وجهة استراتيجية لتوسيع اقتحام الأسواق الإفريقية ^ تحقيق وثبة اقتصادية وتنمية الحدود المشتركة بين البلدين
أكد خبراء في الاقتصاد، أن زيارة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، إلى موريتانيا، والتي دامت يومين، زيارة هامة تأتي في إطار مساعي الجزائر لتوطيد علاقاتها مع موريتانيا وتوسيع تواجدها في الفضاء الإفريقي (إفريقيا الغربية)، كما لها أبعاد استراتيجية أمنية وتجارية، مع جارتها الجزائر.
في قراءة تحليلية للخبير الاقتصادي سعد سلامي، قال إن هذه الخطوة تتناسب مع استراتيجية الجزائر في التوجه جنوبا، نحو غرب إفريقيا أولا ثم العمق الإفريقي، خاصة في ظل تطابق الرؤى والأفكار حول بعث الاقتصاد والحيوية التجارية مع الجزائر.
وأكد سعد سلامي، منذ مجيئ رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، أعطى للعلاقات الثنائية الموريتانية الجزائرية حجما آخر وفضاءات أخرى للتعاون، وهذا من خلال المساعي والزيارات المتبادلة لبعث المشاريع المشتركة؛ مشروع الطريق الحيوي الذي يربط تندوف بالزويرات، منطقة للتبادل الحر على الحدود بين البلدين التي يجري إنشاؤها وربط الجزائر بنواكشوط بخط جوي، ناهيك عن عدد من الاستثمارات الجزائرية بموريتانيا في مجالات النفط والصيد البحري، كلها روابط تسمح للبلدين بتعزيز التعاون الثنائي والشراكة.
وأوضح المتحدث، بشأن المعبر الدولي بين الجزائر وموريتانيا، أنه سيقنّـن بمنظومة قانونية خاصة للتعريفة الجمركية، الضريبة، التسعيرة، تنقل البضائع والأشخاص، أي أنه سيخضع لمنظومة قانونية متكاملة تحظى بالتوافق بين الجزائر والأشقاء في موريتانيا، مرورا إلى بوركينا فاسو، السينيغال، كوت ديفوار وإفريقيا الوسطى عبر مالي والنيجر، أي عبر الشريط الحدودي كله.
واستطرد المتحدث قائلا، «موريتانيا شقيق لديه توافق وتطابق في الرؤى اقتصاديا وحتى سياسيا، حيث أن مواقفها لطالما ساعدت الجزائر على أن تكون أرضية خصبة لعديد المشاريع الاقتصادية، وتبقى منفذا للتبادلات التجارية وفضاء لأي تنظيم جهوي وإقليمي يمكن خلقه في هذه المنطقة».
وأضاف الخبير الاقتصادي، الزيارة جاءت لتقريب الرؤى وتسريع الإجراءات المتخذة وتنفيذ الاتفاقات والتعاهدات الحاصلة بين الطرفين من خلال القطاعات المعنية بهذا الجوار، الممثلة في التجارة الخارجية والمبادلات والدبلوماسية الاقتصادية التي يقودها رئيس الجمهورية لتنفيذ كبريات المشاريع مع الأشقاء كمرحلة أولى لعبور الاقتصاد الجزائري إلى الفضاء الإفريقي (إفريقيا الغربية)، ناهيك عن الخطوط البحرية.
من جهته، المحلل الاقتصادي محفوظ كاوبي، أفاد بخصوص زيارة الرئيس الى عاصمة الجمهورية الإسلامية الموريتانية الشقيقة نواكشوط، بأنها مهمة تكتسي بعدا استراتجيا، يعكس متانة العلاقة بين البلدين ورغبة الرئيسين في إرساء دعائم حقيقية لتكافل وتكامل اقتصادي، وإقامة نظرة استراتيجية متكاملة بين البلدين.
