إرساء منظومة قاريّة قوامها الابتكار والتّكامل لتعزيز مكانة قارتنا
بناة النّهضــــــــــــة الأفريقيــــــــة رفضــــــــــــــــوا الاستعلاء والظّلـــــــــم بالثّـــــــــورة علـــــــــــــــــى الاستعــمـــــــــــار
التّحوّل بإفريقيــــــــــــا نحـــــــو الانـخــــــــراط في السّياق الاقتصادي التّنافسي العالمـــــــــــي
الجزائر قطعت أشواطا معتبرة لإرساء المقوّمات المطلوبة لاقتصــــــاد المعرفــــــــة
تجربــــــــة رائـــــدة لبـــــلادنــــــا مكّنتهـــــــا مـــــــــن تبـــــوّء موقــــــــــــع ريـــــــــادي بإفريقيـــــــــا
إصلاحات شاملـــــــة وجذريـــــــة جعلت مــــــــــن المؤسّســـــــــــــــات النّاشئـــــــــــــة قاطـــــرة الإنعـــــــــــــــــاش الاقتصــــــــــــــــــادي
وجّه رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، كلمة توجيهية بمناسبة افتتاح الطبعة الثالثة للمؤتمر الإفريقي للمؤسسات الناشئة (5-7 ديسمبر)، الخميس بالجزائر العاصمة، تلاها نيابة عنه الوزير الأول، السيد نذير العرباوي، هذا نصّها الكامل:
«بسم الله الرّحمن الرّحيم عليه نتوكّل وبه نستعين،
أصحاب المعالي الوزراء ورؤساء الوفود،
السيدات الفضليات، السّادة الأفاضل،
ضيوف الجزائر الكرام،
يسعدني أن أتوجّه إليكم بالتّحية وأنتم تجتمعون مجدّدا في الجزائر في هذا اللقاء، الذي أصبح موعدا قاريّا لتأكيد التزامنا كأفارقة برفع رهانات المستقبل، وإرساء أسس بناء منظومة قارية قوامها الابتكار والتكامل من أجل الاستغلال الأمثل لقدرات دولنا، وتعزيز مكانة قارتنا على الصعيد الدولي.
ووفاءً لروح التّعاون والتضامن الإفريقي، ولكفاح ونضالات الآباء والأجداد من أجل حرية وكرامة وازدهار الأفارقة في كل ربوع القارة، وتجسيدا لالتزامها بالعمل الإفريقي المشترك، تحتضن بلادي اليوم الطبعة الثالثة للمؤتمر الإفريقي للمؤسسات الناشئة. وهي مناسبة تتيح لكم فرصة اللقاء كجيل جديد من بناة نهضة إفريقيا. حاملين راية أسلافكم الذين - وعبر عقود مرهقة وظالمة عطّلت مسيرة إفريقيا واستباحت ثرواتها - رفضوا الاستعلاء والظلم بالثورة على الاستعمار ومناهضة الهيمنة، لتبقى تضحياتهم شاهدة على التكلفة الدامية، التي دفعتها إفريقيا لتعيش شعوبها حرّة سيّدة ومتضامنة.
إنّ إفريقيا الجديدة الناهضة، الوفيّة لتضحيات أجيال من الوطنيين والمقاومين في ربوع القارة، تلهمكم القدرة على رفع التحديات، وأنتم تتوجّهون إلى المستقبل بطموح الواثقين في صناعة النجاح، والمؤهلين للتحكم في تكنولوجيا العصر، باقتحام ميادينها الأكثر تعقيدا، كالذكاء الاصطناعي، الذي لا مناص من إدماجه في مسارات توطيد اقتصاد المعرفة في بلدانكم، وتوسيع مجالات ريادة الأعمال، ونطاق انتشار المؤسّسات الناشئة، كرافعة ارتكازية للاقتصاد المعاصر، ضامنة للنجاعة والمردودية الاقتصادية، مثلما ثبت ذلك في اقتصادات الدول المتطورة.
