات الطاقة والصناعة والتعدين والزراعة والبنية التحتية.

تواصل الجزائر تعزيز مكانتها الإقليمية والدولية من خلال مشروعات ضخمة، مثل منجم «غار جبيلات»، الذي يُنتظر أن يسهم في تحقيق طفرة في إنتاج الحديد، ومشروع الفوسفات في تبسة، الذي يشكل رافعة مهمة للاقتصاد الوطني. في نفس السياق، شهد القطاع الفلاحي في الجزائر ديناميكية كبيرة، انعكست على مستويات الإنتاج والاكتفاء الذاتي في العديد من الشعب الاستراتيجية. كما أن التحسينات الاجتماعية المتعلقة بالأجور ومنحة البطالة تُعدّ من الركائز الأساسية التي تسعى الدولة من خلالها إلى تحقيق العدالة الاجتماعية ورفع مستوى المعيشة.

محرك التحول الاقتصادي

يشكل منجم «غار جبيلات» بولاية تندوف حجر الزاوية في الطموحات الاقتصادية الجزائرية على الأمدين القريب والمتوسط، ويُعد هذا المشروع واحدًا من أكبر المشاريع المنجمية في القارة الإفريقية، حيث يشهد عملية ربط بالسكك الحديدية على مسافة 950 كيلومترًا تمتد حتى ولايات بشار ووهران ومستغانم. كما أن دور السكة الحديدية لن يقتصر على نقل الحديد الخام فحسب، بل يُنظر إليها كرافد للتنمية الشاملة في منطقة الجنوب الغربي من خلال نقل البضائع والأفراد، ما ينعش الاقتصاد المحلي بشكل كبير.
ومع وصول المشروع إلى مرحلة الاستغلال القصوى في قادم السنوات، من المتوقع إنتاج 40 مليون طن من الحديد وخام الحديد سنويًا، مما سيضع الجزائر ضمن قائمة أكبر 10 دول منتجة لهذه المادة عالميًا، كما يرافق المشروع إنشاء مصانع ضخمة في بشار وغار جبيلات، إلى جانب مصانع أخرى بشمال البلاد، ما يوفر آلاف فرص العمل ويساهم في نقل التكنولوجيا وتوفير مبالغ كبيرة من العملة الصعبة ويتوقع الخبراء أن تبلغ الصادرات الجزائرية من الحديد المصنع وخام الحديد سنويا الى أكثر من 5 مليار دولار سنويا مع توقعات بتجاوز الـ 10 مليار دولار سنويا مع بلوغ الإنتاج مراحله القصوى.
علاوة على ذلك، يعد مشروع الفوسفات في شرق البلاد قيمة مضافة للاقتصاد الوطني ويعرف مشروع الفوسفات في بلاد الحدبة بولاية تبسة تقدمًا كبيرا، ويُتوقع أن يعزز هذا المشروع الضخم، والذي بلغت تكلفته أكثر من 6 مليارات دولار، من مكانة الجزائر كأحد المصدرين الرئيسيين لهذه المادة الحيوية على المستوى الإقليمي والدولي، لاسيما وأن مرحلة الاستغلال الأولية كانت قد إنطلقت العام الماضي، مع آمال في أن يسهم المشروع في توفير العملة الصعبة عبر تقليل الاعتماد على الاستيراد وزيادة الصادرات فيما يخص الاسمدة وبقية المنتجات الزراعية والكيماوية ذات الصلة.
ومن المتوقع أن تعرف مناطق تبسة، سوق أهراس، عنابة، وسكيكدة تنمية اقتصادية بفضل تجديد شبكات النقل وتوسيع البنى التحتية المرتبطة بالمشروع، مما يعزز التنمية المستدامة في هذه الولايات مع توفير أكثر من 6000 آلاف فرصة عمل مباشرة وآلاف الفرص غير المباشرة.

تحديات وخطى ثابتة نحو تحقيق الأمن الغذائي

شهد القطاع الزراعي في الجزائر في السنوات الأخيرة ديناميكية ملحوظة، حيث بلغ الناتج الخام الفلاحي لسنة 2024 حوالي 37 مليار دولار، كما ساهمت وفرة الإنتاج، خاصة في شعبة الحمضيات وبعض الخضروات، في خفض الأسعار وتحسين القدرة الشرائية للمواطنين بشكل ملحوظ خلال نهاية السنة.
كما أثمرت الجهود الوطنية المبذولة في تحقيق الاكتفاء الذاتي في شعبة القمح الصلب، مع توجه طموح لتحقيق الاكتفاء في القمح اللين من خلال توسيع المساحات المسقية والاستثمار في الزراعة الصحراوية. كما تبرز شراكات مع شركات أجنبية، مثل الشريك القطري «بلدنا» في مشروع إنتاج الحليب ومشتقاته، الذي يُتوقع أن يحوّل هذا المشروع الضخم الجزائر من مستورد إلى مُصدر لهذه المادة، بالإضافة إلى الشريك الإيطالي المتخصص في إنتاج الحبوب والبقوليات والذي من المتوقع أن يدخل مرحلة الإنتاج هذه السنة.
كذلك، ولتعزيز الإنتاج الزراعي، وُضعت الدولة سياسات داعمة تشمل تسهيل القروض، دعم الكهرباء الريفية، واستيراد المعدات الزراعية المستعملة، حيث استفادت آلاف المستثمِرات الزراعية من هذه التسهيلات، ما مكّنها من دخول عجلة الإنتاج بقوة.

التزام برفع مستوى المعيشة

في الجانب الاجتماعي، يُتوقع أن يشهد عام 2025 زيادات ملحوظة في الأجور والرواتب، وهو ما أكده رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في مناسبات متعددة، بهدف تمكين المواطن الجزائري من حياة كريمة وتعزيز قدرته الشرائية، وقد أُخذ هذا الهدف بعين الاعتبار عند إعداد قانون المالية لسنة 2025، حيث تم تجنب فرض أي ضرائب جديدة على المواطنين لتفادي أي تأثير سلبي.
كما أصدر رئيس الجمهورية توجيهات بوضع الآليات الضرورية لمراقبة الأسعار ومنع التلاعب بقوت الجزائريين، والتدخل عند الضرورة بمراسيم لتحديد أسعار المواد الأساسية. على سبيل المثال، تم دعم مادة القهوة، نظرًا لكون الجزائر من أكبر مستهلكيها في الوطن العربي وتسقيف أسعارها، بالإضافة إلى ذلك، يؤكد رئيس الجمهورية على استمرار الدولة في أداء دورها الاجتماعي، من خلال الحفاظ على منحة البطالة التي يستفيد منها أكثر من مليوني شاب جزائري.

تعزيز المشاركة والتوافق الوطني

في إطار تعزيز المسار الديمقراطي وتحسين الأداء الإداري في الجزائر، أعلن رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، عن إطلاق حوار سياسي شامل ومراجعة قانوني البلدية والولاية خلال السنة الحالية، وتهدف هذه المبادرات إلى تعزيز المشاركة الشعبية وتطوير فعالية المؤسسات المحلية، مما يعكس التزام القيادة الجزائرية بتعميق الديمقراطية وتحقيق التنمية المستدامة، ويُعد الحوار السياسي خطوة مهمة نحو تعزيز التوافق الوطني وتوسيع قاعدة المشاركة في صنع القرار، ويتوقع أن يشمل هذا الحوار مختلف الأطياف السياسية والمجتمعية، بهدف مناقشة القضايا الوطنية والتحديات الراهنة، والوصول إلى حلول توافقية تعزز الوحدة الوطنية وتدعم الاستقرار السياسي في عالم متقلب.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19665

العدد 19665

الأحد 05 جانفي 2025
العدد 19664

العدد 19664

السبت 04 جانفي 2025
العدد 19663

العدد 19663

الخميس 02 جانفي 2025
العدد 19662

العدد 19662

الثلاثاء 31 ديسمبر 2024