أوضحت رئيسة السلطة الوطنية العليا للوقاية من الفساد ومكافحته سليمة مصراتي، أن الجزائر وضعت منظومة قانونية متكاملة ترتكز أساسا على بناء دولة الحق والقانون وتعزيز الحكم الراشد، حيث عمل المشرّع الجزائري من خلالها على تطبيق مقتضيات محاربة الفساد ضمن قوانينه الأساسية وتنظيماتها وهياكلها.
تصبو الجزائر من خلال هذه المنظومة، للوقاية من الفساد وتحقيق التنمية الشاملة والنهوض بالاقتصاد الوطني في ظل تعزيز مبادئ الديمقراطية الإجتماعية، أضافت أستاذة القانون الدستوري في مداخلة افتتاحية ألقتها، أمس، في ملتقى دولي نظمه مخبر القانون والعقار لكلية الحقوق والعلوم السياسية بقاعة المؤتمرات لجامعة لونيسي علي بالعفرون في البليدة.
خلال هذا الملتقى، الموسوم بعنوان «الوقاية من الفساد ومكافحته لتحقيق مقتضيات التنمية المستدامة في القطاعات الاستراتيجية.. الطاقة، الصحة الغذاء»، أبرزت مصراتي أن ترقية السلطة الوطنية المستقلة من هيئة استشارية إلى مؤسسة رقابية واسعة الصلاحيات، بفضل الإصلاحات السياسية المترجمة في دستور 2020 الذي تضمن في مادته رقم 205 إنشاءها وتكليفها بوضع استراتيجية وطنية للوقاية من الفساد ومكافحته، مشيرة إلى أن هذه الاستراتيجية تم إطلاقها في 15 جويلية من عام 2023 وستكون مقتضياتها ملزمة لكل القطاعات الوزارية.
وأضافت المتحدثة: «أن استحداث السلطة بدستور الفاتح نوفمبر 2020 وترقيتها من هيئة استشارية إلى مؤسسة رقابية، مع منحها صلاحيات أوسع، أصبحت تحتل مكانة أساسية تؤهلها لتلعب دورا رياديا في تعزيز الشفافية والمساءلة والنزاهة على مستوى الجماعات المستهدفة، بغية بلوغ أعلى مؤشرات النزاهة والوقاية من الفساد ومكافحته».
ولفتت مصراتي إلى أن الجزائر، بصفتها أحد أطراف اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، التزمت بالإعلان السياسي لهذه الأخيرة في جوان 2021، وجسدت التزاماتها الدولية لمحاربة الفساد، وكذلك من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة- أجندة 2030، المعتمدة من قبل هيئة الأمم المتحدة سنة 2015، بغية القضاء على الفقر وضمان العيش الكريم في كنف السلم والازدهار.
وأكدت مصراتي بأن عملية الوقاية من الفساد، أصبحت نهجا إداريا بامتياز لتسيير الشؤون العامة وفق مقاربة حديثة هي الأكثر رواجا وانتشارا والتي ترتكز على إدماج واستعمال مختلف المعايير والأدوات المرتبطة بتعزيز الشفافية وأخلقة الحياة العامة على مستوى الجماعات المستهدفة في القطاع الاقتصادي العمومي والخاص والمجتمع المدني.
بدوره، يرى عميد كلية الحقوق والعلوم السياسية عبد الصمد عقاب، بأن الملتقى سمح بعرض وجهات النظر من طرف الباحثين والمتخصصين وبحضور ممثلين عن الهيئات المعنية بمكافحة الفساد. وأردف يقول: «الملتقى يتضمن جلسات حاولنا المزج بين الخبرات العلمية والخبرات الميدانية لأجل الوصول إلى نتائج قابلة للتطبيق، وسمحت مداخلات الأجانب بعرض تجارب بعض الدول في مكافحة الفساد وإمكانية تطبيقها على المنظومة التشريعية الجزائرية».
أما الدكتورة بن عثمان فريدة، مديرة مخبر القانون والعقار ورئيسة الملتقى، فقد أوضحت بأن التظاهرة العلمية عرفت مشاركة 290 أستاذ وباحث ومتخصص من الجزائر وسبع دول أجنبية، على غرار الصين الشعبية، باكستان، فلسطين، العراق، الأردن، عن طريق النظام الحضوري وتقنية التحاضر عن بعد.
وأضافت المتحدثة بالقول: «ركزنا خلال الملتقى على القطاعات الاستراتيجية، حيث حاولنا إيجاد آليات لتفعيل الوقاية من الفساد، لأن هذه القطاعات تبنى عليها الدول. فمثلا، لا يمكن لأي دولة أن تفرض نفسها في الاقتصاد العالمي دون الاستغلال الأمثل للطاقة. وعليه، يجب حماية هذا القطاع من كل أوجه الفساد، وكذلك الأمر بالنسبة للغذاء وهو القطاع الذي ينبغي تتخصص فيه وزارتا الصناعة والتجارة لمجابهة أوجه الفساد».