تسوية ملف العقار الفلاحي..ضمانة أخرى لفلاحة قوية
يشكّل القطاع الفلاحي في الجزائر اليوم أحد أهم ركائز التنمية الاقتصادية والاجتماعية، خاصة مع التحولات الإستراتيجية التي تشهدها البلاد نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي، خاصة في المنتجات الإستراتيجية وتعزيز الأمن الغذائي والتحرر من الاعتماد المفرط على المحروقات.
جاءت تصريحات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بمناسبة خمسينية تأسيس اتحاد الفلاحين الجزائريين لتبرز الإنجازات المحققة، وتطرح رؤية جديدة لتحرير إمكانيات الفلاحين، وتعزيز دورهم في دفع عجلة الاقتصاد الوطني.
ويعكس وصول الناتج الخام الفلاحي إلى 37 مليار دولار، أي ما يعادل 15 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي تقدّمًا لافتًا، ولكنه في الوقت نفسه يفتح المجال أمام تساؤلات حول كيفية استدامة هذا التطور، وتعظيم الكفاءة الإنتاجية من خلال سياسات غير مركزية تمنح الفلاحين حرية اتخاذ القرار وتعالج احتياجاتهم بشكل جذري.
مؤشّــــــــــــــــرات واعــــــــــــــــــدة
يشير الخبراء إلى أنّ تحقيق القطاع الفلاحي بنسبة مساهمة بلغت 15 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي يعكس تحوّلًا نوعيًا في هيكلة الاقتصاد الوطني، خاصة في ظل التحديات المرتبطة بتقلبات سوق المحروقات عالميًا. علاوة على ذلك، فإنّ تحقيق نسبة نمو سنوية تتجاوز 5 ٪ يشكّل دليلاً واضحًا على نجاح السياسات الفلاحية الجزئية التي تم اعتمادها في السنوات الأخيرة. ومع ذلك، فإنّ هذه الإنجازات تحتاج إلى تعزيز، من خلال استراتيجيات بعيدة الأمد تركز على الابتكار وتوسيع المساحات الزراعية المسقية، وهو ما يتطلب استثمارات كبيرة في مشاريع الري واسترجاع المياه المستعملة، والاستثمار في صحراء الجزائرية واستصلاح الأراضي.
تعزيـــــــــــــز اللاّمركزيــــــــــــــــة
في نفس السياق، أوضح رئيس الجمهورية أنّ الانتقال من التسيير المركزي إلى التفكير اللاّمركزي يعد ضرورة ملحة لتحقيق كفاءة أعلى في القطاع الفلاحي، ويشير الخبراء إلى أنّ المركزية الإدارية غالبًا ما تكون عائقًا أمام اتخاذ القرارات السريعة التي تتطلبها طبيعة العمل الفلاحي. علاوة على ذلك، فإن تمكين الفلاح من اتخاذ القرارات المالية والإدارية بشكل مستقل يعزّز من إنتاجيته، ويزيد من استجابته للتحديات الميدانية، ومن الجدير بالذكر أن هذه الحرية لا تنحصر فقط في الإدارة، بل تمتد إلى ضمان حصول الفلاح على الموارد الضرورية مثل التمويل، الأراضي والخدمات التقنية.
بالإضافة إلى ذلك، أكّدت تصريحات الرئيس على أهمية تطوير البنية التحتية الزراعية، خاصة فيما يتعلق بغرف التبريد وشبكات النقل والتوزيع، التي تلعب دورًا أساسيًا في استقرار السوق ومكافحة المضاربة. كما أن الاستثمار في التكنولوجيا الزراعية الحديثة يفتح آفاقًا واسعة لتوسيع نطاق الإنتاج وزيادة جودته. وفي هذا الإطار، تبين الدراسات الحديثة أنّ توسيع المساحات المسقية واعتماد نظم الري المبتكرة يمكن أن يسهم بشكل كبير في تحسين الإنتاجية الزراعية، خاصة في ظل تزايد الطلب المحلي في الجزائر وزيادة الاستهلاك.
الأمـــــــــــــــــــــن الغذائــــــــــــــــــــي
علاوة على ذلك، أوضح رئيس الجمهورية أنّ الوصول إلى الاكتفاء الذاتي الغذائي يمثل أحد أهم أهداف الجزائر الإستراتيجية، وهو ما يتطلب تبني سياسات تدعم الإنتاج المحلي على حساب الواردات. كما أنّ التركيز على تطوير الصناعات التحويلية الفلاحية وتصدير المنتجات ذات القيمة المضافة يشكّل خطوة هامة نحو تنويع مصادر الدخل الوطني. وبالعودة إلى تصريحات الرئيس، يتبين أن المرحلة المقبلة ستشهد خطوات جادّة لتسوية ملف العقار الفلاحي، وهو ما يعد شرطًا أساسيًا لضمان استدامة الاستثمارات الفلاحية.