يراهن رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، على تطوير الصناعة والصناعة الدوائية، خلال عهدته الرئاسية الثانية، جاعلا المواطن نصب عينيه ومن بين أولى أولوياته، من خلال اعتماد استراتيجية واضحة المعالم، وذلك بإعطاء نفس جديد للقطاع الصناعي بعد ضخّه لدماء جديدة في حكومة الوزير الأول نذير العرباوي التي عيّنها قبل أيام قليلة، حيث تبرز وجود حقيبتين وزاريتين في قطاع الصناعة والإنتاج الصيدلاني بشكل واضح، أهمية القطاع الصناعي في النسيج الاقتصادي الجزائري وتحقيق النهضة المنشودة في البلاد.
هيام لعيون
تنتظر سيفي غريب، وزير الصناعة المعيّن حديثا ملفات ثقيلة في إطار تعهدات الرئيس تبون بالعمل على بلوغ 15 مليار دولار كصادرات خارج المحروقات، وبـ 30 مليار دولار كصادرات خارج المحروقات خلال العهدة الثانية له، والحفاظ على احتياطي الصرف وتعزيزه.
وعلى طاولة الوافد الجديد إلى قصر المرادية الدكتور سعدان وهو ابن القطاع ملفات ثقيلة ومهام كبرى، ضمن المعركة الاقتصادية المستمرة التي تخوضها الجزائر منذ سنة 2020، في ظل وجود تحدّيات كبيرة، من أجل بلوغ الأهداف المنشودة في البرنامج الانتخابي للرئيس، خاصة ما تعلق بالوصول بالناتج الداخلي الخام الى 400 مليار دولار، وبلوغ معدلات نمو مرتفعة، كما يصبو الرئيس بأن تحقّق الجزائر المراتب الأولى إفريقيا وعربيا ضمن أقوى الاقتصاديات.
تحدّيــــــــــــــــــــــــــات كـــــــــــــــــــــــــبرى
هذه المهام الملقاة على القطاع، قابلها الوزير سيفي غريب خلال تسلم مهامه، بالقول أنه سيعمل على “على دفع صناعة تطويرية حديثة بحسب المستلزمات التي نعيشها حاليا، تحت شعار صناعة تطويرية، تعتمد على أساليب علمية وحديثة من خلال انتهاج إستراتيجية جديدة، تعتمد على تثمين الإطارات الجزائرية لرفع التحدي داخل وخارج الوطن، والعمل على مشاريع إستراتيجية لتثمين المنتوج الوطني وبعث الصناعة الجزائرية بالعمل سويا”.
ويقينا منه بأن الجزائر تعيش معركة اقتصادية، مستمرة ومقبلة على تحديات عديدة، فقد تعهد الرئيس ضمن برنامجه الانتخابي على رفع سقف الطموح الاقتصادي، وأشار إلى أنه لابد أن يساهم قطاع الصناعة بـ 12 بالمائة في الناتج الداخلي الخام، خاصة وأن القطاع يعد من بين أكبر القطاعات استقطابا للاستثمارات عموما، حيث يمثل 47 بالمائة من إجمالي المشاريع المسجلة بالوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار بعد سنتين من بدء نشاطها. حيث تسعى الوصاية من الرفع من المشاريع ذات الصلة للجزائريين أو الأجانب.
ومن بين أهم التحديات المرتبطة بقطاع الصناعة ضرورة وضع سياسة تصنيع جديدة موجهة نحو الصناعات المصغرة والصغيرة ومتوسطة الحجم بهدف، تلبية الطلب الوطني، والعمل المستمر على دعم الشباب عبر المؤسسات الناشئة لتقوية نشاطها في استقطاب المزيد من المشاريع الاستثمارية في قطاع الصناعة واستبدال المنتجات المستوردة بالمنتجات المحلية لتخفيض الواردات والحفاظ على احتياطي الصرف مع استحداث وإعادة تنظيم خارطة المناطق الصناعية برؤية جديدة تساهم في خلق التوازن الصناعي ما بين الولايات، وتهيئة المناطق الصناعية بكل الوسائل العصرية.
