ارتباط بنيوي يرفع إمكانات القارّة الأفريقية كقوّة فاعلة
من مانديلا إلى رامافوزا..جزائر الأحرار بلد صديق مؤثّر وقبلة للثوّار
أكّد أساتذة العلوم السياسية والعلاقات الدولية في تصريحات لـ «الشعب»، على أهمية الزيارة التي قام بها رئيس جنوب إفريقيا إلى بلادنا، لأنها ستؤسس لمحور قوي «جزائر - بريتوريا» للتعاون الاستراتيجي، مركزّا على الارتباط البنيوي بين البلدين في الرفع من إمكانات القارة الأفريقية كقوة فاعلة.
أوضحت الدكتورة نبيلة بن يحيى أستاذة العلوم السياسية، أن العلاقات الثنائية بين الجزائر وجنوب افريقيا متجذّرة في التاريخ السياسي للبلدين منذ موقف الجزائر من التمييز العنصري في نظام الأبارتييد، والعلاقة الوطيدة التي جمعت نيلسون مونديلا بالجزائر، وأضافت أن هذا الموقف التوافقي يتواصل كلما يتعلق بالقضايا التحررية، وحق تقرير المصير والقضايا الإنسانية في إطار القانون الدولي والإنسانية.
ترى الأستاذة بن يحيى أنّ هذه الزيارة جاءت استكمالا لهذا النهج النضالي الممتد في التاريخ والجغرافيا، وكذلك النفعي في إطار علاقات إستراتيجية شملت التعاون الزراعي والمقاولاتي والصناعي، بإمضاء مذكرات تفاهم تضم 6 نقاط، تؤكد على أهمية العلاقات الثنائية بين الجزائر وجنوب إفريقيا في تكاملهما في الرؤية السياسية والاقتصادية والأمنية، خاصة ما يتعلق بالقارة الإفريقية.
وأوضحت الأستاذة بن يحيى في هذا الصدد، أن هذه القارة الغنية بمواردها التي تستغلها الدول الكبرى المسطرة على العالم ككل، لم تأخذ حقها التاريخي في الهياكل التنظيمية للمجتمع الدولي، وخاصة صوت إفريقيا في مجلس الأمن الدولي، الذي تتواجد فيه كل الأصوات الدولية السياسية ما عدا صوت القارة السمراء، ولذا عملت الجزائر منذ توليها منصب غير دائم في مجلس الأمن على المرافعة القوية والمراجعة الفورية داخل هيئة الأمم المتحدة أن يكون لإفريقيا صوت دائم في مجلس الأمن.
وأضافت بن يحيى في السياق، أن إفريقيا قارة حيوية بمواردها الطبيعية المستغلة من طرف قوى هي اليوم دائمة العضوية في مجلس الأمن، تسعى الجزائر خلال زيارة رئيس جنوب إفريقيا الى توطيد التعاون أكثر من أجل الدفاع عن مصالح الدول الإفريقية، والعمل سويا على هذا المسار من أجل تحقيقه على المدى القصير، مذكرة بالمواقف القوية فيما يخص القضايا المصيرية المتعلقة بالشعب الفلسطيني والشعبي الصحراوي في تحقيق استقلالهما والتأسيس لدولتهما.
كما توقّفت الأستاذة بن يحيى عند الإدانة التاريخية لجنوب افريقيا في محكمة الجنايات الدولية للكيان الفلسطيني، والتي ترتب عنها الحكم باعتقال القادة الصهاينة بارتكابهم جناية الابادة والتطهير العنصري داخل الاراضي الفلسطينية المحتلة، وهذا ما أكّدت وتتوافق عليه الجزائر دولة وشعبا في هذا الموقف الثابت، والمتعلق بالوقف الفوري لهذه الحرب والمجزرة اليومية المرتكبة في حق الشعب الفلسطيني الأعزل.
وأشارت المحلّلة إلى أنّ العلاقة بين الجزائر وجنوب افريقيا توجت من خلال ترؤس رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون للجنة العليا المشتركة للتعاون الثنائي، لتأكيد قوة العلاقات بين البلدين وارتباطهما البنيوي في الرفع من إمكانات القارة الإفريقية كقوة فاعلة رغم ما صنعه التاريخ بها من استعمار واستغلال وسيطرة، لافتة الى أنّ هناك مؤشرات التغيير في هذه القارة قادمة، وهذا ما تمّ تثمينه من خلال هذه الزيارة التاريخية بين الجزائر وجنوب افريقي.
من جهته، اعتبر الدكتور دريس يوسف أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، أنّ زيارة رئيس دولة جنوب إفريقيا الى الجزائر «مهمة»، لأن البلدان يسعيان الى توطيد العلاقة بينهما، فالشراكة الإستراتيجية يحتاج كلاهما اليها، بالنسبة للجزائر، فإنّ توطيد العلاقة مع جنوب افريقيا يمثل نوعا من التحالف فيما يحدث الآن على الساحة الافريقية والدولية.
أما جنوب افريقيا فهي تعد قوة فاعلة في القارة السمراء، لها علاقات تعاون متجذّرة مع الجزائر، تعزّزت من خلال «إعلان الشراكة الاستراتيجية بين البلدين»، والتي تعوّل عليها بلادنا لإيجاد حلول لبعض القضايا على غرار قضية الصحراء الغربية، والقضية الفلسطينية خاصة أن جنوب إفريقيا لعبت دورا مهما حين طالبت محكمة العدل الدولة بإدانة الكيان الصهيوني حول الإبادة في غزة، ورافقتها الجزائر في هذا المسار، الذي أسفر على ادانة ناتنياهو ومن معه من المتورطين في إبادة الشعب الفلسطيني في غزة.
ومن هذا المنظور، يعتقد الأستاذ دريس أنّ هذه الشراكة ترسم معالم محور «جزائر - بريتوريا»، وهذه نقطة مهمة بالنسبة لبلادنا، خاصة من الناحية الدبلوماسية لأن جنوب افريقيا لها دور في الاتحاد الافريقي، يمكن للجزائر ان تعتمد على هذا البلد في مجالات عدة منها المجال الاقتصادي، الصناعات المنجمية، وصناعة التكنولوجيات العسكرية.
وخلص المتحدث إلى أنّ الجزائر يمكن أن تستفيد من جميع هذه القطاعات، كما تمتلك الجزائر خبرات يمكن لجنوب افريقيا ان تستفيد منها في عدة مجالات، ولذلك يعتقد الأستاذ دريس انه من الأهمية بما كان توطيد الشراكة بين البلدين لأنها تخدم مصالح كلا الدولتين.