استغلال الموارد البشرية والباطنية وتحويلها إلى قيمة مُضافة

أوراق رابحـــة لنجاعة طاقوية مُستدامة

فضيلة بودريش

 

  تثمين الطاقة الأحفورية ومواصلة الاستثمار في مجال الطاقات المتجدّدة

حسمت الجزائر في خياراتها الطاقوية، بعد أن جعلت الاستثمار مفتاحا لتطوير البنى واستغلال أكبر لمختلف مواردها الباطنية والطبيعية، وفي هذا الإطار تعكف على استغلال مواردها البشرية والباطنية لتحويل الثروات إلى قيمة مضافة، وتراهن على استغلال مداخيل الطاقة، لتنمية اقتصادها وتنويع قاعدتها الإنتاجية، وأدركت جيدا أن التحوّل الطاقوي السلس والحتمي، ينبغي أن يكون متنوّعا يجمع بين إنتاجها للمحروقات الأحفورية والغاز الطبيعي وكذا الطاقة النظيفة، كما أنها تنوي الشروع في إطلاق أولى مناقصاتها للتنقيب عن النفط في عرض البحر كأقصى تقدير في آفاق عام 2026.

ركز برنامج السيد الرئيس على التعجيل في تجسيد الانتقال الطاقوي الذي انطلق بنجاح وثقة كبيرة، مرتكزا على النجاعة الطاقوية ومعمقا الاستثمارات في مجال الطاقات المتجدّدة، بشكل يستجيب لاحتياجات الاستهلاك المحلي والرفع من مستويات التصدير نحو أسواق خارجية، لأن الزبائن خاصة في القارة الأوروبية، ينظرون إلى الجزائر كشريك مفضل وموثوق وآمن، وتسعى الجزائر من خلال هذا البرنامج الكبير، للوصول بحلول آفاق عام 2030 إلى 30 بالمائة من الطاقات المتجدّدة في المزيج الطاقوي الوطني.
ومنذ السنوات القليلة الماضية، بدأت خطوات الجزائر تتمدّد للمحافظة على موقع مهم في أسواق الطاقة العالمية والتي لا تهدأ من حيث المنافسة وتذبذب الأسعار واختلال العرض والطلب، وسط تنامي الطلب المتزايد على مورد الطاقة، وحملت الإستراتيجية الوطنية للطاقة التي شدّد فيها رئيس الجمهورية على ضرورة رفع الإنتاج خاصة في الغاز الطبيعي والمسال، والذي يعدّ طاقة نظيفة على العديد من التعليمات الصارمة والذكية، وشكّلت ورقة الطريق، تسعى الجزائر من خلالها لرفع قدرات إنتاجها من الغاز الطبيعي بنسبة لا تقل عن حدود 30 بالمئة خلال الخمس سنوات المقبلة.
ونجحت بالفعل في الرفع من قدراتها الإنتاجية، بل وتمكنت من تحقيق العديد من الاستكشافات المهمة في مجال الغاز والمحروقات، وفوق ذلك تسير بثقة من أجل مواصلة الاستثمار في مجال الطاقات المتجدّدة لاسيما الشمسية، لأنها تعد البلد الرائد من حيث الإمكانيات، ولعلّ من الأهداف الجوهرية المرجوة من خلال الرهانات المرفوعة بناء مستقبل طاقوي مستدام.
إن مكانة الجزائر كأحد أكبر عشرة بلدان منتجة للغاز الطبيعي في العالم، عزّز ثقتها أكبر في شق الطريق لاستغلال هذه الإمكانيات في الانتقال الطاقوي المنشود، وفي كل مرّة تحقق وثبة محسوسة، وخبرتها الطويلة في مجال صناعة الغاز والطاقة بعمر ستة عقود، أهلتها بتفوق لتصبح قبلة للمستثمرين والزبائن بهدف تحقيق المزيد من الاستكشافات الكبرى والرفع من القدرات الإنتاجية، ولتتقاسم معهم التكنولوجيا والخبرة وكذلك الأرباح.
عمــــــــــــــــــــــــــــــلاق رائــــــــــــــــــــــــــــد