وما حرصكم على تنظيم هذا المؤتمر كتقليد معبّر عن إرادة خلق فضاءات إفريقية حاضنة للحوار والابتكار والمبادرة، إلا تجسيد لإصرار روّاد الأعمال، خاصة الشباب، على التحدي وتقديم إضافة نوعية لآليات التعاون الإفريقي. فمنتداكم هذا يعزّز الجهود القارية المشتركة، السّاعية إلى التحول بإفريقيا نحو الانخراط في السياق الاقتصادي التنافسي العالمي الراهن، الذي يتحقق لإفريقيا الجديدة وبمواردها البشرية المتنوّعة الهائلة، وبعصرنة ونجاعة اقتصاداتها وبكفاءات وإبداعات شبابها.
السيّدات الفضليات، السّادة الأفاضل
لقد قطعت الجزائر في ظرف قصير، منذ 2020، أشواطا معتبرة لإرساء المقوّمات المطلوبة لاقتصاد المعرفة. فبين أيدي الراغبين في الاستثمار، لاسيما الشباب اليوم، تحفيزات غير مسبوقة، لتجسيد مشاريعهم وتحويل ابتكاراتهم إلى إنجازات ملموسة تساهم في خلق الثروة، وتمكّننا من رفع التحديات التي نواجهها في مختلف المجالات.
وقد مكّنت هذه التجربة بلادي من تبوّء موقع ريادي في إفريقيا، بفضل إصلاحات اقتصادية شاملة وجذرية جعلت من المؤسّسات الناشئة قاطرة أساسية في مسار الإنعاش الاقتصادي، تحظى بمرافقة دائمة وتشجيع مستمر، من أبرز علاماته اعتماد صندوق خاص لدعم المؤسسات الناشئة ضمن منهجية عامة تهدف إلى تكريس أنماط تمويل مالي واسع، للإبداع والابتكار وريادة الأعمال، وخلق جسور للتواصل بين مؤسسات التكوين والبحث وعالم الأعمال، فضلا عن استحداث عدة مؤسسات لتثمين التكوين في الميادين ذات الصلة بالابتكار، ولاسيما في مجال الذكاء الاصطناعي الذي يحظى اليوم باهتمام متزايد كما يشهد به اختياركم له كشعار لهذه الطبعة.
السيدات الفضليات، السّادة الأفاضل،
إنّ الخطوات التي قطعتها الجزائر على درب بناء النظام البيئي المتكامل للمؤسّسات الناشئة ليست منفصلة عن الحركية التي تشهدها القارة الإفريقية على هذا الصعيد. وبالتأكيد فإنّ هذا المؤتمر يشكّل منصّة محورية تجمع الآلاف من روّاد الأعمال والمستثمرين والمبتكرين للتواصل وتبادل الأفكار، وبناء شراكات استراتيجية تساهم في تحويل التّحديات التي تواجهها قارتنا إلى فرص للنّجاح وكسب رهان التنمية المستدامة، وهو ما ينسجم مع أهداف أجندة الاتحاد الإفريقي 2063. وإنّنا لنعتقد بأنّ الهدف من هذا المؤتمر يتجاوز فكرة تنظيم أكبر تظاهرة تكنولوجية في القارة الإفريقية، فهو يؤسّس لنظام بيئي قاري متكامل يشمل التكوين والتمويل والاستثمار في البنية التحتية، وتكييف البيئة التشريعية المشجعة على الابتكار.
أتمنّى أن تكلّل أشغال مؤتمركم هذا بالتوفيق والنّجاح، مجدّدا التزامنا بإرادة إفريقية صادقة وقويّة لدعم مخرجاته في سبيل أن تكون إفريقيا جزءاً فاعلا في التحولات العالمية ومواكبة بجدارة للاقتصاد العالمي.
أشكركم على حسن الإصغاء،
والسّلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته».