سلّط وزير المالية لعزيز فايد خلال عرضه لمشروع القانون أمام أعضاء مجلس الأمة، الضوء على بعض الجوانب المهمة التي تساعد على فهم السياق التاريخي لنص القانون، والإطار الذي يندرج فيه، مركزا على عرض توقعات الإغلاق لسنة 2024، ونفقات وإيرادات سنة 2025، وتوزيع ميزانية الدولة حسب عنوان النفقة، وكذا أهم التدابير التشريعية حسب المحاور الكبرى.
أكّد الوزير خلال عرضه للمشروع، أن السلطات العمومية ستواصل من خلال نص هذا القانون متابعة التدابير المتخذة في الخمس سنوات الأخيرة، التي تهدف خاصة إلى تعبئة موارد إضافية مخصّصة لدعم وتفعيل التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، وتنويع الاقتصاد من خلال دعم الاستثمار وترقية مختلف المبادرات، وبعث المشاريع المهيكلة الكبرى، بالإضافة إلى ترقية التحول الطاقوي ورقمنة مصالح الدولة ودعم اقتصاد المعرفة، وكذا تعبئة موارد جبائية إضافية حسب إمكانية مساهمة كل مكلف، والتحكم في تسيير الدين العمومي مع الاستجابة لاستحقاقات الدين الخاص بالتمويل غير التقليدي للفترة الممتدة من 2025 إلى 2027.
وقد ناقش أعضاء مجلس الأمة المشروع على مدار يومين في جلسة علنية ترأّسها صالح قوجيل، رئيس المجلس، بحضور وزير المالية لعزيز فايد وعدد من أعضاء الحكومة، وذلك بعد يوم واحد من المصادقة على هذا النص من قبل نواب المجلس الشعبي الوطني بالأغلبية.
تمحورت مداخلات أعضاء المجلس في مجملها حول التحفيزات الضريبية والجبائية التي جاءت في هذا النص، وكذا الاعتمادات المالية المخصصة للسنة المقبلة، بالإضافة إلى جملة الاجراءات الرامية لتشجيع الاستثمار والمشاريع الخلاقة للثروة.
كما أكّد المتدخّلون على ضرورة تسريع وتيرة تنويع الاقتصاد لخلق موارد مالية بديلة عن المحروقات، داعين إلى الحد من التعامل النقدي الذي تخلى عنه عدد كبير من الدول، والذي تفرضه المرحلة الجديدة التي دخلتها الجزائر من تنويع للاقتصاد وإنجاز المشاريع الاستثمارية، لتطوير الاقتصاد الوطني.
كما أشاد المتدخّلون بتعزيز المكاسب المحققة والعمل بنفس الديناميكية قصد تحقيق الأهداف المسطرة مستقبلا، مثمّنين مجموعة التدابير التي تضمنها نص القانون، والتي تندرج في إطار الحفاظ على الطابع الاجتماعي للدولة وحماية القدرة الشرائية للمواطنين، مشيرين إلى أن الأرقام المحققة تتناسب مع التوقعات والتقارير الصادرة عن الهيئات الدولية.
أما اللجنة الاقتصادية والمالية لمجلس الأمة، فقد جاء في تقريرها التمهيدي الذي قرأه رئيسها أول أمس، أن مشروع قانون المالية لسنة 2025 يكتسي أهمية بالغة، حيث تسعى السلطات العمومية من خلاله للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي، بمتابعة التدابير المتخذة في السنوات السابقة، التي تهدف أساسا لتعزيز النمو الاقتصادي، وتكريس الأمن المائي والغذائي المستدام، والحفاظ على مكاسب العدالة الاجتماعية لاسيما حماية القدرة الشرائية للمواطن من جهة، وبعث المشاريع المهيكلة من جهة أخرى، كما شدّد على ضرورة ترشيد الانفاق العمومي، وذلك من خلال مواصلة الإصلاح الميزانياتي وعصرنة الأنظمة المعلوماتية وتسريع التحول الرقمي.
وتطرّق التقرير الى ملف الرقمنة، والى ضرورة العمل على تسريع وتيرتها لتطبيقها في كل القطاعات خاصة قطاع المالية، مع التأكيد على مدى أهميتها في التحويلات البنكية وتحسين المعاملات التجارية، كما جاء فيه تقدير جهود الحكومة في مجال الإصلاح الاقتصادي، سيما من خلال تشجيع الاستثمارات المحلية وتقليص فاتورة الاستيراد ومحاربة التزوير والفساد.
وشكّل العجز المسجل في الميزانية محور اهتمام اللجنة التي تساءل أعضاؤها عن كيفية تغطيته، وكذا عن المشاريع التي لم يتم رفع التجميد عنها، وآليات استكمال البرامج التنموية المحلية لاسيما في مجال الري، الفلاحة، السكن، الصحة وغيرها.