دعت الجزائر المجموعة الدولية إلى تنفيذ قرار المحكمة الجنائية الدولية، من خلال اتخاذ التدابير المطلوبة والضرورية بغرض تنفيذ مذكرتي الاعتقال في حق مجرمي الحرب الصهاينة، وتمكين العدالة الدولية من أخذ مجراها»، وذلك تكريسا لحتمية إنصاف وحماية الشعب الفلسطيني من حرب الإبادة التي يتعرض إليها منذ أكثر من سنة، محذرة من استمرار إفلات مجرمي الحرب الصهاينة من العقاب، خاصة بعد استخدام الفيتو الأمريكي ضد مشروع قرار وقف إطلاق النار قبل يومين.
جاء موقف الجزائر، الذي رحب بقرار المحكمة الجنائية الدولية، استمرارا لما نادت به منذ بداية العدوان الصهيوني على غزة. وكانت الجزائر ممثلة في رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، أول دولة تدعو إلى اللجوء بقوة إلى الهيئات القضائية الدولية، نظرا لتعدد الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال الصهيوني في غزة، والتي يعاقب عليها القانون الدولي الإنساني، حيث دعا السيد الرئيس، خلال إشرافه على افتتاح السنة القضائية يوم 6 نوفمبر 2023، «أحرار العالم والعرب والهيئات الدولية، إلى رفع دعوى قضائية أمام المحكمة الجنائية الدولية والمنظمات الحقوقية الدولية ضد انتهاكات الاحتلال الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني».
ونجحت مساعي الجزائر، رفقة دول أخرى، على رأسها جنوب أفريقيا، التي رفعت دعوى قضائية ضد الكيان بشأن ارتكابه جريمة الإبادة الجماعية في غزة. وأصدرت المحكمة قرارها الذي يأمر المحتل باتخاذ وضمان كافة التدابير لمنع الإبادة الجماعية، ورافعت أمام محكمة العدل الدولية، شهر فيفري 2024، لإنهاء الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية، وفرض احترام القانون الدولي عليه والحرص على امتثاله له.
ملاحقة المجرمين الصهاينة
في السياق، وفي شهر ديسمبر 2023، قادت النقابة الوطنية للقضاة الجزائريين والاتحاد الوطني لمنظمات المحامين، مبادرة دولية تحت مسمى «إعلان الجزائر»، شارك فيها محامون وقضاة من مختلف الدول العربية والأجنبية، لرفع دعاوى جزائية ضد مرتكبي الجرائم بحق الشعب الفلسطيني، ومخاطبة المنظمات والهيئات الدولية لمحاصرة هذا الاحتلال وملاحقته، وتقديم بلاغات إلى مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية.
مرافعات في مجلس الأمن
ومنذ توليها مقعدها بصفتها عضوا غير دائم في مجلس الأمن، قدمت الجزائر العديد من مشاريع القرارات لوقف العدوان، ومطالب باعتقال مجرمي الحرب ضد غزة. ففي شهر جانفي 2024، عقدت البعثة الدبلوماسية الجزائرية لدى الأمم المتحدة، عددا من الاجتماعات في مجلس الأمن، خصصت لفلسطين وللوضع في غزة تحديدا، وتمكنت من استصدار قرارات لصالح القضية على مستوى المجلس والجمعية العامة للأمم المتحدة، وكللت جهودها بتصويت مجلس الأمن وبالإجماع، شهر مارس الماضي، على مقترح وقف العدوان على غزة. وفي شهر فيفري من السنة نفسها، قدمت مشروع قرار بوقف فوري لإطلاق النار، صوتت عليه 13 دولة، وامتنعت بريطانيا وصوتت الولايات المتحدة الأمريكية ضده. ثم تبنى مجلس الأمن الدولي قرارا آخر، شهر جوان، تقدمت به الولايات المتحدة الأمريكية، واستطاعت الجزائر إدراج بعض التعديلات على النص النهائي لمشروع القرار «بما يتوافق مع تطلعات الفلسطينيين، وذلك في إطار البحث عن منفذ لإنهاء المجازر الصهيونية بحق المدنيين في غزة. وهما القراران الوحيدان اللذان تبناهما مجلس الأمن الدولي بشأن وقف إطلاق النار في غزة.
آليات متابعة القرارات
وعلى هامش النقاش العام للدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، طلبت الجزائر، يوم 27 سبتمبر الماضي، عقد اجتماع رفيع المستوى حول القضية الفلسطينية، دعت فيه المجلس إلى تحمّل مسؤولياته القانونية والسياسية والأخلاقية والإنسانية، إزاء ما يحدث ضد الفلسطينيين، مع ضرورة استصدار قرارات تساندها آليات متابعة ومساءلة حتى يتم ضمان تنفيذها، وضرورة «فرض السلام على كل من يرفضه ولا يؤمن به». وجددت الجزائر الدعوة، في الرابع أكتوبر الماضي، رفقة سلوفينيا، إلى عقد جلسة لمجلس الأمن حول الوضع الإنساني في غزة، بالتوازي مع المطالبة بضرورة وقف فوري لإطلاق النار، باعتباره «حاجة ملحة» لتجنب تصعيد التوتر في منطقة الشرق الأوسط، في ظل تواصل العدوان الصهيوني الهمجي على القطاع.