أصبح قطاع التربية الوطنية، بعد تعيين محمد الصغير سعداوي وزيرا جديدا، أمام تحديات ورهانات كبيرة لتجويد نوعية التعليم والارتقاء بالمنظومة التربوية، خاصة وأن هذا الأخير يتكفل بما يقارب 12 مليون تلميذا في مختلف المستويات التعليمية، 1062982 مستخدما، منهم 611727 أستاذا و451255 موظفا إداريا، يزاولون مهامهم في حوالي 30 ألف مؤسسة تعليمية.
ينتظر الوافد الجديد على قطاع التربية محمد سعداوي، الكثير من الملفات الهامة التي يجب استكمالها للوصول إلى جودة التعليم والارتقاء بأداء المنظومة التربوية لتستجيب لطموحات الأمة، بما يتيح تحقيق النوعية والكيفية المطلوبتين، ومن خلال العمليات التي ترمي إلى تكييف أداء المنظومة التربوية مع متطلبات المرحلة الجديدة، وإدراج التحسينات الضرورية لتحقيق الأهداف المسطرة في برنامج رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون.
وستكون البداية باستكمال الملفات التي أولتها الحكومة أهمية بالغة والمتعلقة بإصدار القانون الأساسي الخاص بالموظفين المنتمين لأسلاك التربية الوطنية، الذي تم معالجته على مستوى المديرية العامة للوظيف العمومي وكذا الأمانة العامة للحكومة من خلال عدة اجتماعات، وسيتم صدوره وفق التاريخ المحدد من قبل رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون.
وسيحقق محمد صغير سعداوي، الذي يتمتع بخبرة واسعة في قطاع التربية والتعليم العالي، انطلاقة جديدة في القطاع بعد صدور القانون الأساسي الذي سيسمح لمنتسبي التربية بالحصول على العديد من المكاسب، لاسيما وأنه كان قد خضع للإثراء من طرف جميع النقابات دون استثناء وحظي باهتمام رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الذي أكد حرصه على أن يمنح هذا القانون المكانة اللائقة «للمربي». الوافد الجديد، أمام تحدي إكمال ما مضى فيه الوزير السابق بلعابد، خاصة ما تعلق بتخفيف البرامج والتركيز على التعلمات الأساسية»، لاسيما وأن الوزارة قد خففت المواد التي يتلقاها التلميذ في الطور الأول من التعليم الابتدائي وذلك بتأجيل تدريس بعض المواد إلى الطور الثاني قصد تعزيز التعلمات الأولية للتلميذ، والتي حصرها المختصون في مواد الهوية.
أما بالنسبة للرقمنة، فالوزير الجديد محمد سعداوي مطالب بالمواصلة على نفس الدرب أو مضاعفة الجهود أكثر، خاصة وأن الدولة أصبحت تعتمد الرقمنة في القطاع بنسبة 100٪ وتقوم بتعميم تجهيز المدارس الابتدائية باللوحات الإلكترونية تخفيفا لوزن المحفظة المدرسية، وتبذل الجهود لمواصلة التحول الرقمي في القطاع لتحقيق نظام معلوماتي متطور قادر على مواكبة التحولات الحاصلة وتعزيز الأداء التربوي، بما يتوافق مع الأهداف التي من أجلها أقر الرئيس رقمنة جميع القطاعات الوزارية، بما فيما قطاع التربية الوطنية.
سيتواصل أيضا تدريس اللغة الإنجليزية في مرحلة التعليم الابتدائي، بدءاً من السنة الثالثة، مع ضمان التأطير المتخصص لها ولمادة التربية البدنية، وإعادة هيكلة مواد ومواقيت الطور الأول للتعليم الابتدائي، مع تأسيس امتحان تقييم مكتسبات مرحلة التعليم الابتدائي، ثم توسيعه ليشمل الأطوار الثلاثة لهذه المرحلة التعليمية، يساعده في ذلك خبرته في قطاع التعليم العالي والبحث العلمي، التي ستعطي الجانب البيداغوجي حيزا هاما من الاهتمام.
ملف آخر ينتظر العمل عليه، يتعلق بتسوية وضعية الأساتذة المتعاقدين، المهنية والمادية والمالية، من خلال إيجاد السبل والطرق الصحيحة قانونيا لإدماجهم في المنصب، وهذا لعدة أسباب، أولها استحداث الأستاذ المتخصص بمرحلة التعليم الابتدائي وترسيم تدريس مادة اللغة الانجليزية بجميع المدارس، هي مشاريع أطلقها ودعمها رئيس الجمهورية، بحاجة لجهود أكبر لتجسيدها ميدانيا.
كما يتزامن تنصيب الوزير الجديد وتوزيع الغلاف الميزانياتي لقطاع التربية الوطنية المخصص في قانون المالية لسنة 2025، والذي يتضمن، بحسب ما أعلن عنه الوزير السابق بلعابد، برنامج التعليم وبرنامج التكوين وبرنامج الحياة المدرسية والتحويلات الاجتماعية وبرنامج الإدارة العامة، في حين يحتوي كل برنامج على 4 أبواب تشمل نفقات المستخدمين ونفقات تسيير المصالح ونفقات الاستثمار، ونفقات التحويل وغيرها من المشاريع التي قطع فيها وزير التربية الوطنية السابق أشواطا، تنتظر فقط استكمال مسيرة التنفيذ.
وعليه، فإن وزارة التربية أمام تحديات تعليمية كبرى لتجسيد برنامج رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، بخصوص الارتقاء بالمدرسة العمومية الجزائرية وبمهنة المعلم، والتي تحتاج فقط تشخيصا وتقييما حقيقيا للمواصلة في مسار التحسين والإصلاح.