دعم كامل ومطلق لحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره
تكتسي زيارة رئيس جنوب أفريقيا الى الجزائر أهمية بالغة على المستويين الإقليمي والدولي، حيث يُعدُّ البلدان من أقوى اقتصاديات القارة السمراء، الى جانب امتلاكهما مفاتيح الحل والربط في قضايا السياسة والاقتصاد والأمن في القارة، وقد جاءت هذه الزيارة في وقت حسّاس من تاريخ العلاقات الافريقية، حيث تتزايد التحدّيات السياسية والاقتصادية في القارة، ما يستدعي تعزيز الشراكات الاستراتيجية بين الدول الافريقية.
شكّل تعزيز التعاون في مجالات التجارة والاستثمار خاصة في قطاعات الطاقة، الصناعة، الزراعة والفضاء إحدى أبرز أهداف زيارة رئيس جنوب أفريقيا الى بلادنا، وتتطلّع الجزائر من خلال هذه الزيارة الى تنويع اقتصادها وشراكاتها الاستراتيجية، بينما تسعى جنوب افريقيا الى فتح أسواق جديدة لمنتجاتها، وتعزيز تعاونها مع دولة ذات تأثير اقتصادي كبير في شمال افريقيا.
زيارة رئيس جنوب افريقيا الى الجزائر، يصفها مراقبون بالخطوة الهامة نحو تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وما الاتفاقيات التي تم إبرامها في مختلف المجالات، إلا تأكيد على الإرادة السياسية لقائدي البلدين لتعميق التعاون في مواجهة التحدّيات المشتركة، والتزامهما بتحقيق الاستقرار الاقتصادي والسياسي في إفريقيا.
شهد لقاء الزعيمين تبون ورامافوزا التوقيع على العديد من مذكرات التفاهم والاتفاقيات الثنائية التي تهدف الى تعزيز التعاون في عدة مجالات، حيث وقّع الرئيسان على الاعلان المشترك للشراكة الاستراتيجية بين الجزائر وجنوب افريقيا، مذكرة تفاهم في مجال البحث الزراعي، مذكرة تفاهم بين الوكالة الفضائية الجزائرية ونظيرتها الجنوب افريقية، مذكّرة تفاهم في مجال المقاولاتية والابتكار بين البلدين، مذكّرة تفاهم حول التعاون الاقتصادي المشترك، وأخرى حول التعاون في المجال القانوني والقضائي، الى جانب التوقيع على محضر الدورة السابعة للجنة الثنائية العليا للتعاون بين البلدين.
توافق الرّؤى
برزت مسألة تعزيز التنسيق والتوافق حول القضايا السياسية الإقليمية والدولية من بين أهم الملفات التي تم تناولها خلال زيارة رئيس جنوب افريقيا الى الجزائر، وعلى رأسها القضية الفلسطينية وملف الصحراء الغربية اللتان تعدّان من القضايا ذات الاهتمام المشترك في السياسة الخارجية للبلدين.
تعد القضية الفلسطينية إحدى أولويات السياسة الخارجية لكل من الجزائر وجنوب افريقيا، حيث يشترك البلدان في ذات الموقف الداعم للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وتأييد حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم وإقامة دولتهم المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، كما يتّفق البلدان على ضرورة تعزيز الدعم العربي والدولي للحقوق الفلسطينية، مع التزامهما العميق بتكثيف الجهود لتحقيق تسوية عادلة وفقاً للقرارات الدولية بما يضمن حق الشعب الفلسطيني.
وعبّر الزعيمان عن دعمهما الكامل والمطلق لحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، حيث توافقت الرؤى حول ضرورة احترام قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بقضية الصحراء الغربية، وترى الجزائر باعتبارها أكبر الداعمين لنضال الشعب الصحراوي ضرورة أن يتمتع الصحراويون بحقوقهم المشروعة في الحرية والاستقلال، وهو ما عبّرت عنه مراراً مؤكّدةً على موقفها الثابت من هذه القضية، وفي ذات السياق، عبّرت جنوب افريقيا عن نفس الموقف تجاه القضية الصحراوية من خلال دعوتها الى حل النزاع بشكل سلمي وفقاً للشرعية الدولية.
توافق الرؤى بين الجزائر وجنوب افريقيا بخصوص القضية الصحراوية، يعكسه تمسّكهما بضرورة الاسراع في تنظيم استفتاء لتقرير المصير في الصحراء الغربية، وهو المطلب الذي تواصل الجزائر المرافعة لأجله في المحافل الاقليمية والدولية.
توافق الرؤى بين الجزائر وجنوب افريقيا بشأن العديد من المسائل والقضايا الاقليمية والدولية، يعكس التزام قائدا البلدين بمبادئ العدالة والحرية، ويعزّز هذا التعاون من موقعهما في الساحة السياسية الدولية والاقليمية، كما يعكس هذا التوافق عمق العلاقات التاريخية بين البلدين، ويجعل من الجزائر وجنوب افريقيا حليفين استراتيجيين يحاربان من أجل تحقيق العدالة للعديد من القضايا الشائكة في افريقيا والشرق الأوسط والعالم، وهو ما يعزّز من مكانة الزعيمين تبون ورامافوزا كداعمين أساسيين للقضايا العادلة حول العالم.