وأضاف المتحدث، الجزائر تسعى إلى إحداث وثبة في القارة الإفريقية، من خلال المرافعة على تفعيل الآليات التي تسمح بارتقاء مستوى الإمكانات الكبيرة والهائلة التي تزخر بها القارة، أكثر من مليار و400 مليون/نسمة، 70٪ شباب، توفرها على إمكانات معدنية هامة، هذه الإمكانات -يفيد الخبير- تسعى لتحسينها وقدمت مقترحات أعلن عنها رئيس الجمهورية في القمة وحلولا واقعية، على غرار إنشاء بنك للتعليم والتكوين، اقتراح عرض أكثر من ألفي بورصة في مجال التعليم العالي وفرص عديدة في التكوين والتعليم المهنيين، وهي مقترحات تعمل الجزائر، زيادة على الدعم الذي تمنحه الوكالة الجزائرية للتمويل وتحسين البرامج، على تجسيدها في إطار هذا الاتفاق الثنائي.
من ناحية ثانية، يضيف المحلل الاقتصادي، أن الزيارة تمت بعد زيارات عديدة للرئيس الموريتاني إلى الجزائر، واليوم رئيس الجمهورية يبين من خلال مشاركته في القمة والاجتماعات التي جمعته بالقادة والمسؤولين الموريتانيين، المستوى العالي للتكامل الاقتصادي مع موريتانيا.
ما يجب الإشارة إليه،يقول المتحدث، المشاريع المشتركة بين البلدين التي تعمل الجزائر على زيادة وتيرتها لإعطاء نسق واندماج أكبر بين البلدين. علما أنه تم تجسيد المعبر الحدودي بين الجزائر وموريتانيا، السنة الماضية، إطلاق مشروع إنجاز أكثر من 700 كلم لتسهيل تنقل الأشخاص والخدمات بين البلدين، إنشاء بنك جزائري في موريتانيا لزيادة ديناميكية حركة رؤوس الأموال، بالإضافة الى المنطقة الحرة الاقتصادية، حيث تم تخصيص منطقة حرة للتعاملات مع موريتانيا تهدف إلى إعطاء وثبة اقتصادية وتنمية الحدود المشتركة بين البلدين، خاصة في ظل الإمكانات الكبيرة التي تزخر بها الجزائر وموريتانيا.
لذا، فإن هذا التعاون البيني، يندرج ضمن نظرة تنمية التعاون في شمال إفريقيا وضمن نفس الديناميكية التي تميز الجزائر وتونس، الجزائر- ليبيا، حيث تعمل الجزائر على إعطاء بعد أفريقي لعملية التنمية، مرورا بمنطقة الساحل والمناطق الحدودية المختلفة، أربع مناطق حرة اقتصادية مع موريتانيا، تشاد، النيجر ثم ليبيا وتونس، وهو الأمر الذي يبين أن النظرة استراتيجية الهدف منها إعطاء دفع كبير لتصبح مناطق شمال إفريقيا والساحل، تتوفر على كل المؤهلات اللازمة لتكريس مناطق التبادل الحر الإفريقي، الذي يجب تجسيده ميدانيا آفاق 2030- 2034.
وأشار المتحدث في ذات الشأن، إلى الأمور المتعلقة بالتجارة البينية وتحسين المنشآت القاعدية، التي تعتبر الجزائر قدوة من حيث الوفاء بجميع الالتزامات، سواء في المنشآت القاعدية للطرق، المواصلات والألياف البصرية وكل الأمور اللوجستية لتنمية المناطق البينية والاقتصاد الفعلي، مؤكدا أن التعاون المشترك يهدف الى إعطاء بعد إقليمي وجهوي للتنمية بين البلدين.
وعليه، يرى خبراء الاقتصاد، أن موريتانيا وجهة استراتيجية، شريك استراتجي وشقيق متاخم للجزائر، يسهل حركية الاقتصاد الجزائري وتسمح بتنقله وتمدده إلى الخارج، وكذا الارتقاء وترقية الصادرات الجزائرية بالخارج، فهي كذلك منفذ ومعبر هام لمختلف السلع نحو عدة دول.