وتبرز هنا أيضا شعبة الصناعات التحويلية، حيث أنها تشهد حاليا تراجعا شبه كليا للمنتوجات الغذائية المستوردة وتطور كبير للمنتوج الوطني، خاصة وأن منحى ارتفاع الصادرات خارج المحروقات، يتوقف على القدرة على الاستمرار في تطبيق الإجراءات والتدابير المتخذة لحد الٱن والاستمرار في معالجة كل المشاكل المرتبطة بالتصدير، تمكنها من الإسهام في إخراج الاقتصاد الجزائري من التبعية التاريخية للمحروقات، من خلال تبسيط وتسهيل الإجراءات أمام المستثمرين بشكل كبير.
ملف السيارات .. المواطن في صلب الاهتمام
ولا يمكن فتح موضوع آفاق الصناعة خلال السنوات الخمس المقبلة، دون التطرق لملف السيارات الذي يعني المواطن بالدرجة الأولى، حيث من المنتظر وبعد التأخر المسجل، يتجه القطاع لاعتماد استراتيجية التصنيع الحقيقية وفق تعهدات الرئيس، وهذا لتحقيق صناعة سيارات من المنتوج المحلي والذهاب بعيدا، لم لا الى التصدير، وهو ما سيسمح بخلق فرص عمل للشباب وبخلق الثروة، خاصة وأن الجزائر تسجل حاليا حوالي 200 مؤسسة في مجال المناولة مستعدة للعمل وإنتاج قطع غيار السيارات مصنعة محليا.
كما تعمل الوصاية حاليا على إنشاء مصانع السيارات، التي يفترض أن تخصّص لها عقارات خاصة، تتضمّن مساحات كبرى ومناسبة وقد فتح مفاوضات أخرى مع شركات ناشطة في هذا المجال، بعدما دخلت العديد من العلامات على الخطّ، ودخول أخرى الى الجزائر، مما سيوفر نوعا من المنافسة، والهدف هو إيصال السيارة إلى المواطن الجزائري بسعر مناسب، الى جانب إيجاد الحلول المناسبة لقطع غيار السيارات الذي يجب أن يفتح الباب فيه واسعا للاستثمارات بالجزائر.
رهانـــــــــــــــــــــــــــــــات كبـــــــــــــــــــــــــــيرة
ولثقلها، ووعيا منه وحرصه على ضرورة التأمين الصحي للجزائريين، عيّن الرئيس تبون فؤاد حاجي كوزير منتدب لدى وزير الصناعة، مكلّف بالإنتاج الصيدلاني، حيث يولي رئيس الجمهورية هذا الملف أهمية كبيرة، إذ يسعى لتطوير المجال وجعل من الجزائر قطبا صناعيا صيدلانيا بين الدول، وتحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليص فاتورة الاستيراد.
كما يسعى الرئيس إلى تعزيز الإنتاج المحلي وضبط الواردات الصيدلانية الوطنية، من أجل تقليص فاتورة الاستيراد، للحفاظ على احتياطي الصرف، والسعي لتصدير المنتوج الجزائري الذي بات مطلوبا لدى الكثير من دول الإفريقية، خصوصا أن الجزائر أصبحت من أهم منتجي الأدوية في إفريقيا بـ 203 شركة، في حين بلغت الصادرات الصيدلانية 12.6 مليون دولار سنة 2023، مع تسجيل تطور الصناعة الصيدلانية وتجاوزها نسبة 70 بالمائة من تغطية السوق الوطنية، وفق أرقام رسمية.
ويبقى الهدف المنتظر من الوزير المنتدب لدى وزير الصناعة المكلف بالإنتاج الصيدلاني، هو تعزيز الإنتاج وتطوير النّسيج في هذه الشعبة الصناعية، وفتح باب الاستثمار واسعا أمام المتعاملين الاقتصاديين بعد رفع العراقيل، بغية الوصول الى تحقيق الأمن الصّحي في الجزائر عبر تحقيق الاكتفاء الذاتي من الأدوية.