ميزة النموذج الجزائري.. إشراك الشباب في صناعة القرار
تمتلك الجزائر تجربة رائدة في تأطير وتعبئة الشباب، من خلال الجمعيات والمنظمات، محلية كانت أو وطنية. وقد أولت الدولة أهمية بالغة لهذه الفئة التي تمثل أزيد من 60٪ من المجتمع، من خلال تعزيز مشاركتها في رسم السياسات العمومية وبناء القدرات والتعبئة الوطنية، مما جعلها ترتقي لكي تكون نموذجا يقتدى به في الدول الإفريقية، وذلك ما يؤكده رئيس أكاديمية الشباب الجزائري سمير بوعزيز في هذا الحوار لـ «الشعب».
«الشعب»: تعرف الحركة الجمعوية الشبانية في الجزائر تطورا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة، ما هي أهم الفضاءات التي يمكن وضعها لاحتواء هذه الطاقات الحية والاستفادة منها، مع إبراز الأهمية التي توليها الدولة لتأطير وتعبئة الشباب للمساهمة في التنمية الشاملة وخدمة الوطن؟
سمير بوعزيز: تعد الجمعيات الشبانية في الجزائر ركيزة أساسية في تعزيز دور الشباب في مسيرة التنمية الوطنية، حيث يعرف المشهد الجمعوي نموا ملحوظا، يؤكده عدد الجمعيات الشبانية الذي يتجاوز 30 ألف جمعية محلية ووطنية، موزعة على كامل القطر الوطني، تنشط في مختلف المجالات، مثل: الثقافة، الرياضة، البيئة، العمل التطوعي والابتكار التكنولوجي. هذا الزخم يعكس اهتمام الدولة الكبير بتأطير وتعبئة الشباب، باعتبارهم قوة فاعلة في بناء مستقبل أفضل للبلاد، تساهم في تطوير المهارات القيادية وتعزيز قيم المواطنة.
واهتمام الدولة الجزائرية الكبير بتأطير الشباب وتكوينهم، عبر توفير بيئة مؤسساتية وقانونية داعمة، يتجلى في تنظيم دورات تدريبية في مجالات مختلفة، لتأهيل الشباب وتمكينهم من المهارات اللازمة للمساهمة في التنمية المستدامة.
وفي إطار تعزيز المشاركة الشبابية في رسم السياسات التنموية، أنشأت الجزائر المجلس الأعلى للشباب، الذي يهدف إلى تمثيل الشباب وإيصال صوتهم إلى صناع القرار، يعمل المجلس كهيئة استشارية تقدم اقتراحات حول قضايا الشباب، بما يضمن إشراكهم الفعلي في السياسات العامة. أما المرصد الوطني للمجتمع المدني، فيعمل على متابعة أداء الجمعيات، وتقييم مساهمتها في التنمية المحلية وتقديم التوصيات لتعزيز أدائها.
ولم تعد الجمعيات الشبانية في الجزائر مجرد فضاءات لنشر التطوعية، بل أصبحت مدارس لتكوين القادة، ومنصات لتنمية المهارات، وأدوات فعالة لتعزيز الاستقرار الاجتماعي والنمو الاقتصادي، بفضل الجهود الحكومية والمشاركة المجتمعية، تمكنت العديد من الجمعيات من إطلاق مشاريع ناجحة في مجالات مختلفة كريادة الأعمال والتنمية الريفية.
كما أن تعبئة وتكوين الشباب يعد إيمانا راسخا بقدرتهم على إحداث التغيير الإيجابي والمساهمة الفعالة في التنمية الشاملة. ويشكل إنشاء المجلس الأعلى للشباب والمرصد الوطني للمجتمع المدني، خطوات استراتيجية لتعزيز هذه المشاركة وجعل الشباب محورا أساسيا في تحقيق الأهداف الوطنية المستقبلية.
كيف يمكن تصدير الحركة الجمعوية الشبابية الجزائرية كنموذج يقتدى به في الدول الإفريقية؟
تصدير النموذج الجزائري للحركة الجمعوية الشبابية إلى الدول الإفريقية، رؤية نحو مشاركة فعالة وبناء مستدام، إذ تمثل الحركة الجمعوية الشبابية في الجزائر نموذجا فريدا في تعزيز المشاركة الشبابية وفي رسم السياسات العمومية وبناء القدرات والتعبئة الوطنية.
وقد أثبت هذا النموذج فعاليته من خلال نجاحات متعددة في ميادين التنمية الاجتماعية والسياسية، مما يجعله تجربة رائدة يمكن تصديرها إلى الدول الإفريقية لتحقيق التنمية المستدامة والاستقرار الإقليمي في تعزيز المشاركة في رسم السياسات العمومية. وأحد أبرز ملامح النموذج الجزائري هو إشراك الشباب في صناعة القرار ورسم السياسات العمومية، من خلال مؤسسات مثل المجلس الأعلى للشباب والمرصد الوطني للمجتمع المدني، هذه الهيئات توفر للشباب فضاءات حوار وتبادل أفكار، مما يساهم في إعداد سياسات تستجيب لتطلعاتهم.
يمكن للدول الإفريقية اعتماد هذا النموذج عبر إنشاء مجالس شبابية مماثلة تشرك الشباب في صنع القرار ضمن إطار قانوني وتنظيمي داعم، تولي الجزائر اهتماما كبيرا لبناء قدرات الشباب من خلال التدريب والتكوين في مجالات القيادة وريادة الأعمال والتنمية المستدامة، كما تنظم المنتديات والملتقيات الوطنية والدولية التي تتيح للشباب الفرصة لتبادل الخبرات والتجارب.
كيف يمكن إدماج الشباب في العملية التنموية على المستوى الإفريقي لمواجهة التحديات التي تواجه القارة السمراء؟
تواجه القارة الإفريقية تحديات معقدة تتراوح بين الأزمات الاقتصادية والنزاعات المسلحة وتغير المناخ، إلى التحولات الدولية الكبرى الناتجة عن العولمة والثورة الصناعية الرابعة. في هذا السياق، يصبح إدماج الشباب الإفريقي في العملية التنموية ضرورة حتمية لضمان مستقبل أكثر ازدهارا واستقرارا للقارة السمراء.
أهمية إدماج الشباب في التنمية الإفريقية، إذ يعد الشباب العمود الفقري للقارة الإفريقية، حيث يمثلون أكثر من 60٪ من سكانها ويمثل إدماجهم في عملية التنمية فرصة للاستفادة من طاقاتهم في مواجهة التحديات وتعزيز النمو الاقتصادي. كما أن مشاركتهم النشطة تضمن تحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي.
إن التحديات التي تواجه القارة الإفريقية، خاصة البطالة والفقر، بحيث يعاني الشباب الإفريقي من معدلات بطالة مرتفعة نتيجة ضعف الاستثمارات وسوء التخطيط الاقتصادي والنزاعات المسلحة وعدم الاستقرار. فالعديد من الدول الإفريقية تشهد صراعات داخلية تؤدي إلى تهجير الملايين وتعطيل مسارات التنمية، وكذا ضعف البنية التحتية التي تؤثر على قطاعي التعليم والصحة، مما يعيق تنمية المهارات الشبابية.