في كل مرّة، يؤكد مجمع سوناطراك أنه أحد الشركات العملاقة في قطاع الطاقة، وعلى مدار عقود من الزمن، أثبت ريادته وخبرته المهمة ونجاعة أدائه، ومازال يلعب دورا محوريا كمحرك للتنمية الاقتصادية، على اعتبار أنه رصد ما لا يقل عن 50 مليار دولار كاستثمارات مهمة للفترة الممتدة من 2024 إلى غاية 2028، ومن المقرر أن توجه هذه الموارد المالية لفائدة الاستكشاف وإنتاج النفط والغاز، وإلى جانب تطوير صناعة البتروكيماويات التي بدأت ترتسم أفق تطويرها وضخّها للثروة في ظل إمكانيات الجزائر المعتبرة.وتعوّل سوناطراك على تطوير البحث وتعميق الاستكشاف، من أجل رفع قدراتها الإنتاجية وهل هذا الهدف القائم متاح. ومن الطبيعي أن يتم تسخير نحو 36 مليار دولار للاستكشاف والإنتاج في الصحراء الجزائرية الغنية بالنفط والغاز والعديد من المناجم النفيسة، أما الغلاف المالي المقدر بحوالي 14 مليار دولار موجه لفائدة عدة أنشطة، على غرار تحديث المنشآت وتجهيزها بأحدث التقنيات، وتأهيل المصافي، وتقوية الاستثمارات في مجالات عديدة، من بينها نذكر كل من البحث والتطوير والابتكار. ومعتمدة على إطاراتها في مجمعي سوناطراك وسونلغاز تطمح الجزائر لأن تكون منتجا وممونا عالميا محوريا في العالم، لأنها انطلقت في تجسيد مشاريع ضخمة وعملاقة، يتصدره مشروع ضخم لربط شبكة كهرباء الجنوب الكبير بالشبكة الشمالية، وضخت استثمار لا يقل عن سقف 3 ملايير دولار، بهدف تعزيز إمدادات الكهرباء المحلية وفتح آفاق التصدير إلى القارة أوروبا عبر فتح قنوات جديدة لتموين العديد من البلدان المجاورة، بما فيها الإفريقية، ويرمي المشروع المدمج “ميدلينك” إلى إنتاج 5000 ميغاوات من الطاقة المتجددة، بالإضافة إلى إنجاز شبكة نقل عبر خط بحري بقدرة 2000 ميغاوات توتر عالي مستمر، يربط الجزائر بإيطاليا، ينتظر منه الكثير على صعيد التحول في مجال الطاقة المتجددة وتغيير الوجه التنموي للمنطقة.وكانت شركتي “سوناطراك” و«سونلغاز”، خلال الأسابيع القليلة الماضية، قد وقعت على مذكرة تفاهم مع عدة شركات أوروبية بقيادة الشركة الألمانية VNG، من أجل القيام بدراسات للشروع في إنتاج الهدروجين الأخضر. كما أبرمت سوناطراك مذكرة تفاهم مع شركة “سيبسا” الإسبانية للتعاون في إنتاج الهيدروجين الأخضر بطاقة 200 ميغاواط، ودراسة إمكانيات تصديره إلى إسبانيا، وجذبت الجزائر بقدراتها اهتماما أوروبيا لأن تكلفة إنتاج الهدروجين الأخضر في الجزائر منخفضة، من خلال استعمال الطاقة المتجددة على غرار الرياح والطاقة الشمسية، وترشح الجزائر في السنوات المقبلة أن تصبح محورا هاما في إنتاج الطاقة الخضراء وتموين جيرانها في القارة الأوروبية على وجه الخصوص.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19753

العدد 19753

الإثنين 21 أفريل 2025
العدد 19752

العدد 19752

السبت 19 أفريل 2025
العدد 19751

العدد 19751

الجمعة 18 أفريل 2025
العدد 19750

العدد 19750

الأربعاء 16 أفريل 2025